للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا (بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) كَمَا تَقَرَّرَ وَلَيْسَتْ الصُّوَرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ فَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ الْتِقَاطِهِ كَالْقِنِّ وَمِنْهَا عَدَمُ وُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا جَنَى عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ أَمَةً أَوْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ) (الْأَوَّلُ الْعِتْقُ) أَيْ وُقُوعُهُ (وَيَقَعُ بِأَدَاءِ كُلِّ النُّجُومِ) لَا بَعْضِهَا لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» (وَالْإِبْرَاءِ) عَنْهَا عَلَى قِيَاسِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ (وَالْحَوَالَةِ بِهَا لَا عَلَيْهَا) بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَلَا) يَعْتِقُ (بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهَا) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ وَتَقَدَّمَ مَا فِي هَذَا (وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ وَعَلَيْهِ) مِنْ النُّجُومِ (دِرْهَمٌ) أَوْ أَقَلُّ لِمَا مَرَّ وَكَنَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ لَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْهُ مَا بَقِيَ ذَلِكَ.

(وَلَا يَنْفَسِخُ بِجُنُونِهِمَا) وَلَا إغْمَائِهِمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِلُزُومِهَا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ كَالرَّهْنِ، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (فَإِنْ جُنَّ السَّيِّدُ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ فَسَلَّمَ) الْمُكَاتَبُ الْمَالَ (إلَى وَلِيِّهِ عَتَقَ) لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ شَرْعًا (أَوْ) سَلَّمَهُ (إلَيْهِ فَلَا) يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ فَاسِدٌ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَالِكِهِ (وَلَا يَضْمَنُهُ) لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ لِتَقْصِيرِ الْمُكَاتَبِ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ (فَإِنْ عَجَّزَهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى سَيِّدِهِ (فِي) حَالِ (الْحَجْرِ) عَلَيْهِ بِالْجُنُونِ أَوْ السَّفَهِ (ثُمَّ ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرُ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ) الْمَالَ (فِي) حَالِ (جُنُونِهِ) إلَى السَّيِّدِ (أَوْ أَخَذَ مِنْهُ السَّيِّدُ بِلَا أَدَاءً) مِنْهُ إلَيْهِ (عَتَقَ) لِأَنَّ قَبْضَهُ مُسْتَحَقٌّ، وَلَوْ أَخَذَهُ بِلَا إقْبَاضٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَقَعَ مَوْقِعُهُ.

(وَتَبْطُلُ) الْكِتَابَةُ (الْفَاسِدَةُ بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ وَبِالْحَجْرِ عَلَيْهِ) لِسَفَهٍ (لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ وَإِغْمَائِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْعَبْدِ لَا لِلسَّيِّدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَبَرُّعٌ فَيُؤَثِّرُ اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ لَا عَقْلِ الْعَبْدِ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ أَيْضًا جَائِزَةٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ وَجَوَازُهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا بِمَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَمِنْهَا مَنْعُهُ مِنْ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ) وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا يَغْلِبُ وَالصِّفَاتُ لَا تَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ وَعَدَمُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْأَمَةِ فِيهَا وَعَدَمُ وُجُوبِ مَهْرٍ لَهَا بِهِ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ حَوَالَتُهُ لِسَيِّدِهِ بِالنُّجُومِ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الْإِحْرَامِ وَتَحْلِيلَهُ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ حِينَئِذٍ.

وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدٌ لِكَافِرٍ فَكَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَمْ يَكْفِ فِي إزَالَةِ سَلْطَنَتِهِ عَنْهُ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ فِي الْخِيَارِ لَيْسَتْ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَعْتِقَ بِالْأَدَاءِ فِي الْخِيَارِ، وَأَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا تَمْنَعُ عَوْدَ الْمُكَاتَبِ إلَى الْبَائِعِ بِإِقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ بِتَحَالُفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَأَدَاؤُهُ عَنْ سَلَمٍ لَزِمَهُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ وَيَجُوزُ إقْرَاضُهُ فَإِذَا قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ مَلَكَهُ وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْ الْمُرْتَدِّ فِي قَبْضِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ سَيِّدِهِ وَلَا عَنْ مُعَامِلِ سَيِّدِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَأَنَّ لِبَائِعِهِ فَسْخَ الْبَيْعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ قَدْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ بِالنُّجُومِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالْفَاسِدَةِ مِنْ السَّيِّدِ وَلَا تَصْدُرُ مِنْ الْوَكِيلِ أَصْلِيَّةً وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِشَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَفِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ مَنْ يَقْبَلُهَا لَهُ تَرَدُّدٌ فَعَلَى الْمَنْعِ تُخَالِفُ الصَّحِيحَةَ.

وَالْأَرْجَحُ الِاسْتِوَاءُ وَأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ السَّيِّدُ مَنْ يَقْبَلُ لَهُ النُّجُومَ وَلَا الْعَبْدُ مَنْ يُؤَدِّيهَا عَنْهُ رِعَايَةً لِلتَّعْلِيقِ بِقَوْلِهِ فَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهَا إذَا أَرْسَلَتْهُ مَعَ وَكِيلِهَا فَقَبَضَهُ الزَّوْجُ لَمْ تَطْلُقْ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ بِهِ كَعَبْدِهِ الْقِنِّ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَفِيهِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ وَأَنَّهُ يَقْبَلُ إقْرَارَ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً بِمَا يُوجِبُ الْأَرْشَ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْعَلَهُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ وَجُعْلًا فِي الْجَعَالَةِ وَيَقِفُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ رُجُوعَ الْأَصْلِ فِيمَا وَهِبَةً لِفَرْعِهِ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ نَظَرُهُ إلَى مُكَاتَبَتِهِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَوَازُ خِطْبَتِهَا مِنْ السَّيِّدِ وَأَنَّهُ يُزَوِّجُهَا إجْبَارًا، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ فَسْخٌ لِلْكِتَابَةِ وَأَنَّ لَهُ مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ تَسْلِيمِهَا نَهَارًا وَأَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهَا وَمَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ السَّفَرِ بِهَا وَأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ الْحَالِّ، وَلِسَيِّدِهَا تَفْوِيضُ بُضْعِهَا وَحَبْسُهَا لِلْفَرْضِ وَتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُهَا صَدَاقًا وَيَكُونُ فَسْخًا وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ رُجُوعَ الزَّوْجِ إلَى كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ شَطْرِهِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُخَالِعَ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَيَكُونُ فَسْخًا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالتَّخَلُّفِ وَالْإِقَالَةِ وَغَيْرِهَا مَا سَبَقَ

[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ) (قَوْلُهُ لِخَبَرِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَهُوَ مَثَلٌ لِلتَّعْلِيلِ، فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ وَلَوْ فَلْسًا كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْحَوَالَةُ بِهَا) مُقْتَضَاهُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَتْ الْحَوَالَةُ بِهِ إذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَنَّهَا بَيْعٌ جَازَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ فَلْيُمْعِنْ الْفَقِيهُ نَظَرًا فِي ذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عَلَى صِفَةٍ فَوُجِدَتْ عَتَقَ وَتَضَمَّنَ الْإِبْرَاءَ عَنْ النُّجُومِ حَتَّى تَتْبَعَهُ أَكْسَابُهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَاءَ لَكَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَنْهَا فَلَا تَتْبَعُهُ الْأَكْسَابُ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِبْرَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ قَصْدًا وَيَقْبَلُهُ ضِمْنًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحَيَاةِ السَّيِّدِ بَلْ فِيمَا إذَا دَبَّرَهُ وَمَاتَ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَمَسْأَلَتُنَا فِي الْعِتْقِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، نَعَمْ ذُكِرَ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي ثُمَّ كَاتَبَهُ فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْهَا؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ التَّعْلِيقِ أَوْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَقَعُ عَنْ الْكِتَابَةِ ر.

(قَوْلُهُ فَيُؤَثِّرُ اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ لَا عَقْلُ الْعَبْدِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>