للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْغَصْبُ) وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ (كَالْإِنْشَاءِ) لَهَا فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهَا بِاسْتِدَامَتِهَا لِمَا مَرَّ فِي الدُّخُولِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ نَكَحْت شَهْرًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَبُولُ عَقْدِهِ، وَأُمَّا وَصْفُ الشَّخْصِ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَاكِحًا فُلَانَةَ مُنْذُ كَذَا فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِمْرَارُهَا عَلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إذْ قَدْ يُقَالُ صُمْت شَهْرًا وَصَلَّيْت لَيْلَةً وَصُورَةُ حَلِفِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا لَهَا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ (وَكَذَا الطِّيبُ وَالْوَطْءُ) لَيْسَ اسْتِدَامَتُهَا كَالْإِنْشَاءِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهُمَا بِاسْتِدَامَتِهِمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ لَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ) ، وَهُوَ فِي السَّفَرِ (فَرَجَعَ فَوْرًا) أَوْ وَقَفَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَكَانَ (قَاصِدًا) بِحَلِفِهِ (الِامْتِنَاعَ) مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ (لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ ذَلِكَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَقَوْلُهُ قَاصِدًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ حَلَفَ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فَرَجَعَ فَوْرًا كَانَ أَوْلَى

(فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ حَنِثَ) بِالدُّخُولِ أَوْ السُّكْنَى (بِالْبُيُوتِ الْمَبْنِيَّةِ) وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ (وَالْخِيَامِ) وَلَوْ مِنْ جِلْدٍ (وَلَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (قَرَوِيًّا) لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَيْتِ عَلَى الْكُلِّ لُغَةً وَلَا مُعَارِضَ لَهُ عُرْفًا وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْقَرَوِيِّ لِلْخِيَامِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا أَوْ نَقْلًا عُرْفِيًّا لِلَّفْظِ بَلْ هُوَ كَلَفْظِ الطَّعَامِ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ مَعَ اخْتِصَاصِ بَعْضِ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْعَادَةَ لَا تُخَصَّصُ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ أَوْ الرُّءُوسَ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَيْضِ السَّمَكِ وَلَا بِرُءُوسِهِ وَرُءُوسِ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْضِ وَالرُّءُوسِ بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِ الْأَكْلِ بِهَا لَا يُطْلِقُهُ أَهْلُ الْعُرْفِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ لِلَّفْظِ بِالنَّقْلِ عَنْ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَبَيْنَ انْتِفَاءِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ وَمِنْهُ اسْمُ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ، وَإِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَخُبْزِ الْأَزْرَقِيِّ طَبَرِسْتَانُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا عَبَّرَ عَنْ الْبَيْتِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَرَخَانَةَ لِرُومٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَبْنِيِّ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَإِنْ نَوَى نَوْعًا) مِنْهَا (اُتُّبِعَ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ وَالْبِيَعِ وَبُيُوتِ الْحَمَامِ وَالرَّحَى) وَنَحْوِهَا كَالْكَعْبَةِ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ سُكْنَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْإِيوَاءِ وَالسَّكَنُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ أَوْ بِتَقْيِيدٍ كَمَا يُقَالُ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ (وَكَذَا)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَتَزَوَّجْت مُنْذُ شَهْرٍ وَبِتَقْدِيرِ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ الْأُولَى فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ حَذْفٍ تَقْدِيرُهُ تَزَوَّجْت فَسَكَنْت مَعَ الزَّوْجَةِ شَهْرًا أَوْ تَسَرَّيْت فَسَكَنْت بِصِفَةِ التَّسَرِّي شَهْرًا فَإِنْ قُلْت بَيْنَ التَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ التَّزَوُّجَ قَوْلٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ لَيْسَ تَزَوُّجًا وَالتَّسَرِّي فِعْلٌ، وَهُوَ التَّحْصِينُ وَالْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ، وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَ الْفِعْلِ فَيَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ قُلْت لَا بَأْسَ بِهَذَا إنْ حُمِلَ التَّسَرِّي عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعُرْفِيِّ فَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّي إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ. اهـ.

وَقَدْ أَفْتَيْت بِحِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ التَّسَرِّي إذْ هُوَ أَنْ يَحْجُبَ أَمَتَهُ عَنْ أَجَانِبِهَا الرِّجَالِ وَيَطَأَهَا وَيُنْزِلَ فَيَهَبَ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهَا تَسَرِّي سَنَةً مَثَلًا بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَصْبِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ غَصَبَهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي دَوَامِ الْغَصْبِ غَاصِبٌ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِالْحِنْثِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَّجِهُ الْأَوَّلُ بِغَصْبٍ يَقْتَضِي بِوَضْعِهِ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ فِي مَعْنَى لَا أُنْشِئُ غَصْبًا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ غَصَبَ شَهْرًا فَمَعْنَاهُ وَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا أَوْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ شَهْرًا، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ غَاصِبًا بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَمَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا كَالْمِلْكِ) وَالتَّخَتُّمِ وَالتَّخَضُّبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ يَصْدُقُ وُجُودُهُمَا بِمُجَرَّدِ دُخُولٍ صَحِيحٍ فِيهِمَا، وَإِنْ فَسَدَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ يَمِينَ الْأَخْرَسِ تَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ

(قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ ذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ بِمَكَانِهِ قَالَ أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ لِبَقَائِهِ عَلَى السَّفَرِ وَالثَّانِي لَا لِكَفِّهِ عَنْ السَّفَرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوُقُوفِ مِنْ النَّظَرِ فِي أَنَّهُ وَقَفَ نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ أَوْ قَاصِدًا لِشَيْءٍ لَا يَقْطَعُ السَّفَرَ اهـ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ يَعْنِي ذَلِكَ السَّفَرَ فَتَأَمَّلْهُ ق س وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ]

(قَوْلُهُ وَالْخِيَامِ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ فَأَمَّا الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْمُسَافِرُ وَالْمُجْتَازُ لِدَفْعِ الْأَذَى فَلَا تُسَمَّى بَيْتًا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ إلَخْ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (فَرْعٌ)

حَلَفَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهْرَ فَرَغَ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ عِنْدَ يَمِينِهِ اسْتِهْلَالُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا اُتُّبِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا فِي الْبَاطِنِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَلَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَسَبَقَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ) لَوْ دَخَلَ بَيْتًا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ مُشَاعًا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ ر (قَوْلُهُ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ مَسْكَنًا) أَمَّا مَا اُتُّخِذَ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَنًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجْوِيزٍ أَوْ تَقْيِيدٍ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>