وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ) صَفْقَةً (فَلَا بُدَّ) فِي صِحَّةِ قَبْضِهَا (مِنْ نَقْلِهَا) كَمَا لَوْ أُفْرِدَتْ وَقِيلَ لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَزَادَ إنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً ثُمَّ اشْتَرَى مَكَانَهَا قَامَتْ التَّخْلِيَةُ فِيهِ مَقَامَ قَبْضِهَا. اهـ. وَتَابَعَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْعُمْرَانِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الشَّاشِيُّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمِلْكِ مَوْضِعِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي دَارِهِ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذِهِ لَا قَبْضَ فِيهَا أَصْلًا وَتِلْكَ فِيهَا قَبْضُ الْعَقَارِ فَاسْتَتْبَعَ قَبْضَ الْمَنْقُولِ لَكِنَّهَا تَشْكُلُ بِشِرَاءِ الْمَنْقُولِ مَعَ الدَّارِ صَفْقَةً وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحُدُوثَ أَقْوَى مِنْ الْمَعْنَى هَذَا وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا قَاسَهُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يُلَوِّحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا قَالَهُ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ تَرَكَهُ
(فَرْعٌ) لَوْ (امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَفَائِدَتُهُ مَعَ أَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَافٍ كَمَا سَيَأْتِي خُرُوجُ الْبَائِعِ عَنْ عُهْدَةِ اسْتِقْرَارِ ضَمَانِ الْيَدِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الِامْتِنَاعِ (نَوَّبَ) أَيْ أَنَابَ (عَنْهُ الْحَاكِمُ) مَنْ يَقْبِضُهُ عَنْهُ (كَالْغَائِبِ وَإِنْ وَضَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ مَنْ لَهُ الْقَبْضُ (بِأَمْرِهِ كَفَى وَكَذَا لَوْ) سَكَتَ أَوْ (نَهَاهُ) كَأَنْ قَالَ لَا تُقْبِضنِيهِ أَوْ قَالَ لَا أُرِيدُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَمَا فِي الْغَصْبِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ (وَيَدْخُلُ) الْمَوْضُوعُ (بِهَذَا) الْوَضْعِ (أَيْضًا فِي ضَمَانِهِ) حَتَّى لَوْ تَلِفَ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ (لَا إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا) فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَكْفِي لِضَمَانِ الْغَصْبِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ مَسَافَةُ التَّخَاطُبِ فَأَتَى بِهِ الْبَائِعُ إلَى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا أَوْ إلَى نِصْفِهَا فَوَجْهَانِ أَوْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا كَانَ قَبْضًا قَالَ وَيَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى مَسَافَةٍ تَنَالُهُ يَدُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى قِيَامٍ وَانْتِقَالٍ وَلَوْ وَضَعَهُ الْبَائِعُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَالْمُشْتَرِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا. اهـ.
(فَرْعٌ وَإِنْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُقْبِضًا) لَهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ (وَلَا ضَامِنًا لِلظَّرْفِ) لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ (وَيَضْمَنُهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (فِي السَّلَمِ) لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ (وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهُ) الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ (لِيَجْعَلَ) الْبَائِعُ (الْمَبِيعَ فِيهِ) كَأَنْ قَالَ لَهُ أَعِرْنِي ظَرْفَك وَاجْعَلْ الْمَبِيعَ فِيهِ فَفَعَلَ لَمْ يَصِرْ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَا ضَامِنًا لِلظَّرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ هُوَ الْبَائِعُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي مَسْأَلَةِ جَعْلِهِ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ (وَلَا بُدَّ مَعَ النَّقْلِ) لَمَّا بِيعَ مِقْدَارٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (مِنْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ) أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالْكَيْلِ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ فِيمَا قَدَّرَ بِكَيْلٍ وَقِيسَ بِهِ الْبَقِيَّةُ وَذَلِكَ (فِي نَحْوِ بِعْتُك عَشَرَةَ آصُعٍ أَوْ أَرْطَالٍ مِنْ هَذِهِ الْعِشْرِينَ) صَاعًا أَوْ رَطْلًا كُلَّ صَاعٍ أَوْ رَطْلٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعْتُك هَذِهِ الْأَغْنَامَ كُلَّ رَأْسٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ الْعِشْرِينَ كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَمِّيَّةِ ذَلِكَ شَرْطٌ وَأَنَّ تَفْرِيقَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَحِيحًا (فَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا أَوْ وَزْنَ مَا اشْتَرَاهُ كَيْلًا أَوْ عَكْسَ أَوْ أَخْبَرَهُ الْمَالِكُ) بِقَدْرِهِ (وَصَدَّقَهُ وَقَبَضَ) أَيْ أَخَذَهُ (فَهُوَ ضَامِنٌ) لَهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (لَا قَابِضٌ) لَهُ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ صَحَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ لِتَمَامِ الْقَبْضِ وَحُصُولِ الْمَالِ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا بَقِيَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الِانْفِسَاخِ بِخِلَافِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
مِنْ فِقْهِ الْبَابِ فَاعْتَمِدْهُ وَإِطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ ظَاهِرٌ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ أَمَّا مَا كَانَ قَبْضُهُ بِالْيَدِ كَثِيَابٍ يَتَنَاوَلُهَا وَيَضَعُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا فَقَبْضُهُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَنَاوُلِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَزَادَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ وُجُوبُ التَّحْوِيلِ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسْأَلَةِ شِرَائِهِمَا صَفْقَةً (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا قَالَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ]
(قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ) لَوْ جَاءَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ لُحُوقِ ضَرَرٍ عَلَى الْمُشْتَرِي كَاتِبَهُ (قَوْلُهُ نَوَّبَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَالْغَائِبِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَلَا طَرِيقَ إلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ) بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ غَافِلٍ وَلَا نَائِمٍ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَلَا يَضْمَنْهُ) وَإِنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ) أَيْ بِالْفِعْلِ
[فَرْعٌ جَعَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ]
(قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ مُقْبِضًا لَهُ) نَعَمْ إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَفَى أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ) مِثْلُهُ الْمُقْتَرِضُ (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إذْ فَاعِلُ اسْتَعَارَهُ فِي كَلَامِهِ الْبَائِعُ لَا الْمُشْتَرِي كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ إلَخْ) الْآمِرُ فِي تِلْكَ الْمُشْتَرِي وَالْجَاعِلُ الْبَائِعُ وَالْآمِرُ فِي هَذِهِ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ بِعْتُك عَشَرَةَ آصُعٍ) لَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا أَوْ صَاعًا فَاكْتَالَ بِالْمَكُّوكِ أَوْ بِالْمُدِّ وَهُوَ رُبْعُ الْقَفِيزِ وَالصَّاعِ فَهَلْ يَصِحُّ وَجْهَانِ وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ صَحَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا سَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَقَدْ أَوْضَحْته
[فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِمَا الْقَبْضُ]
ثَمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute