للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُرْمِ (الْأَرْشِ) لِأَنَّ جَمِيعَهَا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَذَا بَعْضُهَا (إنْ نَقَصَتْ) وَفِي نُسْخَةٍ " تَعَيَّبَتْ " (بَعْدَ التَّمَلُّكِ) فَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَدَلَهَا، وَالْمُلْتَقِطُ رَدَّهَا مَعَ الْأَرْشِ أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ النَّاقِصَةَ مَعَ الْأَرْشِ كَالتَّامَّةِ وَيَتَعَيَّنُ رَدُّهَا (بِالزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ) وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ بَلْ لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ انْفَصَلَتْ رَدَّهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ الْتَقَطَ حَائِلًا فَحَمَلَتْ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ رَدَّ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ (لَا) بِالزَّوَائِدِ (الْمُنْفَصِلَةِ) الْحَادِثَةِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَالْمُنْفَصِلِ فَيَكُونُ الْحَادِثُ هُنَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ لِلْمُلْتَقِطِ (وَإِنْ جَاءَ الْمَالِكُ وَقَدْ بِيعَتْ) أَيْ اللُّقَطَةُ (فَلَهُ الْفَسْخُ) لِلْبَيْعِ (فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) لِاسْتِحْقَاقِهِ الرُّجُوعَ لِعَيْنِ مَالِهِ مَعَ بَقَائِهِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَقْدِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَاقِدُ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِ الْوَجْهَيْنِ عَنْ الشَّاشِيِّ كَمَا ذُكِرَ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ كَجٍّ فِي أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْفَسْخِ وَيَجُوزُ فَرْضُهُمَا فِي الِانْفِسَاخِ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَطَلَبَ فِي الْمَجْلِسِ بِزِيَادَةٍ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ انْفِسَاخِهِ إنْ لَمْ يُفْسَخْ لَكِنْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إنَّ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعَ فِي الْمَبِيعِ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَحُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لَا إنْ شُرِطَ) الْخِيَارُ (لِلْمُشْتَرِي) وَحْدَهُ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ كَالْبَائِعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ قَبْلَ تَمَلُّكِهَا فَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ، وَالْمُنْفَصِلَةِ دُونَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الْمُلْتَقِطِ.

(فَصْلٌ: فِيهِ مَسَائِلُ) تَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابِ (وَإِنْ أَخَذَهَا اثْنَانِ فَتَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ) مِنْهَا (لِلْآخَرِ لَمْ يَسْقُطْ) إذْ لَيْسَ لَهُ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى الْآخَرِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ وِلَايَةٌ أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ لِلْوَاحِدِ، وَالْوِلَايَاتُ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ (وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا بَيِّنَةً (أَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ وَلَمْ يَسْبِقْ تَارِيخٌ) لِإِحْدَاهُمَا (تَعَارَضَتَا) فَتَكُونُ فِي يَدِهِمَا يُعَرِّفَانِهَا، ثُمَّ يَتَمَلَّكَانِهَا فَإِنْ سَبَقَ لِإِحْدَاهُمَا تَارِيخٌ حُكِمَ بِهَا (وَلَوْ سَقَطَتْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ) لَهَا (فَالْتَقَطَهَا آخَرُ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى) بِهَا مِنْهُ لِسَبْقِهِ (وَالْمَأْمُورُ بِالِالْتِقَاطِ) فِيمَا لَوْ تَمَاشَى اثْنَانِ فَأَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لُقَطَةً وَأَمَرَهُ بِالْتِقَاطِهَا (بِصِيغَةِ هَاتِهَا) أَوْ نَحْوِهَا (إنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَهُ إلَّا إنْ قَصَدَ بِهَا الْآمِرَ) وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ نَفْسِهِ فَتَكُونُ لِلْآمِرِ، أَوْ لَهُمَا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِالِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا فِي الِالْتِقَاطِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي عُمُومِ الِالْتِقَاطِ وَهَذَا فِي خُصُوصِ لُقَطَةٍ وُجِدَتْ فَالْأَمْرُ بِأَخْذِهَا اسْتِعَانَةٌ مُجَرَّدَةٌ عَلَى تَنَاوُلِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَشْمَلُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ وَلَا غَيْرَهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَآهَا) مَطْرُوحَةً (فَدَفَعَهَا بِرِجْلِهِ) مَثَلًا (لِيَعْرِفَهَا) جِنْسًا أَوْ قَدْرًا (وَتَرَكَهَا) حَتَّى ضَاعَتْ (لَمْ يَضْمَنْهَا) لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ فِي يَدِهِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ ضَمَانِهَا، وَإِنْ تَحَوَّلَتْ عَنْ مَكَانِهَا بِالدَّفْعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِي ضَمَانَ مَا تَتْلَفُ بِهَا حِينَئِذٍ كَالتَّلَفِ بِالْحَجَرِ الْمُدَحْرَجِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثَمَّ إنَّمَا هُوَ لِمَا يَتْلَفُ بِهَا لَا لَهَا وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَضْمَنُ الْمُدَحْرِجُ الْحَجَرَ الَّذِي دَحْرَجَهُ (وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ) وَتَرَكَ تَعْرِيفَهَا وَتَمَلُّكَهَا (ثُمَّ اسْتَقَالَ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ إقَالَتَهُ مِنْهَا (لِيُعَرِّفَهَا) وَيَتَمَلَّكَهَا (مُنِعَ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ (وَإِنْ أَخَذَ خَمْرًا أَرَاقَهَا صَاحِبُهَا فَتَخَلَّلَتْ) عِنْدَهُ (مَلَكَهَا بِلَا تَعْرِيفٍ) لَهَا؛ لِأَنَّ مُرِيقَهَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا وَقِيلَ هِيَ لِمُرِيقِهَا كَمَا لَوْ غَصَبَ بِهَا فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ هُنَا أَسْقَطَ حَقَّهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَفِي الْغَصْبِ (وَقَبْلَ التَّخَلُّلِ) لَهَا (عَلَيْهِ) إذَا جَمَعَهَا (إرَاقَتُهَا إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ فَيُعَرِّفُهَا) كَالْكَلْبِ الْمُحْتَرَمِ.

(كِتَابُ اللَّقِيطِ)

(وَيُسَمَّى مَلْقُوطًا) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ (وَمَنْبُوذًا أَيْضًا) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نُبِذَ وَيُسَمَّى دَعِيًّا أَيْضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] وَقَوْلُهُ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَنَّ سُنَيْنًا أَبَا جَمِيلَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَدَ مَنْبُوذًا فَجَاءَ بِهِ إلَى عُمَرَ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ فَقَالَ وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً فَأَخَذْتُهَا، فَقَالَ عَرِيفُهُ - وَاسْمُهُ سِنَانٌ -: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ لَك وَلَاؤُهُ أَيْ تَرْبِيَتُهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ رَدُّهَا) مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَالِكِهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: لَا بِالزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ أَمَةً وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ رَضِيعًا وَحَكَمْنَا بِأَنَّهُ لَهُ فَهَلْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ، أَوْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْأُمِّ وَلَهُ الْقِيمَةُ وَيَبْعُدُ إجْبَارُ الْمُلْتَقِطِ، ثُمَّ تَسْلِيمُ الْوَلَدِ بِالْقِيمَةِ وَبَيْعُهَا وَقِسْمَةُ الثَّمَنِ لَا وَجْهَ لَهُ هُنَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا.

[فَصْلٌ فِي مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ اللُّقَطَةِ]

(قَوْلُهُ: وَالْوِلَايَاتُ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْيَدِ لَا عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا عَلَى النِّصْفِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ إذَا لَمْ يَنُصَّ لَهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَعَ الشَّكِّ لَا يُعَرِّفُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا إرَاقَةَ فِيهَا فَلَا إعْرَاضَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ " جَمَعَهَا "؛ إذْ الْمُرَادُ بِهِ جَمَعَهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ خَمْرٌ (قَوْلُهُ: فَيُعَرِّفُهَا كَالْكَلْبِ الْمُحْتَرَمِ) فَيُعَرِّفُ ذَلِكَ عَامًا إنْ كَثُرَ فَإِنْ قَلَّ اخْتَصَّ بِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَقَرًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفِهِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>