للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) دَفْعُ (مَالِكٍ عَنْ إتْلَافِ مِلْكِهِ) بِإِحْرَاقٍ أَوْ تَغْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ (فَلَوْ كَانَ) الْمِلْكُ الَّذِي أَرَادَ مَالِكُهُ إتْلَافَهُ (حَيَوَانًا وَجَبَ دَفْعُهُ) عَنْهُ لِحُرْمَتِهِ (وَيَضْمَنُ جَرَّةً) سَقَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ عُلُوٍّ (لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) وَكَسَرَهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ، وَالْبَهِيمَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ كَأَنْ وُضِعَتْ بِرَوْشَنٍ أَوْ عَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَائِلَةٌ لَمْ يَضْمَنْهَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ قَوْلِهِ عُدْوَانٍ بِيَضْمَنُ بِهِ (وَ) يَضْمَنُ (بَهِيمَةً لَمْ تُخَلِّ جَائِعًا) أَيْ لَمْ تَتْرُكْهُ (وَطَعَامَهُ) بِأَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ (إلَّا بِقَتْلِهَا) وَقَتَلَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ، وَقَتْلُهُ لَهَا لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْجُوعِ فَكَانَ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَصَحُّ هُنَا نَفْيَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الْمَسَالِكَ فَوَطِئَهَا الْمُحْرِمُ وَقَتَلَ بَعْضَهَا انْتَهَى وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلَّهِ وَهُنَا لِلْآدَمِيِّ

(فَصْلٌ) (وَيَجِبُ الدَّفْعُ) لِلصَّائِلِ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ (إنْ أَمْكَنَ كَالزَّجْرِ) بِالْكَلَامِ أَوْ الصِّيَاحِ (ثُمَّ الِاسْتِغَاثَةِ) بِالنَّاسِ (ثُمَّ الضَّرْبِ بِالْيَدِ ثُمَّ بِالسَّوْطِ ثُمَّ بِالْعَصَا ثُمَّ بِقَطْعِ عُضْوٍ ثُمَّ بِالْقَتْلِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَخَفِّ نَعَمْ لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا وَانْسَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ وَلَوْ انْدَفَعَ شَرُّهُ كَأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ لَمْ يَضُرَّ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفَائِدَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمَحَلُّ رِعَايَةِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ، فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْقَتْلِ وَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ، فَإِنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ لَا يُسْتَدْرَكُ بِالْأَنَاةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَعْصُومِ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى قَتْلِهِ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ (وَإِنْ حَالَ) بَيْنَهُمَا (نَهْرٌ وَخَافَ) أَنَّهُ (إنْ عَبَرَهُ غَلَبَهُ فَلَهُ رَمْيُهُ وَمَنْعُهُ الْعُبُورَ وَإِنْ ضَرَبَهُ) ضَرَبَهُ مَثَلًا (فَهَرَبَ أَوْ بَطَلَ صِيَالُهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ) ثَانِيَةً (ضَمِنَ الثَّانِيَةَ) بِالْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا فَنِصْفُ دِيَةٍ) تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ.

(فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ الضَّرْبَتَيْنِ (وَصَالَ ضَرَبَهُ ثَالِثَةً) فَمَاتَ مِنْ الثَّلَاثِ (فَثُلُثُهَا) أَيْ الدِّيَةِ تَلْزَمُهُ (وَلَهُ دَفْعُ مَنْ قَصَدَهُ) بِالصِّيَالِ (قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ) مَنْ قَصَدَهُ (وَلَوْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالْعَصَا فَلَمْ يَجِدْ إلَّا سَيْفًا) أَوْ سِكِّينًا (ضَرَبَهُ بِهِ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إلَّا بِهِ وَلَا يُمْكِنُ نِسْبَتُهُ إلَى التَّقْصِيرِ بِتَرْكِ اسْتِصْحَابِ عَصًا وَنَحْوِهِ (، فَإِنْ أَمْكَنَ) دَفْعُهُ بِهِ (بِلَا حَرَجٍ) لَهُ (فَجَرَحَ ضَمِنَ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ (وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ أَوْ التَّخَلُّصُ) بِنَحْوِ تَحَصُّنٍ بِمَكَانٍ حَصِينٍ أَوْ الْتَجَأَ إلَى فِئَةٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِالْأَهْوَنِ فَالْأَهْوَنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَاتَلَهُ حِينَئِذٍ فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْعُ، فَإِنَّهُ قَالَ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ قَالَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْهَرَبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ مَالِهِ وَلَا عَنْ حُرَمِهِ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ الْهَرَبُ بِهِنَّ

(فَرْعٌ) لَوْ (عَضَّ) شَخْصٌ (يَدَهُ) مَثَلًا (خَلَّصَهَا) مِنْهُ (بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ (مِنْ فَكِّ لَحْيٍ وَضَرْبِ فَمٍ لَا غَيْرِهِ) أَيْ لَا بِغَيْرِهِ (إلَّا إنْ احْتَاجَ فِي) التَّخْلِيصِ إلَى (أَنْ يَبْعَجَ) أَيْ يَفْتُقَ (بَطْنَهُ) أَوْ أَنْ يَخْلَعَ لَحْيَيْهِ أَوْ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ نَحْوَهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ قَبْلَ ذَلِكَ الْإِنْذَارُ بِالْقَوْلِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ التَّخْلِيصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ تَخْلِيصِهَا (وَنَزْعِهَا فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ أُهْدِرَتْ) كَنَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ الْعَاضُّ مَظْلُومًا؛ لِأَنَّ الْعَضَّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) وَقَدْ «أَهْدَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

عَبْدِهِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ وَكَذَا لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ الْمُتَحَتِّمِ رَجْمُهُ دَفْعُهُمْ عَنْ نَفْسِهِ غ وَيَدْفَعُ الذِّمِّيُّ عَنْ الْمُسْلِمِ الْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ بِزِنًا أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا وَجَبَ دَفْعُهُ عَنْهُ) لِحُرْمَتِهِ وَفَارَقَ عَدَمَ. وُجُوبِ دَفْعِ الْمُسْلِمِ عَنْ النَّفْسِ بِأَنَّ فِي قَتْلِهِ شَهَادَةً يُثَابُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ إتْلَافِ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ دَفْعِ الْمُسْلِمِ عَنْ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ شَهَادَةُ كَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا مَائِلَةٌ) أَوْ عَلَى وَجْهٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سُقُوطُهَا (قَوْلُهُ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ) وَأَيْضًا فَإِزَالَةُ الْجُوعِ مُمْكِنَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ الطَّعَامِ

[فَصْلٌ يَجِبُ الدَّفْعُ لِلصَّائِلِ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ إنْ أَمْكَنَ]

(قَوْلُهُ: كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تُؤَدِّي مُرَاعَاتُهُ لِلْبُدَاءَةِ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ إلَى هَلَاكِهِ ع (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمَحَلُّ رِعَايَةِ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ فِيهِ مُرَاعَاةُ التَّدْرِيجِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ) أَيْ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ (قَوْلُهُ: وَمَتَى أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ أَوْ التَّخَلُّصُ لَزِمَهُ) مَحَلُّ لُزُومِ الْهَرَبِ فِي غَيْرِ الصَّائِلِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَفِيهِمَا لَا يَجِبُ الْهَرَبُ بَلْ لَا يَجُوزُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَحْرُمُ فِيهَا الْفِرَارُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَاتَلَهُ حِينَئِذٍ فَقَتَلَهُ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ لَوْ عَضَّ شَخْصٌ يَدَهُ مَثَلًا خَلَّصَهَا مِنْهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ]

(قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إنْذَارٍ لَا يُفِيدُ، فَإِنْ أَفَادَ قَدَّمَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي الرَّمْيِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ صَائِلٍ وَكَتَبَ أَيْضًا عُلِمَ مِنْهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فَلَوْ عَدَلَ عَنْ الْأَخَفِّ مَعَ إمْكَانِهِ ضَمِنَ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ

وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِطْلَاقُ كَثِيرٍ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّ يَدَهُ أَوْ لَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ كَانَتْ مُهْدَرَةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْوَجْهُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ رَتَّبَ لَأَفْسَدَهَا الْعَاضُّ قَبْلَ التَّخَلُّصِ مِنْ فِيهِ اهـ وَهُوَ جَلِيٌّ وَمِثْلُهُ لَوْ بَادَرَ لِشِدَّةِ الْأَلَمِ وَعَدَمِ إمْكَانِ الصَّبْرِ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>