للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنَ وَالْعِلْمِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ (وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ وَ) أَنْ (يَزِنَ عَنْهُ) مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُمَا (وَ) أَنْ (يَعُودَ الْمَرْضَى وَيَشْهَدَ الْجَنَائِزَ وَيَزُورَ الْقَادِمِينَ وَلَوْ) كَانُوا (مُتَخَاصِمِينَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعْمِيمُ أَتَى بِمُمْكِنِ كُلِّ نَوْعٍ وَخَصَّ مَنْ عَرَفَهُ وَقَرُبَ مِنْهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلَائِمِ إذَا كَثُرَتْ بِأَنَّ أَظْهَرَ الْأَغْرَاضِ فِيهَا الثَّوَابُ لَا الْإِكْرَامُ وَفِي الْوَلَائِمِ بِالْعَكْسِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّفْسُ لَا تَكِنُّ إلَيْهِ وَلِعَدَمِ إيضَاحِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ يُسَوَّى أَوْ يُتْرَكُ كَإِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ

(فَرْعٌ شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَهَا مِنْهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ) شَهَادَةُ الزُّورِ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (أَوْ بِتَيَقُّنٍ) لِلْقَاضِي مِنْهُ (بِأَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ) أَنَّهُ (زَنَى فِي بَلَدٍ) يَوْمَ كَذَا وَقَدْ (رَآهُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي غَيْرِهِ فَيُعَزِّرُهُ بِمَا يَرَاهُ) مِنْ تَوْبِيخٍ وَضَرْبٍ وَحَبْسٍ وَنَحْوِهَا (وَيُشْهِرُهُ) بِأَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ فِي سُوقِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ تَحْذِيرًا عَنْهُ وَتَأْكِيدًا لِلزَّجْرِ وَلَا يَكْفِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا لِاحْتِمَالِ زُورِهَا وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إقَامَتُهَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ

(فَصْلٌ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَفُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ وَمَمْلُوكٍ) لَهُمْ (وَمُكَاتَبٍ لَهُمْ وَلَا) لِشُرَكَائِهِمْ (فِيمَا لَهُمْ فِيهِ شَرِكَةٌ) لِوُجُودِ التُّهْمَةِ وَلَوْ قَالَ وَمَمْلُوكٍ لَهُمْ وَلَوْ مُكَاتَبًا كَانَ أَوْلَى قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ فِي قَضَائِهِ لَلشَّرِيك فِي صُورَةٍ يُشَارِكُ فِيهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُهُمْ (وَيَنْفُذُ) قَضَاؤُهُ (عَلَيْهِمْ) كَمَا تَنْفُذُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِيمَا عَدَا الْفُرُوعَ وَالْأُصُولَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ نُفُوذُ قَضَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ أَخَذْنَا بِهِ وَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ حُكْمٌ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ حُكْمٌ (لَا عَلَى بَعْضٍ لِبَعْضٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ قَضَائِهِ لِبَعْضِهِ فَأَشْبَهَ بَعْضَهُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ (وَيَقْضِي لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ) إذَا وَقَعَتْ لَهُ أَوْ لَهُمْ خُصُومَةٌ (نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ (أَوْ الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ

(وَلَا) يَقْضِي (عَلَى عَدُوٍّ) لَهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ (وَفِي) جَوَازِ (حُكْمِهِ بِشَهَادَةِ ابْنٍ) لَهُ (لَمْ يُعَدِّلْهُ شَاهِدَانِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخَصْمُ لَا الشَّاهِدُ وَالثَّانِي لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَهُ فَإِنْ عَدَّلَهُ شَاهِدَانِ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ وَكَابْنِهِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ أَبْعَاضِهِ (وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُ) أَيْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ كَنَفْسِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ حُكْمِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ وَقِيلَ يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَحْكُمَ لِيَتِيمٍ وَصَّى بِهِ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَلِي أَمْرَ الْأَيْتَامِ كُلِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا فَلَا تُهْمَةَ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَشْهَدُ لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصَرَّحَ الْجُمْهُورُ بِتَرْجِيحِهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

كَانَ بِلَا سَبَبٍ فَإِنْ كَافَأَهُ حَلَّتْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهَا وَهَلْ تَقَرُّ مَعَهُ أَوْ تُرَدُّ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ إنْ كَانَ لِلْعَامِلِ رِزْقٌ يَكْفِيهِ أُخِذَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا أَقَرَّتْ بِيَدِهِ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أَظْهَرَ الْأَغْرَاضَ فِيهَا إلَخْ) وَلِأَنَّ فِي الْوَلَائِمِ ظِنَّةٌ لَيْسَتْ فِي الْعِيَادَةِ وَحُضُورِ الْجَنَائِزِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاعْرِفُوهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا إلَخْ) نَعَمْ تَنْدَفِعُ شَهَادَةُ الزُّورِ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ إنَّهُ شَاهِدُ زُورٍ؛ لِأَنَّهُ جَرْحٌ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْجَارِحُ سَبَبَ الْجَرْحِ تَوَقَّفْنَا فِي الْحُكْمِ لِأَجَلٍ

[فَصَلِّ الْقَاضِي لَا يَنْفُذ قَضَاؤُهُ لنفسه وَفُرُوعه وَأُصُوله]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَمَمْلُوكٍ لَهُمْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا الْأُولَى حُكْمُهُ لِرَقِيقِهِ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ قَبْلَ رِقِّهِ بِأَنْ يَجْنِيَ مُلْتَزِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ ثُمَّ يَنْقُضَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَيَلْتَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُسْتَرَقَّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ قَالَ وَيُوقَفُ الْمَالُ إلَى عِتْقِهِ فَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا فَالْأَظْهَرُ كَوْنُهُ فَيْئًا الثَّانِيَةُ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ الْخَارِجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا قُلْنَا إنَّ كَسْبَهُ لَهُ دُونَ الْوَارِثِ وَكَانَ الْوَارِثُ حَاكِمًا فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ بِطَرِيقِهِ الثَّالِثَةُ: الْعَبْدُ الْمَنْذُورُ إعْتَاقُهُ. الرَّابِعَةُ: الْعَبْدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِلَّذِي وَرِثَهُ الْحُكْمُ لَهُ بِكَسْبِهِ. الْخَامِسَةُ: إذَا كَانَ عَبْدُ الْحَاكِمِ وَكِيلًا فِي دَعْوَى فَطَلَبَ الْحُكْمَ عِنْدَ تَوَجُّهِهِ حَكَمَ لَهُ مَالِكُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ لِلْمُوَكِّلِ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ يَدَهُ نَائِبَةٌ عَنْ يَدِ الْمُوَكِّلِ فَلَيْسَتْ كَيَدِ الْمِلْكِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْحُكْمِ لِأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ كَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدُ الْحَاكِمِ وَكِيلًا (قَوْلُهُ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ) وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لَهُمْ فَالْحُكْمُ أَوْلَى وَشَمِلَ تَحْلِيفَهُ إيَّاهُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ حَكَمَ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ حُكْمٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا) وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ حَكَمَ عَلَى نَفْسِهِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْحُكْمِ دُونَ الْإِقْرَارِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْتَوْفِي مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَسْتَوْفِي مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي عَلَى عَدُوٍّ) وَلَوْ لِعَدُوٍّ أَيْضًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِعَدُوِّهِ عَلَى عَدُوِّهِ وَجْهًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ) أَصَحُّهُمَا لَا (قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ حُكْمِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِيَتِيمٍ وَصَّى بِهِ إلَيْهِ) يَحْكُمُ لِمَحْجُورِهِ بِالْحُكْمِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ حُكْمُهُ عَلَى مَنْ فِي جِهَتِهِ مَالُ وَقْفٍ هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَالْأَوْقَافِ الَّتِي شُرِطَ فِيهَا النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ أَوْ صَارَ فِيهَا النَّظَرُ لَهُ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لِانْقِرَاضِ نَاظِرِهَا الْخَاصِّ لَهُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهَا وَمُوجِبِهَا وَإِنْ تَضَمَّنَ الْحُكْمَ لِنَفْسِهِ فِي الِاسْتِيلَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَلِلْإِمَامِ الْحُكْمُ بِانْتِقَالِ مِلْكٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ بِجِهَةِ الْإِمَامَةِ وَلِلْقَاضِي الْحُكْمُ بِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ فِي جَامَكِيَّتِهِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى شَخْصٍ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى بَيْتِ الْمَالِ بِمَا يَقْتَضِي قَتْلَهُ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْجُمْهُورُ بِتَرْجِيحِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>