للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَتَاعُ الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْأَصْلِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الْمَبِيعَ وَلَا دُخُولُ الْمُشْتَرِي وَلَا تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَشُقُّ (لَا) تَفْرِيغُ (زَرْعٍ مِنْ أَرْضٍ) مَبِيعَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّخْلِيَةِ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّخْلِيَةِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ وَيَكْفِي التَّفْرِيغُ (بِلَا إعْجَالٍ فَوْقَ الْعَادَةِ) اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَإِنْ جَمَعَ) الْبَائِعُ (الْأَمْتِعَةَ) الَّتِي فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ (بِمَخْزَنٍ مِنْهَا) وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا (فَمَا سِوَاهُ) أَيْ الْمَخْزَنِ (مَقْبُوضٌ) فَإِنْ نَقَلَ مِنْهُ الْأَمْتِعَةَ إلَى مَكَان آخَرَ صَارَ قَابِضًا لِلْجُمْلَةِ وَالْمَخْزَنُ بِفَتْحِ الزَّايِ مَا يُخْزَنُ فِيهِ الشَّيْءُ (وَلَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ) مَبِيعٍ (غَائِبٍ غَيْرِ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ فِي يَدِهِ) أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا (وَمَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ) بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ وَالتَّخْلِيَةُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَالنَّقْلُ فِي الْمَنْقُولِ (كَفَى) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحُضُورُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الزَّمَنِ لِأَنَّ الْحُضُورَ الَّذِي كُنَّا نُوجِبُهُ وَلَا الْمَشَقَّةَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِهَذَا الزَّمَنِ فَلَمَّا أَسْقَطْنَاهُ لِمَعْنًى آخَرَ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الزَّمَنِ بَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ وَخَرَجَ بِالْغَائِبِ الْحَاضِرُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يُفْتَقَرُ فِيهِ وَفِي الْغَائِبِ إلَى إذْنِ الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا افْتَقَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وِفَاقًا لِلشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي هَكَذَا افْهَمْ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَبَعًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ فِي الرَّهْنِ غَيْرِ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ فِي يَدِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّخْلِيَةِ أَوْ النَّقْلِ (وَمَا يُنْقَلُ) مِنْ سَفِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَبِالنَّقْلِ) لَهُ رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ» .

وَقِيسَ بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ (فَيَأْمُرُ الْعَبْدَ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَيَقُودُ الدَّابَّةَ) أَوْ يَسُوقُهَا (وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا وَاقِفَةً) وَلَا اسْتِعْمَالُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ (وَلَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ) لَكِنْ فِي الرَّافِعِيِّ فِي الْغَصْبِ لَوْ رَكِبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ حَصَلَ الضَّمَانُ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ التَّنَاوُلُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْضٌ لَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي الْقِسْمَةِ إلَى قَبْضٍ وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنَّقْلِ أَنَّ الدَّابَّةَ مَثَلًا لَوْ تَحَوَّلَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ (فَإِنْ حَوَّلَ) الْمُشْتَرِي (الْمَبِيعَ) مِنْ مَكَانِهٍ (فِي مَكَان لِلْبَائِعِ) مِلْكًا أَوْ غَيْرَهُ كَعَارِيَّةٍ (بِإِذْنِهِ) فِي التَّحْوِيلِ لِلْقَبْضِ (فَهُوَ قَبْضٌ) وَكَأَنَّ الْمُشْتَرِي اسْتَعَارَ مَا نَقَلَ إلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ فِي مُجَرَّدِ التَّحْوِيلِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ (فَلَا) يَكُونُ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِيهِ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ قَبْضًا (بَلْ يَضْمَنُهُ) أَيْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ وَمِلْكٍ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ قَبْضٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ تُحْمَلُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَمُضِيُّ زَمَنٍ فِي الْمَنْقُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَالِيًا اُعْتُبِرَ زَمَنٌ تُمْكِنُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ لَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا إنْ عَطَفْت كَلَامَهُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَمَّا لَوْ قَدَّرَ كَلَامَهُ عَلَى الْمُضَافِ بِأَنْ يُقَالَ وَالتَّخْلِيَةُ أَيْ تُعْتَبَرُ أَيْ مَا أَدَّى ذَلِكَ فَلَا إيهَامَ (قَوْلُهُ وَمَا يُنْقَلُ مِنْ سَفِينَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ تُوهِمُ إلْحَاقَ السَّفِينَةِ بِالْعَقَارِ وَهِيَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ تَحْوِيلِهَا إنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ وَفِي كَبِيرَةٍ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَسِيرُ فِيهِ أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ فَكَالْعَقَارِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالِاسْتِيلَاءِ لِعُسْرِ النَّقْلِ أَب دَخَلَ فِي الْمَنْقُولِ الصُّبْرَةُ الْكَبِيرَةُ وَالْأَحْمَالُ الثَّقِيلَةُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا مَا بَحَثَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ صَحِيحٌ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الرَّافِعِيِّ لَوْ رَكِبَ إلَخْ) ذَكَرَهُ إلْزَامًا ثُمَّ نَقَضَهُ لَا نَقْلًا فَرَاجِعْهُ ت وَلَفْظُهُ أَمَّا الْمَنْقُولُ فَالْأَصْلُ فِيهِ النَّقْلُ لَكِنْ لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَصَحُّهُمَا يَكُونُ غَاصِبًا لِحُصُولِ غَايَةِ الِاسْتِيلَاءِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَاءِ وَلِمَنْ تَصَوَّرَهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ احْتِجَاجِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ لَهُ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا دُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَالثَّانِي تَمَكُّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالرُّكُوبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ دُونَ إذْنِهِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ فَالتَّمَكُّنُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَا تَمَكُّنَ لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي النَّقْلِ بِغَيْرِ إذْنِ مِثْلِهِ فَإِذًا لَا فَرْقَ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هَذَا أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّكُوبِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ قَبْضٌ لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ فِي مَكَان لِلْبَائِعِ مِلْكًا) وَلَوْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ وَفَّاهُ الثَّمَنَ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ الْبُقْعَةَ الَّتِي نَقَلَ إلَيْهَا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الشَّيْءَ الثَّقِيلَ لَا يُعَدُّ مُجَرَّدُ احْتِوَاءِ الْيَدِ عَلَيْهِ فِي الْعُرْفِ قَبْضًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَصْلُحُ قَرَارًا لَهُ فَاحْتِوَاؤُهَا عَلَيْهِ حَالَةَ الْإِشَالَةِ كَالْعَدَمِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى وَضْعِهِ عَنْ قُرْبٍ.

(قَوْلُهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ إذَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ قَالَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ غَيْرُ صَرِيحَةٍ فِي ضَمَانِ الْعَقْدِ أَيْ فِي أَنَّهُ الْمُرَادُ وَمَا صَرَّحْت بِهِ مِنْ أَنَّهُ الْمُرَادُ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا لَكِنْ فَهِمْته

<<  <  ج: ص:  >  >>