للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ) تَآكَلَتْ ثُمَّ (قَطَعَهَا مِنْ لَحْمٍ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ فَكَالْخِيَاطَةِ) فِيمَا مَرَّ (، وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْخَصْمَانِ (فِي التَّآكُلِ بِالدَّوَاءِ) فَقَالَ الْجَانِي دَاوَيْت بِمَا يُورِثُ التَّآكُلَ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (هَلْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ) فَقَالَ الْوَارِثُ مَاتَ بِهَا، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ قَتَلَ نَفْسَهُ (صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى (أَوْ الْوَارِثُ) فِي الثَّانِيَةِ عَمَلًا بِالْجِنَايَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ.

[فَرْعٌ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ خَفِيفَةٍ مَثَلًا حَتَّى قَتَلُوهُ]

(فَرْعٌ) لَوْ (ضَرَبُوهُ سِيَاطًا) أَيْ بِسِيَاطٍ خَفِيفَةٍ مَثَلًا حَتَّى قَتَلُوهُ (وَكُلٌّ) مِنْهُمْ (ضَرْبُهُ يَقْتُلُ) لَوْ انْفَرَدَ (قُتِلُوا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقْتَلْ إنْ تَوَاطَئُوا) عَلَى ضَرْبِهِ، وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ مُؤَثِّرًا فِي الزُّهُوقِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ، وَكَمَا لَوْ تَوَالَتْ ضَرَبَاتُ الْوَاحِدِ وَتَخَالَفَ الْجِرَاحَاتُ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّوَاطُؤُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْجُرْحِ يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَتْ الضَّرَبَاتُ كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا اتِّفَاقًا (فَالدِّيَةُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ (مُوَزَّعَةً عَلَى الضَّرَبَاتِ) ؛ لِأَنَّهَا تُلَافِي ظَاهِرَ الْبَدَنِ فَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ (نَعَمْ إنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا ضَرْبًا يَقْتُلُ) كَأَنْ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا (ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً حَالَ الْأَلَمِ) مِنْ ضَرْبِ الْأَوَّلِ (عَالِمًا بِضَرْبِهِ اقْتَصَّ مِنْهُمَا) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ مِنْهُمَا (أَوْ جَاهِلًا بِهِ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ مِنْ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ شَرِيكُهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ وَعَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ) أَيْ حِصَّةُ ضَرْبِهِ (مِنْ دِيَةِ شِبْهِهِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا ضَرَبَ مَرِيضًا سَوْطَيْنِ جَاهِلًا مَرَضَهُ حَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِأَنَّا لَمْ نَجِدْ ثَمَّ مَنْ نُحِيلُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ سِوَى الضَّارِبِ (وَإِنْ ضَرَبَاهُ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا سَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ ضَرْبًا يَقْتُلُ كَأَنْ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا حَالَ الْأَلَمِ، وَلَا تَوَاطُؤَ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْأَوَّلِ شِبْهُ عَمْدٍ وَالثَّانِي شَرِيكُهُ (بَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِمَا (الدِّيَةُ كَذَلِكَ) يَعْنِي عَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَعَلَى الثَّانِي حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ.

(فَرْعٌ: لَوْ جَرَحَهُ) شَخْصٌ (خَطَأً، وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ فَيُقْتَصُّ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا مَرَّ.

[بَابُ تَغَيُّرِ حَال الْجَارِحِ أَوْ الْمَجْرُوحِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ]

(بَابُ تَغَيُّرِ الْحَالِ) أَيْ حَالَ الْجَارِحِ، أَوْ الْمَجْرُوحِ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) بِالْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ، أَوْ بِالْقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ (لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ) مَثَلًا (حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ) ، أَوْ أَمِنَ (ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَلَا ضَمَانَ كَعَكْسِهِ) بِأَنْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ، أَوْ أَمِنَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ لِأَنَّهُ جُرْحٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَسِرَايَتُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ (وَكَذَا) لَا ضَمَانَ (لَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ لِذَلِكَ نَعَمْ يَضْمَنُهُ بِالْكَفَّارَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، أَوْ رَمَى عَبْدَهُ، أَوْ قَاتَلَ أَبِيهِ فَأَعْتَقَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (أَوْ عَفَا) عَنْ قَاتِلِ أَبِيهِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (وَجَبَتْ الدِّيَةُ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ، وَالرَّمْيُ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَهَذَا (كَمَنْ كَانَ عَبْدًا) ، أَوْ مُرْتَدًّا (حَالَ الْحَفْرِ) لِبِئْرٍ بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ (فَعَتَقَ) الْعَبْدُ، أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ (ثُمَّ تَرَدَّى) فِيهَا فَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَا قِصَاصَ.

(وَإِنْ رَمَى حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْحَرْبِيُّ (قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ) ، أَوْ لَا (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ هُنَا حَصَلَتْ حَالَةَ كَوْنِ الرَّامِي مُلْتَزِمًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ) مُرْتَدًّا (بِالسِّرَايَةِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ بِالْجُرْحِ) لَا بِالنَّفْسِ (إنْ، أَوْجَبَهُ) كَالْمُوضِحَةِ، وَقَطْعِ الْيَدِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي الطَّرَفِ يَنْفَرِدُ عَنْهُ فِي النَّفْسِ وَيَسْتَقِرُّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ غَيْرِهِ ثُمَّ حَزَّ آخِرُ رَقَبَتِهِ، وَلَوْ خَطَأً لَزِمَ الْأَوَّلَ قِصَاصُ الطَّرَفِ وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ مَنْ يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلتَّشَفِّي، وَهُوَ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَوْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا اُنْتُظِرَ كَمَالُهُ لِيَسْتَوْفِيَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْجُرْحُ الْقِصَاصَ كَالْجَائِفَةِ وَالْهَاشِمَةِ، وَكَقَطْعِ الْيَدِ خَطَأً (فَا) لْوَاجِبُ (الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ) لِلنَّفْسِ (وَالْأَرْشِ) لِلْجُرْحِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ كَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَزِدْ بِالسِّرَايَةِ فِي الرِّدَّةِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ مُسْلِمًا لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَبِالْأَوْلَى إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا (وَيَكُونُ) الْوَاجِبُ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَطَعَ أُصْبُعَ يَدِ رَجُلٍ فَتَآكَلَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ]

قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّوْزِيعَ لِلدِّيَةِ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ لَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ.

[فَرْعٌ جَرَحَهُ شَخْصٌ خَطَأً وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ]

(بَابُ تَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) . (فَرْعٌ) لَوْ جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ، وَلَا دِيَةَ فَلَوْ كَانَ جَارِحُهُ مُرْتَدًّا وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا مَرَّ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ مُرْتَدًّا بَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا إلَخْ) لَوْ كَانَ الرَّامِي إلَى الْمُرْتَدِّ هُوَ الْإِمَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ شَارَكَ الْأَجْنَبِيَّ فِي التَّعَدِّي فِي الرَّمْيِ فَقَدْ امْتَازَ عَنْهُ بِإِبَاحَةِ الْقَتْلِ فَرَمْيُهُ إيَّاهُ لِأَجْلِ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ) ، وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

(قَوْلُهُ: فَهَلْ يَضْمَنُ) أَيْ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَنَفْسُهُ هَدَرٌ) أَيْ إذَا كَانَ الْجَارِحُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنْ كَانَ الْجَارِحُ مُرْتَدًّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ مَنْ يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ) فَيَخْرُجُ عَنْهُ قَرِيبُهُ الَّذِي لَيْسَ وَارِثًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ ذُو الْوَلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>