وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ فِي فَرْجَيْهِ جَمِيعًا لَيُتَوَصَّلَ إلَى الْمُسْتَحَقِّ وَعَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ إنْ أَحْسَنَ الْخَتْنَ خَتَنَ نَفْسَهُ وَإِلَّا ابْتَاعَ أَمَةً تَخْتِنُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءُ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّطْبِيبِ (وَيُخْتَنُ) مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي لَهُ ذَكَرَانِ الذَّكَرَانِ (الْعَامِلَانِ مَعًا أَوْ الْعَامِلُ مِنْ الذَّكَرَيْنِ) ، فَإِنْ شَكَّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْخُنْثَى وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُنْثَى (وَهَلْ يُعْرَفُ) الْعَمَلُ (بِالْجِمَاعِ أَوْ الْبَوْلِ وَجْهَانِ) جَزَمَ كَالرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ بِالثَّانِي وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ (وَمُؤْنَةُ كُلٍّ) مِنْ خِتَانِ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى (فِي مَالِهِ) وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَتِهِ كَمُؤْنَةِ التَّعْلِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَالسُّنَّةُ فِي خِتَانِ الذُّكُورِ إظْهَارُهُ وَفِي النِّسَاءِ إخْفَاؤُهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ وَأَقَرَّهُ
(فَرْعٌ يُجْبِرُ الْإِمَامُ الْبَالِغَ) الْعَاقِلَ (عَلَى الْخِتَانِ) إذَا احْتَمَلَهُ وَامْتَنَعَ مِنْهُ (وَلَا يَضْمَنُ) حِينَئِذٍ (إنْ مَاتَ) بِالْخِتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ وَاجِبٍ (فَلَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ) فَخَتَنَ (أَوْ خَتَنَهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدَيْنِ فَمَاتَ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَبِ، وَالْجَدِّ (نِصْفُ الضَّمَانِ) ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْخِتَانِ وَاجِبٌ، وَالْهَلَاكُ حَصَلَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ وَغَيْرِهِ وَيُفَارِقُ الْحَدَّ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ إلَى الْإِمَامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِمَا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ، وَالْخِتَانُ يَتَوَلَّاهُ الْمَخْتُونُ، أَوْ وَالِدُهُ غَالِبًا فَإِذَا تَوَلَّاهُ هُوَ شُرِطَ فِيهِ غَلَبَةُ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَبِذَلِكَ عُرِفَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَالِدِ فِي الْخِتَانِ (وَمَنْ خَتَنَ مَنْ لَا يَحْتَمِلُ الْخِتَانَ فَمَاتَ) مِنْهُ (اُقْتُصَّ مِنْهُ) لِتَعَدِّيهِ بِالْجَرْحِ الْمُهْلِكِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ حُكْمِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ، فَلَوْ قَالُوا يَحْتَمِلُهُ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ وَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ (فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا ضَمِنَ الْمَالَ) وَلَا قِصَاصَ لِلْبَعْضِيَّةِ أَوْ سَيِّدًا فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا (أَوْ) خَتَنَ (مَنْ يَحْتَمِلُ) الْخِتَانَ (وَهُوَ وَلِيٌّ) لَهُ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إلْحَاقًا لِلْخِتَانِ حِينَئِذٍ بِالْمُعَالَجَاتِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالتَّقْدِيمُ أَسْهَلُ مِنْ التَّأْخِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (أَوْ) وَهُوَ (أَجْنَبِيٌّ فَالْقِصَاصُ) لِتَعَدِّيهِ بِالْمُهْلِكِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إقَامَةَ الشِّعَارِ فَلَا يُتَّجَهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ شُبْهَةً فِي التَّعَدِّي وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي قَطْعِهِ يَدَ السَّارِقِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي مَحَلِّ ضَمَانِ) إتْلَافِ (الْإِمَامِ وَهُوَ فِي عَمْدِهِ وَخَطَئِهِ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ) الصَّادِرَةِ مِنْهُ (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ فِي أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ (فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْحُكْمِ) أَوْ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ (أَوْ جَلَدَهُ فِي الشُّرْبِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ ضَمِنَتْ عَاقِلَتُهُ لَا بَيْتُ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نَفْسٍ وَاجِبٌ بِالْخَطَأِ أَوْ نَحْوِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَخَطَأِ غَيْرِهِ وَكَخَطَئِهِ فِي غَيْرِ الْأَحْكَامِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَشْبِيهِ الْإِمَامِ بِغَيْرِهِ بَيْنَ خَطَئِهِ فِي الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا فَصَّلَهُ الْأَصْلُ لِبَيَانِ الْخِلَافِ، فَلَوْ قَالَ وَهُوَ فِي عَمْدِهِ وَخَطَئِهِ كَغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَكَذَا الْغُرَّةُ) تَضْمَنُهَا عَاقِلَتُهُ (فِي جَلْدِ حَامِلٍ أَجْهَضَتْ) جَنِينًا مَيِّتًا وَإِنْ عُلِمَ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إمَّا خَطَأٌ أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ وَعَطَفَ عَلَى الْغُرَّةِ قَوْلَهُ (أَوْ الدِّيَةُ) أَيْ دِيَةُ الْجَنِينِ فَيَضْمَنُهَا عَاقِلَةُ الْإِمَامِ (إنْ خَرَجَ) مِنْ أُمِّهِ (حَيًّا وَمَاتَ) بِأَلَمِ الْجَلْدِ (وَكَذَا دِيَتُهَا) تَضْمَنُهَا عَاقِلَتُهُ (إنْ مَاتَتْ مِنْ الْإِجْهَاضِ) وَحْدَهُ بِأَنْ أُجْهِضَتْ ثُمَّ مَاتَتْ وَأُحِيلَ الْمَوْتُ عَلَى الْإِجْهَاضِ كَمَا وَجَبَ ضَمَانُ الْجَنِينِ (أَوْ نِصْفُهَا) أَيْ تَضْمَنُهُ عَاقِلَتُهُ (إنْ مَاتَتْ مِنْهُ وَمِنْ الْجَلْدِ) ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ حَذَفَ كَذَا الثَّانِيَةَ أَغْنَتْ عَنْهَا الْأُولَى، وَكَانَ أَخْصَرَ (وَالْكَفَّارَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِهِ وَإِنْ حَدَّهُ) أَيْ الْإِمَامُ شَخْصًا (بِشَاهِدَيْنِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ كَذِمِّيَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ (فَمَاتَ) الْمَحْدُودُ (فَإِنْ قَصَّرَ الْإِمَامُ فِي الْبَحْثِ) عَنْ حَالِهِمَا (اُقْتُصَّ مِنْهُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
يَتَعَلَّقُ بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَحُقُوقُ اللَّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: كَالتَّطْبِيبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ بِلَا حَاجَةٍ أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْوَاضِحَ إذَا أَحْسَنَ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهِ مِنْ أَنْ يَخْتِنَهُ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا تَعَيَّنَ مَنْ كَانَ فِي جِنْسِهِ ثُمَّ مَنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِهِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّ الذِّمِّيَّةَ لَا تَخْتِنُ مُسْلِمَةً مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْخُنْثَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ جَبْرُ الْإِمَامُ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ عَلَى الْخِتَانِ]
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ أَوْ خَتَنَهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنَّ مَنْ خَتَنَ صَغِيرًا فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ بَالِغًا فَأَجْبَرَهُ الْإِمَامُ فِي شِدَّةِ ذَلِكَ وَمَاتَ ضَمِنَ النِّصْفَ أَوْ كَانَ الْفَاعِلُ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ فِي وِلَايَةِ الْخَتْنِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَدَّ الْإِمَامُ مُقَدَّرًا فَمَاتَ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي قَطْعِهِ يَدَ السَّارِقِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ (تَنْبِيهٌ) تَثْقِيبُ أُذُنِ الصَّبِيَّةِ لِتَعْلِيقِ الْحَلَقِ جَائِزٌ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ قَالَ شَيْخُنَا مَا كَتَبَهُ الْوَالِدُ هُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَإِنْ وَافَقَ الْغَزَالِيُّ عَلَى الْحُرْمَةِ فِي فَتَاوِيهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْحُكْمِ إلَخْ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ أَقَامَ الْقَاضِي الْحَدَّ بِطَلَبِ الْخَصْمِ عَلَى خَصْمِهِ وَظَهَرَ مُسْتَنَدُ الطَّالِبِ فَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ بَانَ الطَّالِبُ مِنْ فُرُوعِ الْحَاكِمِ أَوْ مِنْ أُصُولِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَهَلْ نَقُولُ كَمَا لَوْ بَانَ الْخَلَلُ فِي الشُّهُودِ أَوْ نَقُولُ الشُّهُودُ مِنْ شَأْنِهِمْ وَشَأْنُهُ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ الْخَصْمُ.
فَأَجَابَ بِأَنِّي لَمْ أَرَهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ ضَمَانٌ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْخَصْمُ أَقَرَّ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ فَالْبَيِّنَةُ لَا خَلَلَ فِيهَا وَالْخَلَلُ فِي نُفُوذِ حُكْمِ الْقَاضِي هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْخَلَلِ فِي الشُّهُودِ هَذَا مَحَلُّ التَّرَدُّدِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ قَدْ يُحَالِفُ هَذَا (قَوْلُهُ أَوْ فَاسِقَيْنِ) أَيْ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ أَصْلَيْنِ أَوْ فَرْعَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute