للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِلرَّاهِنِ قِيمَتُهُ) حَيًّا (وَأَرْشُ نَقْصِهَا) إنْ نَقَصَتْ، وَهُوَ (مَرْهُونٌ، وَلَيْسَ فِي جَنِينِ الْبَهِيمَةِ الْمَيِّتِ إلَّا أَرْشُ نَقْصِ الْأُمِّ) إنْ نَقَصَتْ، وَيَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْئِهَا، وَهُوَ مَرْهُونٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ عُشْرَ قِيمَةِ الْأَمَةِ أَمَّا الْحَيُّ إذَا مَاتَ بِالضَّرْبِ فَيَجِبُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ.

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ الْفَكَاكُ) لِلرَّهْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا (وَيَقَعُ) أَيْ يَحْصُلُ (بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ (وَبِتَلَفِ الْمَرْهُونِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ (فَإِنْ جَنَى) الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (قُدِّمَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيَّنٌ فِي الرَّقَبَةِ، وَحَقَّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَبِالرَّقَبَةِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فَأَوْلَى أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى حَقِّ الْمُتَوَثِّقِ (فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِيمَا إذَا أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا (أَوْ وَجَبَ) بِهَا، وَلَوْ بِالْعَفْوِ عَنْهَا (مَالٌ قَدْرُ قِيمَتِهِ بِيعَ) لِحَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ) فِيهَا، وَفِيمَا قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَ فِيهِ الْقِصَاصُ نَعَمْ إنْ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِأَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِ غَاصِبٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ بَلْ تَكُونُ قِيمَتُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَلَوْ قَالَ وَبِيعَ بَطَلَ كَانَ أَوْضَحَ (أَوْ) قَدْرُ (بَعْضِهَا بِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِهِ) ، وَالْبَاقِي مَرْهُونٌ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) بِيعَ بَعْضُهُ (أَوْ نَقَصَ بِالتَّبْعِيضِ) قِيمَتُهُ (بَاعَ الْكُلَّ، وَبَقِيَ الْفَاضِلُ) عَنْ الْأَرْشِ (رَهْنًا فَإِنْ عَفَا) عَنْ الْأَرْشِ (أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ) أَوْ غَيْرُهُ (بَقِيَ رَهْنًا) بِحَالِهِ (فَلَوْ بِيعَ) فِي الْجِنَايَةِ (وَعَادَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فِيهِ لَمْ يَعُدْ رَهْنًا) لِانْفِكَاكِهِ بِالْبَيْعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ السَّيِّدُ بِالْجِنَايَةِ (فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِالْجِنَايَةِ، وَهُوَ مُمَيِّزٌ فَلَا أَثَرَ لِإِذْنِهِ) فِي شَيْءٍ (إلَّا) فِي (الْإِثْمِ) فَيَأْثَمُ بِهِ (أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ) لِلسَّيِّدِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ (فَالْجَانِي هُوَ السَّيِّدُ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الضَّمَانُ (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ مَالٌ) ، وَلَا قِصَاصَ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ فِي الْفِعْلِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (أَنَا أَمَرْته) بِالْجِنَايَةِ (فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَطْعَ حَقِّهِ عَنْ الرَّقَبَةِ (بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ) لِتَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ (لِإِقْرَارِهِ) بِأَمْرِهِ بِالْجِنَايَةِ.

(فَصْلٌ) (وَإِنْ جَنَى) عَمْدًا (عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ أَوْ عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ سَيِّدِهِ (اقْتَصَّ مِنْهُ) انْتِقَامًا، وَزَجْرًا، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجَانِبِ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ (وَلَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا يُوجِبُ مَالًا (لَمْ يَثْبُتْ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ فَيَبْقَى الرَّهْنُ كَمَا كَانَ (وَكَذَا) يَقْتَصُّ مِنْهُ، وَلَا يَثْبُتُ مَالٌ (إنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ) أَوْ عَبْدَهُ غَيْرَ الْمَرْهُونِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَرْهُونِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى طَرَفِ عَبْدِ سَيِّدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ جَنَى خَطَأً عَلَى طَرَفِ مَنْ يَرِثُهُ السَّيِّدُ) كَأَبِيهِ (أَوْ) طَرَفِ (مُكَاتَبِهِ يَثْبُتُ الْمَالُ، وَلَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ) فِي الْأُولَى قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِمَوْتِهِ أَوْ عَجْزِهِ، وَلَوْ قَالَ، وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى السَّيِّدِ لَشَمَلَهُمَا (فَيَبِيعُهُ) أَيْ الْعَبْدُ (فِيهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِيهِ أَيْ مَالِهَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا، وَقِيلَ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ انْتِقَالِهِ إلْحَاقًا لِلِاسْتِدَامَةِ بِالِابْتِدَاءِ فِي امْتِنَاعِ ثُبُوتِ دَيْنٍ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ فِي الْمُوَرِّثِ، وَقِيسَ بِهِ الْمُكَاتَبُ.

وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ لِنَقْلِهِ لَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقْلِهِ لِلثَّانِي عَنْ تَصْحِيحِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْإِمَامِ خَاصَّةً، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ عَنْ دَلِيلِ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا فَيَقْتَصُّ مِنْهُ فَإِنْ عَفَا عَلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّةِ مَالِكِهَا

[فَرْعٌ ضَرَبَ إنْسَانٌ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الرَّهْنِ]

(قَوْلُهُ وَيَقَعُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) يُسْتَثْنَى التَّرِكَةُ إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْفَسْخَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالْفَكُّ يُفَوِّتُهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ) لَوْ فَكَّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي بَعْضِ الْمَرْهُونِ انْفَكَّ وَصَارَ الْبَاقِي رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِهِ بِلَا بَدَلٍ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى غَاصِبِهِ بِالْقِيمَةِ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا وَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي ضَرْبِهِ فَتَلِفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ نَقَلْت حَقَّك إلَى عَيْنٍ أُخْرَى وَرَضِيَ بِهِ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَنْتَقِلْ بِلَا فَسْخٍ وَعَقْدٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيَّنٌ فِي الرَّقَبَةِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ سَقَطَ حَقُّهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَغْصُوبًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَبِيعًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَنْ لَا يُقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَوْ قُدِّمَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُشْتَرِي. اهـ. يُقَدَّمُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ.

(قَوْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ) أَيْ قَهْرًا (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ فِي النَّفْسِ أَمَّا لَوْ اقْتَصَّ فِي الطَّرَفِ فَالرَّهْنُ يَبْقَى بِحَالِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى السَّيِّدِ الْقِيمَةُ لِإِقْرَارِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَضْمُونَ قَوْلِ الرَّاهِنِ إنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ وَقَعَ ظُلْمًا فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَا أُخِذَ مِنْهُ رَهْنًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَرْشَ الَّذِي قَوْلُ الرَّاهِنِ إنَّهُ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أُخِذَ بَدَلَ الرَّهْنِ ظُلْمًا فِي جِنَايَتِهِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَجُعِلَ الْأَرْشُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مَكَانَهُ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ بِمَالِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلِذَلِكَ أَصْلٌ سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ وَالْحَوَالَةِ وَتَوْجِيهُ الظَّفَرِ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ السَّيِّدِ إنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَبْدِ ظُلْمًا فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَهُ عَلَى السَّيِّدِ الْأَرْشُ وَهُوَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ

[فَصْلٌ جَنَى عَمْدًا عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ أَوْ عَبْدِهِ]

(قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ فِي الْأُولَى إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ) عِبَارَتُهُ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ أَوْ أَخٍ أَوْ مَوْلًى جِنَايَةً تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ وَالرَّاهِنُ وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلِلرَّاهِنِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ فَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ بِيعَ الْعَبْدُ وَخَرَجَ عَنْ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ صَحَّحَهُ فِي فَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>