للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ وَصْفَ الثَّانِي بِالْعَبْدِيَّةِ يَمْنَعُ عِتْقَهُ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدِي حُرٌّ عَتَقَ) بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ أَوَاخِرَ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (لَا) إنْ قَالَ لَهُ (أَنْت تَظُنُّ أَوْ تَرَى) أَنَّ عَبْدِي حُرٌّ فَلَا يَعْتِقُ وَيُفَارِقُ الْأُولَى بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا فِيهَا لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِعِلْمِهِ وَالظَّنُّ وَنَحْوُهُ بِخِلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي اسْتِفْسَارُهُ فِي صُورَتَيْ تَظُنُّ وَتَرَى وَيَعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ.

(وَإِنْ وَلَدَتْ عَتِيقَةٌ تَحْتَ رَقِيقٍ وَلَدًا فَمَاتَ فَثُلُثُ مِيرَاثِهِ لِأُمِّهِ وَالْبَاقِي لِمَوَالِيهَا) لِوَلَائِهِمْ عَلَيْهِ (فَإِنْ وُلِدَ لَهُ) أَيْ لِلرَّقِيقِ (مِنْ حُرَّةٍ) أَصْلِيَّةٍ (وَلَدٌ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ (بِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ (اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْبَاقِيَ (مِنْ الْمَوَالِي) لِتَقَدُّمِ عَصَبَةِ النَّسَبِ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ (أَوْ) وَلَدَتْهُ (لِسِتَّةِ) أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (فَلَا) يَسْتَرِدُّهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَجِيءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ بَيْنَ افْتِرَاشِ الزَّوْجِ وَعَدَمِهِ.

(وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ لِضَارِبِ عَبْدِهِ) مُعَاتِبًا لَهُ عَلَى الضَّرْبِ (عَبْدُ غَيْرِك حُرٌّ مِثْلَك لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ، وَقَوْلُهُ إنْ وَلَدَتْ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ.

(وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ) إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَالَفَ أَمْرَ مُوَكِّلِهِ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ لَكِنْ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَوْجَبَ تَنْفِيذَ مَا أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ تَتَرَتَّبْ السِّرَايَةُ عَلَى مَا يَثْبُتُ عِتْقُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلِأَنَّ عِتْقَ السِّرَايَةِ قَدْ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ نَفَّذْنَا عِتْقَ بَعْضِهِ بِالسِّرَايَةِ لَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَاحْتَاجَ الْمَالِكُ إلَى نِصْفِ رَقَبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا بِعِتْقِ النِّصْفِ فَقَطْ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ.

(وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ (أَوْ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ) فِيهِ (أَعْتِقْ نَصِيبَك عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ فَوَلَاؤُهُ لِلْآمِرِ بِهِ وَقُوِّمَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ عَلَى الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ لِغَرَضِهِ) وَهُوَ الْعِوَضُ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ وَ (قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ) أَنَّهُ (لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عَنْهُ.

(كِتَابُ التَّدْبِيرِ)

هُوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ، وَشَرْعًا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا وَصِيَّةٍ وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسُمِّيَ تَدْبِيرًا مِنْ الدُّبُرِ، وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دَبَّرَ أَمْرَ دُنْيَاهُ بِاسْتِخْدَامِهِ وَأَمْرَ آخِرَتِهِ بِإِعْتَاقِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ إلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الدُّبُرِ أَيْضًا وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي مَعْنَاهُ فَأَقَرَّهُ الشَّرْعُ عَلَى مَا كَانَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا دَبَّرَ غُلَامًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَتَقْرِيرُهُ لَهُ وَعَدَمُ إنْكَارِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَاسْمُ الْغُلَامِ يَعْقُوبُ وَمُدَبِّرُهُ أَبُو مَذْكُورٍ.

(وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْمَحَلُّ وَالصِّيغَةُ وَالْأَهْلُ فَالْمَحَلُّ الرَّقِيقُ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا (لَا مُسْتَوْلَدَةً) فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِالْمَوْتِ بِجِهَةٍ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ (وَالصِّيغَةُ صَرِيحُهَا) مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ التَّدْبِيرِ (كَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْتُك) أَوْ حَرَّرْتُك (بَعْدَ مَوْتِي، وَكَذَا دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ) أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَتِيقٌ (فَيَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَالْكِنَايَةُ) مَا يَحْتَمِلُ التَّدْبِيرَ وَغَيْرَهُ (كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَجِيءَ فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ إلَى بَاقِيهِ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ النَّصِيبَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْوَكِيلِ قَالَ فَإِذَا حُكِمَ بِالسِّرَايَةِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِالْعِتْقِ الصَّادِرِ مِنْ الْوَكِيلِ فَلَأَنْ يَسْرِيَ إلَى مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْلَى فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا لَمْ يَسْرِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ وَأَعْتَقَ الْبَعْضَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ شَيْءٌ لَكِنَّ تَشَوُّفَ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ أَوْجَبَ تَنْفِيذَ مَا أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ حَذَرًا مِنْ بَقَاءِ الرِّقِّ وَلَمْ تَتَرَتَّبْ السِّرَايَةُ عَلَى مَا ثَبَتَ عِتْقُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ عِتْقَ السِّرَايَةِ قَدْ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ فِي عِتْقٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ نَفَّذْنَا بَعْضَهُ بِالسِّرَايَةِ لَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَاحْتَاجَ الْمَالِكُ إلَى نِصْفِ رَقَبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يَعْتِقُ النِّصْفُ خَاصَّةً فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ السِّرَايَةِ لَا يَشْكُلُ بِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ النِّصْفَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ) قَدْ سَبَقَ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ مُوَافَقَةُ هَذَا التَّصْوِيبِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ وَأَحْسَبُهُ طَرِيقَةَ الْمَرَاوِزَةِ قَاطِبَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي الْعِتْقِ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ قَالَ اعْتِقْ نَصِيبَك عَنِّي عَلَى كَذَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَعْتَقَهُ صَحَّ وَسَرَى عَلَيْهِ غ

[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

[الْبَاب الْأَوَّل فِي أَرْكَان التَّدْبِير]

(قَوْلُهُ لَا مُسْتَوْلَدَةٌ) وَلَيْسَ لَنَا مَا يَمْتَنِعُ التَّدْبِيرُ فِيهِ مَعَ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ سِوَى هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ وَأَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي قَوْلِهِ أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي أَوْ حَرَّرْتُك بَعْدَ مَوْتِي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ لَا يَكُونُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ إلَّا وَعْدًا لَا جَوَابًا وَلَا دُعَاءً؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَ عَبْدِهِ وَأَيَّدَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ طَلَّقْتُك كَانَ وَعْدًا وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا قَالَ وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ. اهـ. هَذَا مَمْنُوعٌ فِيمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ مُطْلَقًا وَأَمَّا فِيهِ نَفْسِهِ فَالْأَمْرُ فِيهِ مَوْكُولٌ إلَى الْقَرَائِنِ فَقَدْ يَكُونُ وَعْدًا كَمَا فِي النَّصِّ الَّذِي أَيَّدَ بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ جَوَابًا كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك إنْ شِئْت (قَوْلُهُ وَالْكِتَابَةُ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك) نَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ خَلَّيْت فِعْلٌ مَاضٍ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِثْلُهُ فِي أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>