للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِبَقِيَّةِ حَيْضَتِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَةَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الطُّهْرِ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَعْقِبُ الْحَيْضَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَهُنَا تَسْتَعْقِبُ الطُّهْرَ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ (وَ) الِاسْتِبْرَاءُ (لِذَاتِ الْأَشْهُرِ) يَحْصُلُ (بِشَهْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ قُرْءٍ (وَلِلْحَامِلِ) يَحْصُلُ (بِالْوَضْعِ) لِحَمْلِهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَلِلْقِيَاسِ وَالْإِجْمَاعِ فِي غَيْرِهَا هَذَا (إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ) بِأَنْ زَالَ فِرَاشُهُ عَنْهَا أَوْ مَلَكَهَا بِسَبْيٍ بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ أَوْ عِدَّتِهِ أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا يَحْصُلُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِالْوَضْعِ (وَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ وَيَحْصُلُ (بِحَيْضَةٍ مِنْ حَامِلٍ بِزِنًا) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَحِضْ (فَبِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِذَلِكَ وَلِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ الزَّوْجِ فَلَا يَكْتَفِي بِوَضْعِ حَمْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالِاكْتِفَاءُ بِحَيْضَةٍ فِي الْحَامِلِ بِزِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ وَالْبَغَوِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ مِنْ الزِّنَا كَالْمُقَارِنِ؛ لِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِالْحَيْضِ الْحَادِثِ لَا بِالْمُقَارِنِ وَاكْتَفَوْا بِالْحَمْلِ الْمُقَارِنِ فَبِالْحَادِثِ أَوْلَى، قَالَ: وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَشْهُرٍ وَحَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِبْرَاءُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ حُصُولُهُ بِمُضِيِّ الْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الزِّنَا كَالْعَدَمِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَالْعَدَمِ فِي الْعِدَّةِ لَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي السَّبَبِ) الْمُوجِبِ لِلِاسْتِبْرَاءِ (وَهُوَ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ الْمِلْكُ) أَيْ حُدُوثُهُ (فَمَنْ مَلَكَ أَمَةً أَوْ شِقْصَ شَرِيكِهِ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا) مِنْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ) لَهَا (بِفَسْخٍ) بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ (أَوْ إقَالَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) هَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ اسْتَبْرَأَهَا مُمَلِّكُهُ قَبْلَ التَّمْلِيكِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (اسْتِبْرَاؤُهَا، وَإِنْ تَحَقَّقَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا كَالصَّغِيرَةِ) وَالْأَيِسَةِ وَالْبِكْرِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ بِوَجْهٍ مَا وَلَوْ بِفَسْخٍ كَإِقَالَةٍ إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (وَإِنْ أَقْرَضَهَا) لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ (فَرُدَّتْ) إلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْمُقْتَرِضِ فِيهَا (أَوْ بَاعَهَا) بَيْعًا مَصْحُوبًا (بِخِيَارٍ فَفُسِخَ) الْبَيْعُ فِي زَمَنِهِ (وَقُلْنَا زَالَ مِلْكُهُ) عَنْهَا (اسْتَبْرَأَهَا) لِتَجَدُّدِ حِلِّهَا بَعْدَ زَوَالِهِ، وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِفَسْخٍ (وَمَنْ حَرُمَتْ) عَلَيْهِ (بِالْكِتَابَةِ) الصَّحِيحَةِ (لَا الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ) كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَرَهْنٍ (ثُمَّ حَلَّتْ) لَهُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (اسْتِبْرَاؤُهَا) لِعَوْدِ الْحِلِّ بَعْدَ زَوَالِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذْ لَهُ الْوَطْءُ فِيهَا وَبِخِلَافِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْمِلْكِ، وَالتَّحْرِيمُ فِي ذَلِكَ لِعَارِضٍ سَرِيعِ الزَّوَالِ وَلِبَقَاءِ مِلْكِ التَّمَتُّعِ فِي الْمَرْهُونَةِ بِدَلِيلِ حِلِّ الْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْوَطْءُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ حَلَّ (وَكَذَا) يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ (بِرِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ) ثُمَّ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى) مَثَلًا (زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ) لَهُ (اسْتِبْرَاؤُهَا) لِيَتَمَيَّزَ الْوَلَدَ فَإِنَّهُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ حُرُّ الْأَصْلِ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحِلِّ وَلِانْتِفَاءِ خَوْفِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ.

(لَكِنْ يَحْرُمُ) عَلَيْهِ (وَطْؤُهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ يَطَأُ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ (فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا) بِغَيْرِهِ (وَقَدْ وَطِئَهَا، وَهِيَ زَوْجَةٌ اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِقُرْأَيْنِ) قَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ فَلَا تَنْكِحُ غَيْرَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِذَلِكَ (وَكَذَا تَعْتَدُّ) مِنْهُ بِقُرْأَيْنِ (إنْ مَاتَ عَقِبَ الشِّرَاءِ) فَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ مَاتَ، وَهِيَ مَمْلُوكَتُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى) مَثَلًا (مُعْتَدَّةً مِنْهُ) وَلَوْ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الِاسْتِبْرَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ، وَهَذَا مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ، وَكَأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوهُ هُنَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَالِاكْتِفَاءُ بِحَيْضَةٍ فِي الْحَامِلِ بِزِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَقَدْ يُفْهَمُ إلَخْ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ حُصُولُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَهِيَ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيُنْظَرُ إلَى الزَّمَانِ بِالِاحْتِيَاطِ الْمُقَرَّرِ فِي عِدَّتِهَا فَإِذَا مَضَتْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَدَّمَ ابْتِدَاءً حَيْضُهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مَثَلًا فَلَمْ يُحْسَبْ ذَلِكَ الْحَيْضُ فَإِذَا مَضَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِيهَا حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ. اهـ. .

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلِاسْتِبْرَاءِ]

(قَوْلُهُ: فَمَنْ مَلَكَ أَمَةً إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ: اعْلَمْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ مَنْ مَلَكَ أَمَةً إلَى آخِرِهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فَوْقَ الْأَلْفِ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ حَرُمَتْ بِالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ) شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْمُكَاتَبَةَ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ، وَالْمُكَاتَبَةُ إذَا عَجَزُوا أَوْ فُسِخَتْ كِتَابَتُهُمَا (قَوْلُهُ: وَرَهْنٍ) مِثْلُ الْمَرْهُونَةِ أَمَةُ الْمَدْيُونِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْجَحَ مُخَالَفَتُهَا لَهَا.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِجَارِيَةِ الْقِرَاضِ إذَا انْفَسَخَ، وَاسْتَقَلَّ بِهَا الْمَالِكُ، وَكَذَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ، وَقُلْنَا الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكٌ بِالْوَاجِبِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ، وَالْحِلِّ. اهـ. هُوَ ظَاهِرٌ فِي جَارِيَةِ الْقِرَاضِ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ، وَأَمَّا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ س. وَقَوْلُهُ: هُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِرِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ) لَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ احْتَاجَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْأَصَحِّ لِحُدُوثِ الْحِلِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاؤُهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>