للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَلَكَ سَيِّدَهُ) لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ قَهْرٍ (لَا إنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ) وَقَهَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيهِمَا فَلَا يَأْتِي فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حَقٍّ، وَإِنْصَافٍ (وَكَذَا لَوْ قَهَرَ حُرٌّ حُرًّا) بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِدَارِنَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذُكِرَ وَذِكْرُ حُكْمِ ذَلِكَ بِدَارِنَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَلَوْ هَرَبَ إلَيْنَا الْمُكَاتَبُ) مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ (بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ وَصَارَ حُرًّا) لِأَنَّهُ قَهَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ (فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ طُولِبَ بِالْجِزْيَةِ) أَيْ بِعَقْدِهَا إنْ رَضِيَ بِهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا (فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) وَإِنْ جَاءَنَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَبِإِمَامِنَا لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا اسْتَمَرَّتْ الْكِتَابَةُ كَمَا لَوْ جَاءَنَا السَّيِّدُ بِأَمَانٍ، وَلَوْ جَاءَنَا السَّيِّدُ مُسْلِمًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُكَاتَبِهِ هُنَاكَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.

(وَلَوْ دَخَلَ) دَارَنَا حَرْبِيٌّ (وَمُكَاتَبُهُ بِأَمَانٍ) وَلَمْ يَقْهَرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِمُكَاتَبِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ) أَوْ كَاتَبَهُ بَعْدَ مَا دَخَلَا وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ (فَامْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَيْهِ كَمَا لَا يُسَافِرُ الْمُسْلِمُ بِمُكَاتَبِهِ (بَلْ يُوَكِّلُ) إنْ شَاءَ (مَنْ يَقْبِضُ النُّجُومَ) عَنْهُ (وَلَا يَقِفُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِدَارِنَا (لَهَا) أَيْ لِلنُّجُومِ أَيْ لِيَقْبِضَهَا (إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَالْتَزَمَهَا) أَوْ أَمَّنَاهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقِفَ لِذَلِكَ (ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُ نَفْسُهُ فَفِي بَقَاءِ أَمَانِهِ بَعْدَ عَوْدِ السَّيِّدِ) إلَى دَارِ الْحَرْبِ (خِلَافٌ) ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْأَمَانِ فِيمَنْ رَجَعَ وَخَلَفَ عِنْدَنَا مَالًا وَصَحَّحُوا بَقَاءَهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ لِأَنَّ الْمَالَ يَنْفَرِدُ بِالْأَمَانِ وَلِهَذَا لَوْ بَعَثَ حَرْبِيٌّ مَالَهُ إلَى دَارِنَا بِأَمَانٍ ثَبَتَ الْأَمَانُ لِمَا لَهُ دُونَهُ وَنَقَلَ الْأَصْلُ ذَلِكَ هُنَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ، ثُمَّ قَالَ وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ ثَمَّ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ.

(وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ) وَقَدْ بَطَلَ أَمَانُهُ (وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعَثَ بِمَالِ الْكِتَابَةِ إلَى وَارِثِهِ) لِبَقَاءِ الْأَمَانِ فِيهِ، وَقَدْ وَرِثَهُ وَارِثُهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ وَمَنْ وَرِثَ مَالًا وَرِثَهُ بِحُقُوقِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُهُ فَوَارِثُهُ الذِّمِّيُّ وَنَحْوُهُ فَقَطْ كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِ.

(وَلَوْ رَجَعَ) السَّيِّدُ (دَارَهُمْ وَمَالُ الْكِتَابَةِ عِنْدَنَا، ثُمَّ أَسَرْنَاهُ لَمْ يَنْتَقِضْ الْأَمَانُ فِي مَالِهِ) وَإِنْ انْتَقَضَ أَمَانُهُ هُوَ بِالرُّجُوعِ فَيَأْخُذُ النُّجُومَ إنْ مَنَنَّا عَلَيْهِ أَوْ فَدَى نَفْسَهُ وَهُوَ بِذَلِكَ فِي أَمَانٍ مَا دَامَ فِي دَارِنَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ اُسْتُرِقَّ) السَّيِّدُ (بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ زَالَ مِلْكُهُ) كَسَائِرِ الْأَرِقَّاءِ (وَالْأَمَانُ بَاقٍ فِي مَالِ الْكِتَابَةِ فَيَنْتَظِرُ بِهِ عِتْقَ السَّيِّدِ) وَمَصِيرَهُ مَالِكًا (وَبِاسْتِرْقَاقِهِ) بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ (يَبْطُلُ الْوَلَاءُ) لَهُ (عَلَى مُكَاتَبِهِ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ انْتِفَاءُ حُكْمِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي آخِرَ الْفَرْعِ.

(فَإِنْ اُسْتُرِقَّ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ فَمَالُ الْكِتَابَةِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ عَتَقَ سَيِّدُهُ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ وَصَارَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ قَالَ لَنَا الْمُكَاتَبُ حَالَ التَّوَقُّفِ خُذُوا الْمَالَ عَنِّي) وَفِي نُسْخَةٍ مِنِّي (لَأَعْتَقَ أَجَابَهُ الْحَاكِمُ) إلَيْهِ (فَإِنْ عَتَقَ) السَّيِّدُ (أَخَذَ) مِنْهُ (مَالَهُ وَثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَمَالُهُ فَيْءٌ وَيَسْقُطُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَسَقَطَ (الْوَلَاءُ) .

[فَرْعٌ كَاتَبَ مُسْلِمٌ كَافِرًا بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ]

(فَرْعٌ) لَوْ (كَاتَبَ مُسْلِمٌ كَافِرًا) بِدَارِنَا أَوْ بِدَارُ الْحَرْبِ (صَحَّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَإِنْ عَتَقَ قَرَّرَ بِالْجِزْيَةِ) لَا بِدُونِهَا (وَإِنْ لَحِقَ) الْكَافِرُ (بِدَارِ الْحَرْبِ وَأُسِرَ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ) لِأَنَّهُ فِي أَمَانِ سَيِّدِهِ (وَكَذَا) لَا تَبْطُلُ كِتَابَتُهُ (إذَا اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَيْهِ كَمُدَبَّرِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَمُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ كَمَا لَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ بِذَلِكَ (وَإِنْ خَلَصَ) الْمُكَاتَبُ مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ (حَسَبَ) عَلَيْهِ (مُدَّةَ الْأَسْرِ مِنْ الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ مَالِ الْكِتَابَةِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَهُ هُوَ مُدَّةً (وَلَوْ انْقَضَتْ) مُدَّةُ أَجَلِ كِتَابَتِهِ (وَهُوَ فِي الْأَسْرِ فَسَخَهَا السَّيِّدُ) إنْ شَاءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فِيمَا ذَكَرَ وَيَفْسَخُهَا (بِنَفْسِهِ) كَمَا لَوْ حَضَرَ الْمُكَاتَبُ وَاحْتَرَزَ بِهَذَا عَنْ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَبْحَثَ هَلْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ (فَإِنْ أُطْلِقَ) مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ (وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا عَلَيْهِ أَدَّاهُ وَعَتَقَ) وَبَطَلَ الْفَسْخُ.

(الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُكَاتَبُ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا) فَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ (فَلَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ (لِنَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ) أَوْ الْمَجَانِينِ (صَحَّتْ) أَيْ الْكِتَابَةُ (لَهُ دُونَهُمْ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَإِنْ كَاتَبَ) عَبْدًا (صَغِيرًا) أَوْ مَجْنُونًا (وَقَالَ) فِي كِتَابَتِهِ (إذَا أَدَّيْت) النُّجُومَ (فَأَنْت حُرٌّ فَأَدَّى عَتَقَ وَلَا تَرَاجُعَ) بَيْنَهُمَا (لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ) فَعِتْقُهُ حَصَلَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَصَحَّحُوا بَقَاءَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ) قَالَ الْفَتِيُّ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ خِلَافٌ فَصَيَّرْته كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبُهُ نَفْسُهُ بَقِيَ أَمَانُهُ بَعْدَ عَوْدِ السَّيِّدِ

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا) مِثْلُهُ السَّكْرَانُ (قَوْلُهُ مُخْتَارًا) شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ السَّفِيهَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَدَاءُ مِنْ الْكَسْبِ فَقَدْ يُؤَدِّي مِنْ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِي أَكْسَابِهِ لِيَصْرِفَهَا فِي دُيُونِهِ فَلَا تَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ كَبَيْعِهِ، ثُمَّ إنْ أَدَّى النُّجُومَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا وَأَسْلَمَ بَقِيَ مُكَاتَبًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ لَا تَصِحُّ مُكَاتَبَتُهُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>