للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ الْكِلَابُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَوْ مَعَ أَحَدِهَا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ أَوْ فِي مَكَان، وَالْكِلَابُ فِي نَاحِيَةٍ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا قُرْعَةَ بَلْ يُوقَفُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ، وَوُقِفَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَصْطَلِحُوا

(فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ) لَوْ (وَقَعَ بَعِيرَانِ فِي بِئْرٍ) أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ (فَطُعِنَ الْأَعْلَى فَنَفَذَتْ) أَيْ الطَّعْنَةُ (إلَى الْأَسْفَلِ) فَمَاتَ (وَشَكَكْنَا هَلْ مَاتَ مِنْهَا) فَيَحِلُّ (أَوْ بِثِقَلِ الْجَمَلِ) الْأَعْلَى فَيَحْرُمُ وَعَلِمْنَا أَنَّ الطَّعْنَةَ أَصَابَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (حَلَّ) كَالصَّيْدِ يُصِيبُهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ، ثُمَّ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ (أَوْ) شَكَكْنَا (هَلْ صَادَفَتْهُ) الطَّعْنَةُ (حَيًّا) أَوْ مَيِّتًا (فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى التَّهْذِيبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْغَائِبَ الْمُنْقَطِعَ خَبَرُهُ هَلْ يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ؟ ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حِلِّهِ لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَالْمَرُّوذِيِّ وَالْقَاضِي تَصْحِيحَ الْحِلِّ كَمَا لَوْ ظَنَّهُ خَشَبَةً وَفِي التَّنْظِيرِ نَظَرٌ.

(وَإِنْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ، وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ رَمَى مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (فَالْعِبْرَةُ) فِي كَوْنِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مَقْدُورٍ (بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ) فَلَا يَحِلُّ فِي الْأُولَى إلَّا بِإِصَابَتِهِ فِي الْمَذْبَحِ وَيَحِلُّ فِي الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِيهَا إذَا لَمْ يُصِبْهُ فِي الْمَذْبَحِ غَيْرُ مُرَادٍ.

(وَإِنْ أَرْسَلَ سَهْمَيْنِ فَحُكْمُهُمَا فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ حُكْمُهُمَا) أَيْ حُكْمُ إرْسَالِهِمَا (مِنْ رَجُلَيْنِ) فَإِنْ أَصَابَا مَعًا حَلَّ أَوْ مُرَتَّبًا وَأَزْمَنَهُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يُصَادِفْ الثَّانِي الْمَذْبَحَ حَرُمَ، وَإِنْ صَادَفَهُ أَوْ لَمْ يُزْمِنْهُ الْأَوَّلُ حَلَّ

(أَوْ) أَرْسَلَ (كَلْبَيْنِ فَإِنْ أَزْمَنَهُ الْأَوَّلُ وَقَتَلَهُ الثَّانِي حَرُمَ وَإِنْ صَادَفَ الْمَذْبَحَ) وَقَوْلُهُ (حَلَّ) سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَةٍ وَإِثْبَاتُهُ وَهْمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ عَكْسَهُ حَرُمَ وَقَدْ يُصَحَّحُ بِأَنْ يَعْطِفَ قَوْلَهُ " كَلْبَيْنِ " عَلَى " هُمَا " أَيْ وَحُكْمُ إرْسَالِ كَلْبَيْنِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَزْمَنَهُ إلَى آخِرِهِ بَيَانًا لِحُكْمِ إرْسَالِ السَّهْمَيْنِ خَاصَّةً أَوْ عَجُزُهُ بَيَانًا لِذَلِكَ خَاصَّةً وَصَدْرُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ حُكْمِ إرْسَالِ الْكَلْبَيْنِ

(أَوْ) أَرْسَلَ (كَلْبًا وَسَهْمًا فَأَزْمَنَهُ الْكَلْبُ وَذَبَحَهُ) الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ وَلِحُكْمِ الْعَكْسِ الْآتِي، ثُمَّ ذَبَحَهُ (السَّهْمُ حَلَّ أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ أَزْمَنَهُ السَّهْمُ، ثُمَّ قَتَلَهُ الْكَلْبُ (حَرُمَ)

(وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ صَيْدٌ فَادَّعَى رَجُلٌ اصْطِيَادَهُ فَقَالَ) ذُو الْيَدِ (لَا أَعْلَمُ) بِذَلِكَ (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (جَوَابًا) لِلدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَابِقْهَا (بَلْ إمَّا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ سَلَّمَهُ) الْفَصِيحُ أَنْ يُقَالَ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُسَلِّمَهُ (لِمُدَّعِيهِ) فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ لِغَيْرِهِ قُبِلَ وَكَانَ جَوَابًا عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اصْطَادَ هَذَا الصَّيْدَ فَفِيهِ قَوْلَا تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بَيْنَ تَقَدُّمِ التَّارِيخِ وَعَدَمِهِ وَكَوْنِ الصَّيْدِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَعَدَمِهِ.

(وَإِنْ أَخْبَرَ فَاسِقٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَنَّهُ ذَبَحَ) هَذِهِ (الشَّاةَ حَلَّ أَكْلُهَا) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الذَّبْحِ.

(وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (كَانَ فِي الْبَلَدِ مَجُوسٌ وَمُسْلِمُونَ وَجُهِلَ ذَابِحُ الشَّاةِ) أَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ مَجُوسِيٌّ (لَمْ يَحِلَّ) أَكْلُهَا لِلشَّكِّ فِي الذَّبْحِ الْمُبِيحِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ كَمَا فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فِيمَا لَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجُوسِيٌّ فَيَحِلُّ وَجَمْعُ الْمَجُوسِ وَالْمُسْلِمِينَ مِثَالٌ، وَكَذَا ذِكْرُهُمْ فَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ كَهُمْ.

[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ وَفِيهِ بَابَانِ]

[الْبَاب الْأَوَّل الْمَطْعُومِ حَالَ الِاخْتِيَارِ]

(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَقَوْلُهُ {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤] أَيْ مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَتَشْتَهِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْحَلَالُ؛ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ لَهُمْ فَكَيْفَ يَقُولُ أُحِلَّ لَكُمْ الْحَلَالُ، (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي الْمَطْعُومِ حَالَ الِاخْتِيَارِ) مِمَّا يَتَأَتَّى أَكْلُهُ مِنْ جَمَادٍ وَحَيَوَانٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُ أَنْوَاعِهِ (وَ) لَكِنَّ (الْأَصْلَ) فِي الْجَمِيعِ (الْحِلُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ مَخْلُوقَةٌ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَاحْتُجَّ لَهُ بِآيَةِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] (إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) بِنَصٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي فَيَحْرُمُ (كَالْخَمْرِ) لِآيَةِ {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (وَالنَّبِيذِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَقِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ بِجَامِعِ الْإِسْكَارِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا قُرْعَةَ بَلْ يُوقَفُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي

[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ]

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حِلِّهِ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ

(قَوْلُهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَةٍ) هُوَ مَا فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ

(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ) وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ فِي رُبُعِ الْعِبَادَاتِ أَنَّ طَلَبَ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ الْحِلُّ) لَوْ نَتَجَتْ شَاةٌ سَخْلَةً رَأْسُهَا يُشْبِهُ رَأْسَ الشَّاةِ وَذَنَبُهَا يُشْبِهُ ذَنَبَ الْكَلْبِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهَا تَحِلُّ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ فَحْلَهَا كَلْبٌ (قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) الضَّابِطُ: كُلُّ طَاهِرٍ لَا ضَرَرَ فِي أَكْلِهِ، وَلَيْسَ مُسْتَقْذَرًا، وَلَا جُزْءًا مِنْ آدَمِيٍّ، وَلَا حَيَوَانًا حَيًّا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ يَحِلُّ أَكْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>