الزَّوْجُ) عَنْ تَجْهِيزِ زَوْجَتِهِ (فَمِنْ مَالِهَا) جُهِّزَتْ كَغَيْرِهَا، وَإِنْ أَعْسَرَ عَنْ بَعْضِهِ كَمَّلَ مِنْ مَالِهَا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا مَالٌ (فَمِثْلُهَا) مِنْ قَرِيبٍ وَغَيْرِهِ (يُكَفَّنُ) يَعْنِي يُجَهَّزُ وَلَوْ ذِمِّيًّا (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) كَنَفَقَةِ الْحَيِّ فَكَذَا هِيَ (وَلَا يَلْزَمُ الْقَرِيبَ وَ) لَا (بَيْتَ الْمَالِ) فِي التَّكْفِينِ (إلَّا ثَوْبٌ) وَاحِدٌ (لِمَنْ عَدِمَهُ) لِتَأَدِّي الْوَاجِبِ بِهِ بَلْ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ وَكَذَا إنْ كُفِّنَ مِمَّا وُقِفَ لِلتَّكْفِينِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ وَيَكُونُ سَابِغًا وَلَا يُعْطَى الْقُطْنَ وَالْحَنُوطَ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَثْوَابِ الْمُسْتَحْسَنَةِ الَّتِي لَا تُعْطَى عَلَى الْأَظْهَرِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَكُونُ سَابِغًا أَنَّهُ يُعْطَى، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ سِتْرُ الْعَوْرَةِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْقَرِيبِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ كَذَلِكَ فَلَوْ عَبَّرَ كَالرَّوْضَةِ وَالْإِرْشَادِ بِمِنْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْلَى مِنْهُ مَنْ عَلَيْهِ تَجْهِيزُ غَيْرِهِ لِيَدْخُلَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ وَالْمُكَاتَبُ.
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِبَيْتِ الْمَالِ مَالٌ أَوْ تَعَذَّرَ التَّكْفِينُ مِنْهُ (فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ثَوْبٌ) وَاحِدٌ يُكَفَّنُ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُ التَّكْفِينِ مِنْ مُكَلَّفٍ حَتَّى لَوْ كَفَّنَهُ غَيْرُهُ حَصَلَ التَّكْفِينُ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ وَفِيهِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ إلَّا ثَوْبٌ مَعَ مَالِكٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لَهُ بِالْقِيمَةِ كَالطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ زَادَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَازِمٌ لِلْأَمَةِ وَلَا بَدَلَ لَهُ يُصَارُ إلَيْهِ (فَرْعٌ مَنْ كُفِّنَ) مِنْ ذَكَرٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَثْوَابِ جُعِلَتْ لَفَائِفَ) يَسْتُرُ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ بَدَنِهِ (مُتَسَاوِيَةً) طُولًا وَعَرْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ زِيدَ الرَّجُلُ قَمِيصًا وَعِمَامَةً جَازَ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَثَلَاثُ لَفَائِفَ وَلَيْسَتْ زِيَادَتُهُمَا مَكْرُوهَةً لَكِنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَلَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» كَمَا مَرَّ (وَجُعِلَا تَحْتَ اللَّفَائِفِ) ؛ لِأَنَّ إظْهَارَهُمَا زِينَةٌ وَلَيْسَ الْحَالُ حَالَ زِينَةٍ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ (وَإِذَا كُفِّنَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى (فِي خَمْسَةٍ شُدَّ عَلَيْهَا إزَارٌ) ، وَهُوَ وَالْمُتَّزِرُ مَا يُسْتَرُ بِهِ الْعَوْرَةُ (ثُمَّ قَمِيصٌ ثُمَّ خِمَارٌ) ، وَهُوَ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ (ثُمَّ يَلُفُّهُ) الْأَوْلَى يَلُفُّهَا الْغَاسِلُ (فِي ثَوْبَيْنِ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ (وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةٍ) لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهَا لَمْ يَبْعُدْ وَبِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ (نَعَمْ يُشَدُّ) نَدْبًا (عَلَى صَدْرِهَا) فَوْقَ الْأَكْفَانِ (ثَوْبٌ سَادِسٌ يَجْمَعُ الْأَكْفَانَ) عَنْ انْتِشَارِهَا بِاضْطِرَابِ ثَدْيَيْهَا عِنْدَ الْحَمْلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ يُخَافُ مِنْ اضْطِرَابِ ثَدْيَيْهَا لِكِبَرِهِمَا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (وَيُحَلُّ عَنْهَا فِي الْقَبْرِ) كَبَقِيَّةِ الشَّدَّادَاتِ
(فَرْعٌ تُبَخَّرُ الْأَكْفَانُ) نَدْبًا بِعُودٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِأَنْ تُجْعَلَ عَلَى أَعْوَادٍ ثُمَّ تُبَخَّرَ كَمَا تُبَخَّرَ ثِيَابُ الْحَيِّ (وَلَوْ لِمُحِدَّةٍ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْعُودِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ، وَإِنْ تَبَخَّرَ ثَلَاثًا لِخَبَرِ «إذَا جَمَّرْتُمْ الْمَيِّتَ فَجَمْرَةً وَثَلَاثًا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَوْ تَطَوَّعَ أَهْلُهُ فَجَعَلُوا فِيهِ الْمِسْكَ وَالْعَنْبَرَ فَلَا بَأْسَ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْعُودَ أَوْلَى مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ أَحَبُّ مِنْ الْمِسْكِ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ النِّدِّ الْمَعْمُولِ (لَا مُحَرَّمٌ) فَلَا تُبَخَّرُ أَكْفَانُهُ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ (وَيُبْسَطُ) الْكَفَنُ (الْأَوْسَعُ أَوَّلًا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُبْسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا أَيْ كَمَا يُظْهِرُ الْحَيُّ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ وَأَوْسَعَهَا وَالْمُرَادُ أَوْسَعُهَا إنْ اتَّفَقَ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً أَوْ الْمُرَادُ بِتَسَاوِيهَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ شُمُولُهَا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةِ وَجْهٍ قَائِلٍ بِأَنَّ الْأَسْفَلَ يَأْخُذُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَالثَّانِي مِنْ عُنُقِهِ إلَى كَعْبِهِ وَالثَّالِثُ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ (وَيُذَرُّ) بِالْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْأَوْسَعُ (الْحَنُوطُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيُقَال لَهُ الْحِنَاطُ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ أَنْوَاعٌ مِنْ الطِّيبِ تُجْمَعُ لِلْمَيِّتِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَافُورُ وَذَرِيرَةُ الْقَصَبِ وَالصَّنْدَلُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ
(وَكَذَا) يُبْسَطُ فَوْقَهُ (الثَّانِي) وَيُذَرُّ عَلَيْهِ الْحَنُوطُ (وَ) فَوْقَ الثَّانِي (الثَّالِثُ) كَذَلِكَ لِئَلَّا يُسْرِعَ بَلَاؤُهَا مِنْ بَلَلٍ يُصِيبُهَا وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا فِي الْحُسْنِ وَالسَّعَةِ (وَيُزَادُ عَلَى مَا يَلِيهِ) أَيْ الْمَيِّتُ مِنْ الْأَكْفَانِ (كَافُورٌ) لِدَفْعِ الْهَوَامِّ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهِ فِي الْحَنُوطِ وَنَدَبَهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ أَيْضًا لِتَأَكُّدِ أَمْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَتُهُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي أُصُولِ الْحَنُوطِ وَنَصَّ الْإِمَامُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَوْ مُعَاهِدًا أَوْ مُسْتَأْمِنًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَكُونُ سَابِغًا أَنَّهُ يُعْطَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زِيدَ الرَّجُلُ قَمِيصًا وَعِمَامَةً جَازَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ مَوْضِعَ جَوَازِ الْخَمْسَةِ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَرَضُوا أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ غَائِبًا فَلَا وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ) وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْجُرْجَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَمْنُوعَةٌ. اهـ. وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْكَرَاهَةُ
[فَرْعٌ تُبَخَّرُ الْأَكْفَانُ نَدْبًا بِعُودٍ]
(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ شُمُولُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute