نَفْيِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ) الْوَارِثُ (وَأَخَذَهَا وَإِنْ قَالَ) الْوَدِيعُ (حَبَسْتُهَا) عِنْدِي (لِأَنْظُرَ هَلْ أَوْصَى) بِهَا مَالِكُهَا أَوْ لَا (فَهُوَ مُتَعَدِّ ضَامِنٌ) .
(وَإِنْ عَرَفَ الْمُلْتَقِطُ) لِشَيْءٍ (الْمَالِكَ) لَهُ (فَلَمْ يُخْبِرْهُ) بِهِ حَتَّى تَلِفَ (أَوْ عَزَلَ قَيِّمٌ) لِطِفْلِ أَوْ لِنَحْوِهِ أَوْ لِمَسْجِدٍ (نَفْسِهِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْحَاكِمَ بِمَا تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى تَلِفَ أَوْ أَخَّرَ الْقَيِّمُ بَيْعَ وَرَقِ فِرْصَادٍ لِطِفْلٍ وَنَحْوِهِ حَتَّى مَضَى وَقْتُهُ ضَمِنَ لَا إنْ ارْتَقَبَ) بِتَأْخِيرِ بَيْعِهِ (نَفَاقًا) بِالْفَتْحِ أَيْ رَوَاجًا لَهُ (فَرَخَّصَ) فَلَا يَضْمُنُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَذَا قَيِّمُ الْمَسْجِدِ فِي أَشْجَارِهِ وَهَذَا شَبِيهٌ بِتَعْرِيضِ الثَّوْبِ الَّذِي يُفْسِدُهُ الدُّودُ لِلرِّيحِ.
(وَإِنْ) بَعَثَ رَسُولًا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ و (أَعْطَاهُ خَاتَمَهُ أَمَارَةً) لِمَنْ يَقْضِي لَهُ الْحَاجَةَ (وَقَالَ) لَهُ (رُدَّهُ) عَلَيَّ (بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَوَضَعَهُ) بَعْدَ قَضَائِهَا (فِي حِرْزٍ) لِمِثْلِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ (لَمْ يَضْمَنْ إذْ لَا يَجِبُ) عَلَيْهِ (إلَّا التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ) بِمَعْنَى النَّقْلِ وَتَحَمُّلِ مُؤْنَتِهِ.
(وَلَوْ لَمْ يُسْتَحْفَظْ) دَاخِلَ الْحَمَّامِ (الْحَمَّامِيُّ) لِحِفْظِ ثِيَابِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ حِفْظُ الثِّيَابِ) فَلَوْ ضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ نَامَ أَوْ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ وَلَا نَائِبَ لَهُ ثَمَّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. أَمَّا إذَا اسْتَحْفَظَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ.
(وَإِنْ أَوْدَعَهُ قَبَالَةً) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ (وَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ) كَأَنْ قَالَ لَا نَدْفَعُهَا إلَى زَيْدٍ حَتَّى يُعْطِيَكَ دِينَارًا فَدَفَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ (ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغِدِ مَكْتُوبًا) الْأَوْلَى وَالْأَخْصَرُ قِيمَتُهَا مَكْتُوبَةً (وَأُجْرَةُ الْكِتَابَةِ) إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ بَيَانُ مَأْخَذِ قِيمَتِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا إلَى مُنْشِئِهَا الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ظَاهِرًا مِنْ إيجَابِ قِيمَتِهَا مَكْتُوبَةً مَعَ الْأُجْرَةِ فَمَمْنُوعٌ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ الْقِبْلَةَ لَهُ مُتَقَوِّمَةٌ فَإِذَا تَلِفَتْ لَزِمَ قِيمَتُهَا وَلَا نَظَرَ لِأُجْرَةِ الْكِتَابَةِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا لَلَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ثَوْبًا مُطَرَّزًا غَرِمَ قِيمَتَهُ وَأُجْرَةَ التَّطْرِيزِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَالْغَاصِبُ إنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فَقَطْ كَمَا أَجَابَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَالصَّوَابُ لُزُومُهَا فَقَطْ انْتَهَى.
(خَاتِمَةٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ كُلُّ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا إذَا اسْتَسْلَفَ السُّلْطَانُ لِحَاجَةِ الْمَسَاكِينِ زَكَاةً قَبْلَ حَوْلِهَا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا لَهُمْ أَيْ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُلْتَحَقُ بِهَا مَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَحَبَسَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ ثُمَّ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) الْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقِيلَ يَقَعُ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إذَا أَفْرَدَ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا افْتَرَقَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَقَعُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَمِنْ هَذَيْنِ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الْفَيْءِ وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] الْآيَتَيْنِ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ فَيْئًا لِرُجُوعِهِ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ فَاءَ أَيْ رَجَعَ وَالثَّانِي غَنِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ فَضْلٌ وَفَائِدَةٌ مَحْضَةٌ (وَفِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ: الْفَيْءُ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ بِلَا قِتَالٍ وَلَا إيجَافٍ)
أَيْ إسْرَاعِ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (مِنْ جِزْيَةٍ وَعُشُورٍ) مَشْرُوطَةٍ عَلَيْهِمْ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ إذَا دَخَلُوا دَارَنَا (وَتَرِكَةِ مُرْتَدٍّ وَذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ إنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ بَيَانُ مَأْخَذِ قِيمَتِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا الَّتِي مَنْشَؤُهَا الْكِتَابَةُ بِالْأُجْرَةِ فَذَاكَ وَإِنْ أُرِيدَ إلَخْ) لَمْ يُرِدْ بِهِ الشِّقُّ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ ظَاهِرُهُ وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَاغِدَ قَبْلَ كِتَابَتِهِ تَكْثُرُ الرَّغْبَةُ فِيهِ لِلِانْتِفَاعِ بِالْكِتَابَةِ فِيهِ فَقِيمَتُهُ مُرْتَفِعَةٌ كَثِيرَةٌ وَبَعْدَ كِتَابَتِهِ يَصِيرُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ فَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ مَعَ قِيمَتِهِ مَكْتُوبًا أُجْرَةُ كِتَابَةِ الشُّهُودِ لَا حَجَّ مِنَّا بِمَالِكِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَوْ تَلِفَ مَاءٌ بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ مَالِكُهُ بِمَكَانٍ لَا قِيمَةَ لِلْمَاءِ فِيهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لَا مِثْلُهُ وَأَمَّا لُزُومُ قِيمَةِ الثَّوْبِ مُطَرَّزًا دُونَ أُجْرَةِ التَّطْرِيزِ فَلَا إجْحَافَ فِيهِ بِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ تَزِيدُ بِتَطْرِيزِهِ بَلْ كَثِيرًا مَا تُجَاوِزُ الزِّيَادَةُ قِيمَةَ مَا طُرِّزَ بِهِ وَأَجَرْتُهُ وَمِنْ نَظَائِرِ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فَحَفَرَ فِيهَا الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الدَّفْنِ فَمُؤْنَةُ الْحَفْرِ عَلَيْهِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ، وَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَمَا لَوْ حَمَى الْوَطِيسُ لِيُخْبَزَ فِيهِ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَبَرَّدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا يُخْبَزُ فِيهِ.
[خَاتِمَةٌ مَالٍ تَلِفَ فِي يَدِ أَمِينٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ]
(قَوْلُهُ خَاتِمَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ إلَخْ) رَأَيْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَمِينَ عَلَى الْبَهِيمَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْمُودَعِ وَالرَّاعِي وَنَحْوِهِمَا لَوْ رَآهَا وَقَعَتْ فِي مَهْلَكَةٍ فَذَبَحَهَا جَازَ وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ. قُلْتُ وَيَجِبُ أَنْ يَلْزَمَهُ إعْلَامُ رَبِّهَا بِهَا إنْ أَمْكَنَهُ وَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُهَا بِلَا كُلْفَةٍ نُظِرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ الْمَالِكُ فِي ذَبَحَهَا لِمَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْأَمِينُ إلَّا بِبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ع وَمَا نُظِرَ فِيهِ لَيْسَ بِمُرَادٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ: وَلَوْ سَقَطَتْ شَاةٌ وَلَمْ يَذْبَحْهَا الرَّاعِي حَتَّى مَاتَتْ لَمْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ وَلَوْ عَلِمَ بِالْقَرَائِنِ أَنَّهَا لَا تَعِيشُ غَالِبًا فَيَجُوزُ لَهُ الذَّبْحُ وَلَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِهِ وَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنَّ تَلَفَهُ فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ بَائِعِهِ
[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]
[الْبَاب الْأَوَّلُ الْفَيْءُ]
[فَصْلٌ يُقْسَمُ الْفَيْءِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ]
(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) هَذَا شَطْرُ بَيْتٍ مَوْزُونٍ وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ وَالْقِسْمُ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: ٤١] الْآيَتَيْنِ) وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَقَدْ فَسَّرَ لَهُمْ الْإِيمَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ الْغَنَائِمُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتُحْرِقُهُ ثُمَّ أُحِلَّتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ وَسُمِّيَ الْأَوَّلُ فَيْئًا إلَخْ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ أَيْضًا فَلِذَلِكَ قِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا.
(قَوْلُهُ وَذِمِّيٍّ لَا وَارِثَ لَهُ) وَكَذَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِ ذِمِّيٍّ مَاتَ عَنْ وَارِثٍ غَيْرِ جَائِزٍ قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا قَالَ مَالُ ذِمِّيٍّ مَعَ كَوْنِ الْحَرْبِيِّ يَرِثُهُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَالِ الْمُحْتَرَمِ وَمَالُ الْحَرْبِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ قَهْرًا مَعَ كَوْنِهِ حَيًّا