للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعِنَبِ أَيْ لِلْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِمَا (جَازَ) الْعَقْدُ (كَالْمُزَارَعَةِ) تَبَعًا وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُهُ

(كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ ضَمَّهَا وَصَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ فَتْحَهَا وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ مَعْلُومَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ فَخَرَجَ بِمَنْفَعَةٍ الْعَيْنُ وَبِمَقْصُودَةٍ التَّافِهَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبِمَعْلُومَةٍ الْقِرَاضُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَبِقَابِلَةٍ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ وَبِعِوَضٍ هِبَةُ الْمَنَافِعِ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا وَالشَّرِكَةُ وَالْإِعَارَةُ وَبِمَعْلُومٍ الْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ كَالْحَجِّ بِالرِّزْقِ وَدَلَالَةُ الْكَافِرِ لَنَا عَلَى قَلْعَةٍ بِجَارِيَةٍ مِنْهَا نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ بَيْعُ حَقِّ الْمَمَرِّ وَنَحْوِهِ وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: ٦] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ بِلَا عَقْدٍ تَبَرُّعٌ لَا يُوجِبُ أُجْرَةً وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا ظَاهِرًا الْعَقْدُ فَتَعَيَّنَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَأْجَرَا رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأُرَيْقِطِ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ» وَالْمَعْنَى فِيهَا أَنَّ

الْحَاجَةَ

دَاعِيَةٌ إلَيْهَا إذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ مَرْكُوبٌ وَمَسْكَنٌ وَخَادِمٌ فَجُوِّزَتْ لِذَلِكَ كَمَا جُوِّزَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ: الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) عَاقِدَانِ وَصِيغَةٌ وَأُجْرَةٌ وَمَنْفَعَةٌ (الْأَوَّلُ) (الْعَاقِدَانِ) فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ وَالِاخْتِيَارِ (كَمَا فِي الْبَيْعِ) لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارَ الْمُسْلِمِ وَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَنَّ لِلسَّفِيهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِمَا لَا يُقْصَدُ مِنْ عَمَلِهِ كَالْحَجِّ كَمَا لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ بَلْ أَوْلَى.

(وَالثَّانِي) (الصِّيغَةُ) مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ (كَأَجَّرْتُكَ أَوْ أَكْرَيْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ كَذَا) أَيْ شَهْرًا مَثَلًا (بِكَذَا) أَيْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا (وَكَذَا مَنْفَعَةُ) هَذِهِ (الدَّارِ فَيَقُولُ - مُتَّصِلًا -: قَبِلْت أَوْ اكْتَرَيْتُ) أَوْ اسْتَأْجَرْتُ وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ بِهَا فَذِكْرُهَا فِيهَا تَأْكِيدٌ كَمَا فِي بِعْتُك رَقَبَةَ هَذَا أَوْ عَيْنَهُ (وَكَذَا مَلَّكْتُك مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا) بِكَذَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ (لَا بِعْتُك) مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا بِكَذَا لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ وَصَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَفْظِ الْبَيْعِ لَفْظُ الشِّرَاءِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (قَالَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا كَفَى) عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا (وَالْإِجَارَةُ تَكُونُ) وَارِدَةً (عَلَى الْعَيْنِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَوْ نَحْوِهَا (وَتَكُونُ) وَارِدَةً (فِي الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ) لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ كَذَا) وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْكَافِ (وَاسْتَأْجَرْتُك لِكَذَا إجَارَةَ عَيْنٍ) لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ كَمَا لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ فَذِكْرُ الْعَيْنِ أَوْ النَّفْسِ فِي " اسْتَأْجَرْتُ عَيْنَك أَوْ نَفْسَك لِكَذَا " تَأْكِيدٌ (وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ) .

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[كِتَابُ الْإِجَارَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَة أَبْوَاب] [الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ]

كِتَابُ الْإِجَارَةِ)

(قَوْلُهُ: وَالْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ إلَخْ) أَيْ وَالْمُسَاقَاةُ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ قِيلَ فَإِنْ زِيدَ فِي الْحَدِّ لَدَى الْعَقْدِ خَرَجَتَا فَإِنَّ الْجَعَالَةَ إنَّمَا يُمْلَكُ الْجُعْلُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَالْمُسَاقِي إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْحَدِّ إلَى مِلْكِ عِوَضٍ عَاجِلٍ وَلَا آجِلٍ وَإِنَّمَا فِيهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ قَالَ الْغَزِّيِّ تَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ بِقَوْلِهِ " مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ " لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الْمَقْصُودَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا (قَوْلُهُ: وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْإِرْضَاعَ إلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْآيَةِ {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا الْمَاضِي بِلَا تَوَقُّفٍ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَيْعِ) وَلَوْ أَجَّرَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ فِيمَا هُوَ مَقْصُودٌ مِنْ عَمَلِ مِثْلِهِ أَنْ يَكُونَ صَانِعًا وَعَمَلُهُ مَقْصُودٌ فِي كَسْبِهِ لَمْ يَجُزْ وَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَحَجٍّ أَوْ وَكَالَةٍ وَلَيْسَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي كَسْبِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ صَحَّ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَذَا الْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ) فَتَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ وَبِالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابِ وَبِالِاسْتِقْبَالِ وَالْقَبُولِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَلَّكْتُك مَنْفَعَتَهَا شَهْرًا بِكَذَا) كَاسْكُنْ الدَّارَ شَهْرًا بِكَذَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً) بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا يُرَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ إذْ لَفْظُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَيُنَافِي فِي ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْطَأَ - يَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ - مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ دَعْوَاهُ الِانْعِقَادَ مَعَ النِّيَّةِ غَفْلَةٌ عَنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَالْبَيْعُ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّبَايُنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ لِنَقْلِ الْأَعْيَانِ وَالْإِجَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْمَنَافِعِ، الثَّانِي قَوْلُهُ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا " دَعْوَى الصَّرَاحَةِ مَعَ النِّيَّةِ لَا يُعْقَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ إلْزَامِ ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ كَذَا) كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك، أَوْ أَسْلَمْت إلَيْك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِي خِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ أَوْ فِي دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا تَحْمِلُنِي إلَى مَكَّةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَاسْتَأْجَرْتُك لِكَذَا) كَاسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ، أَوْ أَنْ تَخِيطَهُ (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ) السُّفُنُ هَلْ تُلْحَقُ بِالدَّابَّةِ فَتُسْتَأْجَرُ إجَارَةَ ذِمَّةٍ أَوْ بِالْعَقَارِ فَلَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الْأَقْرَبُ إلْحَاقُهَا بِالدَّوَابِّ وَفِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ جَوَازُ قَرْضِ دَارٍ وَنَقَلَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَزِدْ الْجُزْءُ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ مَثَلًا فَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ كَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ مَا جَازَ إقْرَاضُهُ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا أَفْتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>