للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمَلَ حَيَوَانًا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِي بَاطِنِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِهِ الْخِلْقِيِّ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِهِ زَيْنَبَ فِي صَلَاتِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَتَبْطُلُ إنْ حَمَلَ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا وَإِنْ غَسَلَ) الدَّمَ عَنْ الْمَذْبَحِ لِلنَّجَاسَةِ الَّتِي بِبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهَا كَالظَّاهِرَةِ (وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا إنْ حَمَلَ (آدَمِيًّا) ، أَوْ سَمَكًا أَوْ جَرَادًا (مَيِّتًا وَبَيْضَةً) مَذِرَةً (وَعِنَبًا فِي بَاطِنِهِمَا دَمٌ وَخَمْرٌ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ (كَقَارُورَةٍ خُتِمَتْ عَلَى دَمٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ (وَلَوْ بِرَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَإِنَّ حَمْلَهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ ذَلِكَ عَارِضٌ.

(وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ طِينِ الشَّوَارِعِ النَّجَسِ) لِعُسْرِ تَجَنُّبِهِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْهُ وَلَوْ اخْتَلَطَ بِنَجَاسَةِ كَلْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لَا سِيَّمَا فِي مَوْضِعٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْكِلَابُ؛ لِأَنَّ الشَّوَارِعَ مَعْدِنُ النَّجَاسَاتِ (، وَالْقَلِيلُ مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ إلَى سَقْطَةٍ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ (أَوْ كَبْوَةٍ) عَلَى وَجْهِهِ (أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ) وَهُوَ مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا وَيَخْتَلِفُ بِالْوَقْتِ وَبِمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَخَرَجَ بِالنَّجَسِ غَيْرُهُ فَطَاهِرٌ، وَإِنْ ظُنَّ نَجَاسَتُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ.

(وَلَا يُجْزِئُ) فِي الطَّهَارَةِ (دَلْكُ خُفٍّ) ، أَوْ نَعْلٍ (تَنَجَّسَ بِأَرْضٍ) أَوْ نَحْوِهَا كَالثَّوْبِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «إذَا أَصَابَ خُفَّ أَحَدِكُمْ أَذًى فَلْيَدْلُكْهُ فِي الْأَرْضِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَقْذَرِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ بِأَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِدَلْكِ خُفٍّ.

(وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى كَبَقٍّ وَقَمْلٍ (وَ) قَلِيلِ (وَنِيمُ الذُّبَابِ) أَيْ رَوْثِهِ (وَ) قَلِيلِ (بَوْلِ الْخُفَّاشِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوْثَهُ وَبَوْلَ الذُّبَابِ كَذَلِكَ. (وَ) قَلِيلِ (دَمِ بَثَرَاتِ الْمَرْءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (وَإِنْ عَصَرَهَا وَ) دَمِ (دَمَامِلِهِ وَقَيْحِهَا وَصَدِيدَهَا) وَهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِمَا ذُكِرَ.

(وَكَذَا لَوْ كَثُرَتْ وَلَوْ بِعَرَقِهِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَأُلْحِقَ نَادِرُهَا بِغَالِبِهَا كَالتَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلِلْحَرَجِ فِي تَمْيِيزِ الْكَثِيرِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فِي مَلْبُوسِهِ) أَيْ وَلَمْ يَتَعَمَّدْهُ فَلَوْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثَ فِي كُمِّهِ، أَوْ فَرَشَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، أَوْ لَبِسَهُ وَكَانَتْ الْإِصَابَةُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا كَأَنْ قَتَلَهَا فِي ثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ فَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْكَثِيرِ الْعَصْرُ قَصْدًا فَلَا يُعْفَى عَنْهُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالْمَجْمُوعِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ فَلَوْ وَقَعَ الثَّوْبُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ.

قَالَ الْمُتَوَلِّي حُكِمَ بِتَنَجُّسِهِ قَالَ وَالْعَفْوُ جَارٍ وَلَوْ كَانَ الْبَدَنُ رَطْبًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَافًّا فَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَبَدَنُهُ رَطْبٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا وَبِالْأَوَّلِ أَفْتَيْت فِيمَا إذَا كَانَتْ الرُّطُوبَةُ بِمَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِالْعَرَقِ (وَ) عَنْ (دَمِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) مِنْ نَفْسِهِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْكَثِيرِ فِيهِمَا وَفِي الدَّمَامِيلِ، وَالْجُرُوحِ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ فَصَحَّحَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ كَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى طُهْرِ التَّيَمُّمِ لِمَا مَرَّ فِيهِ (وَ) عَنْ (قَلِيلِ دَمِ) الْأَجْنَبِيِّ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ) وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا (وَ) عَنْ قَلِيلِ (قَيْحِهِ) ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْعَفْوُ فَيَقَعُ الْقَلِيلُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ (لَا) عَنْ (الْكَثِيرِ) مِنْهُ (فِي الْعُرْفِ) أَمَّا دَمُ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ لِغِلَظِ حُكْمِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ وَأَقَرَّهُ، فَإِنْ زَادَ الدَّمُ الْكَائِنُ بِجُرْحِهِ (عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَخَشِيَ مِنْ غَسْلِ الزَّائِدِ) وَفِي نُسْخَةٍ عَنْهَا وَخَشِيَ مِنْ غَسْلِهَا (صَلَّى) فَرْضَهُ لِلضَّرُورَةِ (وَأَعَادَ) وُجُوبًا (وَالْقَلِيلُ) فِيمَا ذُكِرَ (مَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ) بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَالرُّجُوعُ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ فِي الْكَثِيرِ، وَهَذَا فِي الْقَلِيلِ وَذَكَرُوا لِذَلِكَ تَقْرِيبًا فِي طِينِ الشَّارِعِ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، وَالْبِلَادِ) وَنَحْوِهَا فَقَدْ يَكْثُرُ دَمُ الْبَرَاغِيثِ مَثَلًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ وَمَكَانٍ دُونَ مَكَان فَيَجْتَهِدُ الْمُصَلِّي فِيهِ (وَلِلْمَشْكُوكِ فِي كَثْرَتِهِ حُكْمُ الْقَلِيلِ) فَيُعْفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ النَّجَاسَةِ الْعَفْوُ إلَّا إذَا تَيَقَّنَّا الْكَثْرَةَ.

(وَتَصِحُّ) الصَّلَاةُ مَعَ جُدَرِيٍّ وَلَوْ يَبِسَتْ عَلَى مِدَّتِهِ (جِلْدَتُهُ) بِكَسْرِ الْمِيم مَا يَجْتَمِعُ فِي الْجُرْحِ مِنْ الْقَيْحِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِذَا عَلِمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِنَجَاسَةٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي بَدَنِهِ، أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ مَكَانِهِ (أَوْ خَرْقٍ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ) بَعْدَهَا (فِي ثَوْبِهِ) السَّاتِرِ لِعَوْرَتِهِ (أَعَادَ صَلَاتَهُ) وُجُوبًا.

(وَمَاءُ الْقُرُوحِ طَاهِرٌ) كَالْعَرَقِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِعَدَمِ التَّغْيِيرِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَتْ نَجَاسَةُ الشَّارِعِ كَلْبِيَّةً فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا قَطْعًا كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّ رَوْثَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَخْ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّدِيدُ مَاءٌ رَقِيقٌ مُخْتَلِطٌ بِدَمٍ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ دَمٌ مُخْتَلِطٌ بِقَيْحٍ د (قَوْلُهُ فِي مَلْبُوسِهِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ نَامَ فِي ثِيَابِهِ وَكَثُرَ فِيهَا دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُ فِي ثِيَابِهِ مُتَعَمِّدًا؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي نَوْمِهِ فِي ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ التَّعَرِّي عِنْدَ النَّوْمِ (قَوْلُهُ: قَالَ: وَالْعَفْوُ وَلَوْ كَانَ الْبَدَنُ رَطْبًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تُعْمَلُ وَتُبْسَطُ، وَهِيَ رَطْبَةٌ عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِرَمَادٍ نَجَسٍ فَقَالَ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ) مَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ مِنْ دَمِ الْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ وَالدَّمَامِيلِ، وَالْقُرُوحِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَوْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَعَنْ قَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ الْقَلِيلُ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ) وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيَّ د وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَدْرَكَهُ وَقَالَ إنَّهُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ جُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَهُ الْقَاضِي د.

(قَوْلُهُ: أَوْ خَرْقٌ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>