(فَقَتَلَهُ) الْمُشْتَرِي (دَفْعًا) لِصِيَالِهِ (لَمْ يَضْمَنْ) ثَمَنَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَبْضًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ الْمَغْصُوبَ دَفْعًا لِصِيَالِهِ لَا يَكُونُ قَبْضًا وَإِنْ عَلِمَ عَبْدَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَبِيعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ الْمَبِيعِ
(فَرْعٌ وَإِتْلَافُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ) إتْلَافًا مُضَمِّنًا (فِي يَدِ مُشْتَرٍ قَبَضَهُ) مِنْهُ (عُدْوَانًا بِأَنْ اسْتَحَقَّ) الْبَائِعُ (حَبْسَهُ كَاسْتِرْدَادِهِ) أَيْ يُجْعَلُ مُسْتَرِدًّا لَهُ بِالْإِتْلَافِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِي قَابِضٌ بِالْإِتْلَافِ وَقِيلَ لَا بَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِاسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فِيهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (لَكِنْ) إذَا جُعِلَ مُسْتَرِدًّا لَهُ (هَلْ يَنْفَسِخُ) الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْمُعْتَبَرِ كَالْآفَةِ (أَوْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ (وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ) مِنْهُمَا (عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي) وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ
(فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ) وَنَحْوَهَا (فِي الْبَحْرِ) إذَا لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا مِنْهُ (وَانْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ) وَالطَّيْرِ إذَا لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ قَبْلَ قَبْضِهَا (تَلَفٌ) فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهَا (وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ) بِالْمَاءِ (أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهَا صُخُورٌ) أَوْ رَكِبَهَا رَمْلٌ قَبْلَ قَبْضِهَا (فَهُوَ عَيْبٌ لَا تَلَفٌ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَا يُنَاقِضُهُ مَا فِي الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّ تَغْرِيقَ الْأَرْضِ تَلَفٌ لَا عَيْبٌ حَتَّى لَوْ حَصَلَ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ إلَّا بِالْحِصَّةِ وَلَا مَا فِي الْإِجَازَةِ مِنْ أَنَّهُ كَانْهِدَامِ الدَّارِ فَيَكُونُ تَلَفًا لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَتْلَفْ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ تَالِفَةً فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا فِي الشُّفْعَةِ فَلِأَنَّ الشَّفِيعَ مُتَمَلِّكٌ وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي بَيْعِ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَلِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ وَلَا يُمْكِنُ تَرَقُّبُ زَوَالِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ
(فَرْعٌ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ) أَوْ ضَلَّ (أَوْ غُصِبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ لِرَجَاءِ الْعَوْدِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ) فَلَهُ الْفَسْخُ (مَا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ الْعَبْدُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَأَجَازَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ كُلَّ سَاعَةٍ فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي (وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ) قَبْلَ عَوْدِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَجَازَ (فَإِنْ سَلَّمَهُ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَا لَمْ يَفْسَخْ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ (الْأَجْنَبِيُّ فَأَجَازَ) الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ (بَطَلَ خِيَارُهُ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْحَوَالَةَ وَهَذَا بَحْثٌ لِلْقَاضِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ مِثْلَ مَا مَرَّ آنِفًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا فِي الْحَوَالَةِ بِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا وَقَعَ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَإِنْ جَحَدَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُشْتَرِي (فَلَهُ الْخِيَارُ لِلتَّعَذُّرِ) أَيْ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ حَالًّا كَمَا فِي الْآبِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي فَسْخِهِ بِمُجَرَّدِ الْجَحْدِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ وَقْفَةٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ
(فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ) وَسَلَّمَهُ (وَغَلَبَ عَلَيْهِ) بِأَنْ عَجَزَ الْبَائِعُ عَنْ انْتِزَاعِهِ مِنْهُ وَتَسْلِيمِهِ لِلْأَوَّلِ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ كَإِتْلَافِهِ لَهُ (فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا عِلْمَ الثَّانِي بِشِرَائِهِ) لَهُ قَبْلَهُ (أَوْ قُدْرَةَ الْبَائِعِ عَلَى انْتِزَاعِهِ) لَهُ مِنْ الثَّانِي (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفَانِ فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ هُوَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَأَخَذَ الْمَبِيعَ مِنْ الثَّانِي فِي الْأُولَى وَحَبَسَ الْبَائِعَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ أَوْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِعَجْزِهِ فِي الثَّانِيَةِ
(فَصْلٌ وَإِنْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ (قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ) كَحُمَّى وَشَلَلٍ (ثَبَتَ) لِلْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) كَمَا مَرَّ (بِلَا أَرْشٍ) لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ (وَكَذَا) لَهُ الْخِيَارُ (بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ) لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَضْمَنْ) لَوْ قَتَلَ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي أَوْ ابْنِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ فَاقْتَصَّ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَوْ وَارِثُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ
[فَرْعٌ إتْلَافُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي يَدِ مُشْتَرٍ قَبَضَهُ مِنْهُ عُدْوَانًا]
(قَوْلُهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ
[فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ وَانْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ تَلَفٌ يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ]
(قَوْلُهُ فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) وَاخْتِلَاطُ غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِ كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ وَسَرِقَتُهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ سَارِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ إلَخْ) فَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُ الْمَاءِ لَكِنَّهُ مَحَا حُدُودَهَا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهَا فَكَاخْتِلَاطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ وُقُوعِ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ وَانْفِلَاتِ الصَّيْدِ إتْلَافٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ حُصُولُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ فَلَا وَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَمِثْلُهُ وُقُوعُ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى الْمَبِيعِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهَا كَانَ تَعْيِيبًا وَإِلَّا انْفَسَخَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هَذَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمَا بِلَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا أَيْ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَذْهَبْ وَلَمْ تَتْلَفْ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الْفَسْخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَالْغَصْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ) إمَّا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ) وَإِنَّمَا قِيلَ وَلَا تُضْمَنُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا غُصِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ
[فَرْعٌ أَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ ضَلَّ أَوْ غُصِبَ قَبْلَ الْقَبْضِ]
(قَوْلُهُ فَرْعٌ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ بُعِثَ الْبَائِعُ فِي شُغْلٍ إلَى قَرْيَةٍ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْغَيْبَةُ مِمَّا لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا غَائِبًا كَانَ قَدْ رَآهُ وَوَفَّى الثَّمَنَ فَلَا فَسْخَ لَهُ فِي الْحَالِ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ لَمَّا عَلِمَ كَوْنَهُ غَائِبًا وَلَهُ الْفَسْخُ إذَا مَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ إحْضَارُهُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَالْمَقْبُوضَةِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا بَحْثٌ لِلْقَاضِي إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا فِي الْحَوَالَةِ إلَخْ) الْفَرْقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ إذْ الْجَامِعُ الرِّضَا بِمَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ ضَرَرٍ
(قَوْلُهُ أَوْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِعَجْزِهِ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَجْزُهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْحَالِفِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَتْ بَيِّنَةً بِعَجْزِهِ غَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ
[فَصْلٌ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ]
(قَوْلُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ بِلَا أَرْشٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِثَمَنِهِ لَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ عِنْدَهُ