للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) فَرَشَهُ (عَلَى ثَوْبٍ حَرِيرٍ) وَمَاسَّهُ (فَفِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ) فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَرْعٌ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ الزِّبْلِ (، وَالْمَجْزَرَةِ) بِفَتْحِ الزَّاي مَوْضِعُ جَزْرِ الْحَيَوَانِ أَيْ ذَبْحِهِ (وَالطَّرِيقِ) فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الْبَرِّيَّةِ (وَالْحَمَّامِ وَكَذَا مَسْلَخَةٌ) الْأَوْلَى وَلَوْ بِمَسْلَخَةٍ (وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ) أَيْ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُنَحَّى إلَيْهَا الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ لِتَشْرَبَ هِيَ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمُرَاحُهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَأْوَاهَا لَيْلًا (لَا مُرَاحُ الْغَنَمِ) فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ (وَ) تُكْرَهُ (فِي الْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا مُرَاحِ الْإِبِلِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ، وَالْمَقْبَرَةِ نَجَاسَتُهَا فِيمَا يُحَاذِي الْمُصَلِّيَ وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهَا وَقَطْعُ الْخُشُوعِ وَفِي الْحَمَّامِ أَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَفِي ظَهْرِ الْكَعْبَةِ اسْتِعْلَاؤُهُ عَلَيْهَا وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِهَا نِفَارُهَا الْمُشَوِّشُ لِلْخُشُوعِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ وَلَا فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا مِنْ مِثْلِ عَطَنِ الْإِبِلِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي مُرَاحِهَا إذْ نِفَارُهَا عِنْدَ الصُّدُورِ مِنْ الْمَنْهَلِ أَقْرَبُ لِاجْتِمَاعِهَا وَازْدِحَامِهَا وَالْبَقَرُ كَالْغَنَمِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمَقَابِرِ مَقْبَرَةَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَهُمْ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا بَاطِلٌ بَلْ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَشَدُّ قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهَا النَّجَاسَةُ كَمَا مَرَّ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ (ثُمَّ مَا كَانَ نَجِسًا مِنْ ذَلِكَ كَالْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ بَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (فِيهِ) مَا لَمْ يَحُلْ طَاهِرٌ (وَإِذَا شَكَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي نَبْشِهَا، أَوْ فِي النَّجَسِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ.

(فَإِنْ بَسَطَ) شَيْئًا (عَلَى نَجَسٍ وَصَلَّى) عَلَيْهِ (كُرِهَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَقْبَرَةِ.

(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْكَنَائِسِ، وَالْبِيَعِ، وَالْحُشُوشِ) أَيْ الْأَخْلِيَةِ (وَمَوْضِعِ الْخَمْرِ) شُرْبًا وَغَيْرَهُ (وَالْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا مِنْ) مَوَاضِعِ (الْمَعَاصِي) كَالْقِمَارِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْحَمَّامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَمَنْ مَعَهُ (عَنْ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَالَ اُخْرُجُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَانًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَكَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيْطَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ فَوَاتَهَا بِلَا كَرَاهَةٍ.

(وَ) يُكْرَهُ (اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَيُسْتَثْنَى قَبْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي غَيْرِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَيُقَاسُ بِهِ سَائِرُ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلَ آدَمِيٍّ.

(فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ) لِجَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ (وَلَوْ عَرِقَ) مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَا فِي الْأَصْلِ، وَالْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ، وَالثَّانِي فِيمَا جَاوَزَهُمَا (لَا إنْ لَاقَى) الْأَثَرُ (رَطْبًا آخَرَ) فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِنُدْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى مُلَاقَاتِهِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِرَطْبًا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَاءٍ.

(وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا، أَوْ مَا عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ) أُخْرَى (مَعْفُوٌّ عَنْهَا) كَثَوْبٍ فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ حَيَوَانًا مُتَنَجِّسَ الْمَنْفَذِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْمُعْجَمَةِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إذْ الْعَفْوُ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا (، لَكِنْ لَوْ دَخَلَ هَذَا الْحَيَوَانُ) أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ (مَاءً) قَلِيلًا، أَوْ مَائِعًا آخَرَ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَخَرَجَ حَيًّا (عُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ) فِي تَجَنُّبِهِ وَلَوْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا تَرْجِيحُ بَقَائِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْع الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالطَّرِيقِ وَالْحَمَّامِ وَظَهْرُ الْكَعْبَةِ وَأَعْطَانُ الْإِبِلِ]

(قَوْلُهُ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَزْبَلَةِ إلَخْ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا تُكْرَهُ تَنْزِيهًا فِي ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا وَأَنَّ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهَا ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ: وَالْحَمَّامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ خَشِيَ فَوْتَ الْمَكْتُوبَةِ فَعَلَهَا فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ تَجِبُ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَقْرَبُ الْوُجُودُ وَيَطَّرِدُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كُلِّ مَكَان تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَمُرَاحُهَا) أَيْ وَمَوَاضِعُهَا كُلُّهَا (قَوْلُهُ: وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ إلَخْ) وَقِيلَ لِغَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْكِفَايَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ أَحَدِهِمَا ع الصَّوَابُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِفَايَةِ كَرَاهَتُهَا حَيْثُ وُجِدَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَمَّا فِي الشُّغْلِ وَحْدَهُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ هُنَا وَأَمَّا فِي غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ ح قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي طُرُقِ الْبَوَادِي النَّائِيَةِ الَّتِي يَنْدُرُ فِيهَا الْمُرُورُ لِفَقْدِ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَمْ تُكْرَهْ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ) ، وَالْخَيْلُ، وَالْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ كَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ إلَخْ) وَعُرِضَ عَلَى وَالِدِهِ فَصَوَّبَهُ. اهـ

وَلَا يُشْكِلُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَهَا مَسَاجِدَ أَخَصُّ مِنْ مُجَرَّدِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ الْأَعَمِّ ش (قَوْلُهُ: قُلْت الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا بِمَا ذُكِرَ) يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهَا مَقْبَرَةُ الشُّهَدَاءِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهُ فِيهَا) أَيْ يَحْرُمُ التَّوَجُّهُ إلَى رَأْسِهِ.

[فَصْلٌ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ: يُعْفَى عَنْ أَثَرِ اسْتِنْجَاءٍ) ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يُعْفَى حَالَ الصَّلَاةِ عَنْ نَجَاسَةِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ شَيْئًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَ الْمُصَلِّي مُسْتَجْمَرًا إلَخْ) وَقِيَاسُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ حَمَلَ مَاءً قَلِيلًا، أَوْ مَائِعًا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ وَقُلْنَا لَا تُنَجِّسُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ ع (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِهِ نَجَاسَةٌ) فِي التَّقْيِيدِ بِمُتَنَجِّسٍ مَنْفَذُهُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّ مَنَافِذَ الثَّلَاثَةِ نَجِسَةٌ قَبْلَ خُرُوجِ الْخَارِجِ وَعَمَّا لَوْ طَرَأَ عَلَى الْمَحَلِّ نَجَسٌ أَجْنَبِيٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْعَفْوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>