للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَحَرَّ دُخُولَ بَعْضِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى السُّجُودَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِمَّا إذَا قَرَأَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) الْأَذَانُ وَالْأَذِينُ وَالتَّأْذِينُ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً الْإِعْلَامُ قَالَ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٣] وَشَرْعًا قَوْلٌ مَخْصُوصٌ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] وَقَوْلُهُ {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٥٨] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْت يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ فَقَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْت نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَوَلَا أَدُلُّك عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْت بَلَى فَقَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ وَتَقُولُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت فَقَالَ إنَّهَا رُؤْيَا حَقٍّ إنْ شَاءَ اللَّهُ قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِلَّهِ الْحَمْدُ»

(هُوَ) أَيْ الْأَذَانُ (وَالْإِقَامَةُ سُنَّتَانِ) عَلَى الْكِفَايَةِ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَالُوا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ وَدُعَاءٌ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَاكَ شِعَارٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ ذَاكَ دُعَاءٌ إلَى مُسْتَحَبٍّ وَهَذَا دُعَاءٌ إلَى وَاجِبٍ وَإِنَّمَا يُسَنَّانِ (فِي الْمَكْتُوبَاتِ) الْخَمْسِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا كَالسُّنَنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ بَلْ يُكْرَهَانِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ (فَلْيُظْهِرْ الْأَذَانَ) أَيْ يُسَنُّ إظْهَارُهُ (فِي الْبَلَدِ) مَثَلًا (بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُصْغٍ إلَيْهِ) مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَفِي بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ يَكْفِي فِي مَحَلٍّ وَفِي كَبِيرَةٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي مَحَالٍّ لِيَنْتَشِرَ فِي جَمِيعِ أَهْلِهَا فَلَوْ أَذَّنَ وَاحِدٌ فِي جَانِبٍ فَقَطْ حَصَلَتْ السُّنَّةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ (فَلَوْ تَرَكُوهُ) وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ (لَمْ يُقَاتَلُوا) كَسَائِرِ السُّنَنِ

(وَيُسَنُّ) الْأَذَانُ (لِلْمُنْفَرِدِ) بِالصَّلَاةِ (وَلَوْ سَمِعَهُ) مِنْ غَيْرِهِ وَيَكْفِي فِي أَذَانِهِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّرْجِيحُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ سَمِعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ (وَيُعْلِنُ) أَيْ يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ نَدْبًا رَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (لَا) إنْ صَلَّى (فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ) وَصَلَّى (فِيهِ) وَإِنْ لَمْ تُقَمْ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً بِأَنْ أُقِيمَتْ فُرَادَى (أَوْ) فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ وَ (أُقِيمَتْ) فِيهِ (جَمَاعَةً) فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَا قَدَّرْته كَانَ أَوْلَى وَاعْتَبَرَ الْأَصْلَ مَعَ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ انْصِرَافَهُمْ حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ لَا إنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَانْصَرَفُوا فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِئَلَّا يُوهِمُ السَّامِعِينَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى لَا سِيَّمَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَوْ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْمَسْجِدِ سُنَّ لَهُمْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الصَّلَاةِ يُضَادُّ الصِّحَّةَ كَنَهْيِ التَّحْرِيمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْأَمْرِ وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الشَّيْءِ مَطْلُوبًا مَنْهِيًّا وَلَا يَصِحُّ إلَّا مَا كَانَ مَطْلُوبًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ إلَخْ) لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِيَسْجُدَهَا لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ)

(قَوْلُهُ سُنَّتَانِ عَلَى الْكِفَايَةِ) شَمِلَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ لِلْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ كَمَا ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ ش (قَوْلُهُ وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إيجَابُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ح (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَنَّانِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ فَقَطْ) يُؤَذِّنُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى وَيُقِيمُ فِي الْيُسْرَى وَيُشْرَعُ الْأَذَانُ أَيْضًا إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ أَيْ تَمَرَّدَتْ الْجَانُّ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ وَرَدَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ لَا تَرِدُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَذَانِ مَعَ الْإِقَامَةِ وَهَذَا أَذَانٌ بِلَا إقَامَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ) فِي التَّتِمَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِيدِ ز (قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكُوهُ لَمْ يُقَاتَلُوا) وَإِنْ تَرَكُوهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ

(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ) وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ش وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ ح (قَوْلُهُ لَا فِي مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ حَيْثُ لَمْ يُؤَذِّنْ أَوَّلًا وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ أَذَّنَ بِمَسْجِدٍ صَلَّيْنَا فِيهِ جَمَاعَةً لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ وَإِلَّا رَفَعَ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ لَوْ حَضَرَ وَقَدْ صَلَّتْ الْجَمَاعَةُ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِخَفْضِ الصَّوْتِ سَوَاءٌ رَجَا جَمَاعَةً أَمْ لَا وَيُكْرَهُ رَفْعُهُ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْجِيرَانَ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ مُطْلَقًا وَقَالَ الْقَمُولِيُّ وَهَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ سَوَاءٌ رَجَا حُضُورَ جَمَاعَةٍ أَمْ لَا وَقَالَ الْأَصْفُونِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْحِجَازِيُّ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا) أَيْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْفَعَ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُوهِمَ السَّامِعِينَ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>