للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَةُ الْمُلْقَى قُبَيْلَ هَيَجَانِ الْبَحْرِ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَلَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الْبَحْرِ مَعَ الْخَطَرِ كَقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْقَى مِثْلِيًّا، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا فِي إيجَابِ الْمِثْلِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمُلْتَمِسِ، وَعَلَّلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لِمُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ إلَّا مُشْرِفٌ عَلَى هَلَاكٍ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ، وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ يَجِبُ فِي الْمِثْلِيِّ الْمِثْلُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَمْرٍو أَلْقِ مَتَاعَ زَيْدٍ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ) فَفَعَلَ (ضَمِنَ عَمْرٌو) دُونَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْإِتْلَافِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ ضَمِنَ الْآمِرُ.

[فَرْعٌ لَفَظَ الْبَحْرُ الْمَتَاعَ الْمُلْقَى فِيهِ وَظَفِرْنَا بِهِ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ]

(فَرْعٌ) لَوْ (لَفَظَ الْبَحْرُ) الْمَتَاعَ (الْمُلْقَى) فِيهِ عَلَى السَّاحِلِ وَظَفِرْنَا بِهِ (أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَاسْتَرَدَّ الضَّامِنُ) مِنْهُ (عَيْنَ مَا أَعْطَى) إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا (مَا سِوَى الْأَرْشِ) الْحَاصِلُ بِالْغَرَقِ فَلَا يَسْتَرِدُّهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ وَاضِحٌ.

[فَصْلٌ قَتَلَ حَجَرُ الْمَنْجَنِيق رُمَاتَهُ أَوْ بَعْضَهُمْ بِأَنْ عَادَ عَلَيْهِمْ]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَتَلَ الْمَنْجَنِيقُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا أَيْ لَوْ قَتَلَ حَجَرُهُ (رُمَاتَهُ أَوْ بَعْضَهُمْ) بِأَنْ عَادَ عَلَيْهِمْ (سَقَطَ قِسْطُ) فِعْلِ (كُلٍّ) مِنْهُمْ مِنْ دِيَتِهِ (وَلَزِمَ عَاقِلَةَ الْبَاقِينَ بَاقِي دِيَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِهِمْ (فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً أُهْدِرَ الْعُشْرُ مِنْ دِيَةِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (وَلَزِمَ عَاقِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا، وَكَذَا حُكْمُ دِيَةِ الْوَاحِدِ مِنْ الْعَشَرَةِ إذَا مَاتَ أُهْدِرَ عُشْرُهَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ) عَاقِلَةِ (التِّسْعَةِ عُشْرُهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ عَوْدُهُ عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَمْرٍ صَنَعَهُ الْبَاقُونَ، وَقَصَدُوهُ بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ وَغَلَبَتْ إصَابَتُهُ فَهُوَ عَمْدٌ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بَلْ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ، وَكَأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُمْ وَنَحْنُ صَوَّرْنَاهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ مَدَّ مَعَهُمْ الْحِبَالَ وَرَمَى بِالْحَجَرِ أَمَّا مَنْ أَمْسَكَ خَشَبَةَ الْمَنْجَنِيقِ إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ أَوْ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي الْكِفَّةِ، وَلَمْ يَمُدَّ الْحِبَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُبَاشِرُ غَيْرُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا قَالَ لَكِنْ نَازَعَ صَاحِبُ الْوَافِي فِي التَّعْلِيلِ، وَقَالَ جَوْدَةُ الرَّمْيِ بِذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِوَاضِعِ الْحَجَرِ، وَلَا تُزَالُ يَدُهُ عَلَى الْمِقْلَاعِ وَالسَّهْمِ إلَى أَنْ يَرْتَفِعَ إلَى حَدٍّ يَرَاهُ الْجَاذِبُونَ لِلْحِبَالِ، وَيَنْتَهِي جَذْبُهُمْ بِقُعُودِهِمْ عَلَى الْأَرْضِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّصْوِيرِ فَحَيْثُ تُصُوِّرَ مَا ذُكِرَ فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ، وَإِلَّا فَالثَّانِي (فَإِنْ رَمَوْا) بِهِ شَخْصًا (مُعَيَّنًا أَوْ) أَشْخَاصًا (مُعَيَّنِينَ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) بِهِ (وَهُمْ حُذَّاقٌ) فَأَصَابُوا مَنْ قَصَدُوهُ (فَعَمْدٌ) لِصِدْقِ حَدِّ الْعَمْدِ بِهِ فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ (أَوْ لَمْ تَغْلِبْ الْإِصَابَةُ) بِهِ (أَوْ قُصِدَ) بِهِ (غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ الْجَمَاعَةِ فَشِبْهُ عَمْدٍ) يُوجِبُ دِيَةً مُغَلَّظَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَمْدًا فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ يَعْتَمِدُ قَصْدَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِهِ اُقْتُلْ أَحَدَ هَؤُلَاءِ، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ أَحَدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا وَاحِدًا أَوْ أَصَابَ الْحَجَرُ غَيْرَ مَنْ قَصَدُوهُ بِأَنْ عَادَ فَقَتَلَ بَعْضَهُمْ فَخَطَأٌ يُوجِبُ دِيَةً مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. (وَالسَّهْمُ) إذَا رَمَى بِهِ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ مِنْ جَمَاعَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ شِبْهُ عَمْدٍ.

(وَلَوْ جَرَحَ) شَخْصٌ (مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ هُوَ) ثَانِيًا (وَثَلَاثَةٌ) آخَرُونَ (وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ فَالدِّيَةُ) تَلْزَمُهُمْ (أَرْبَاعًا بِعَدَدِ الْجَارِحِينَ لَا) أَخْمَاسًا بِعَدَدِ (الْجِرَاحَاتِ) وَسُقُوطُ الْخُمُسِ الْآخَرِ بِالرِّدَّةِ، وَهَذَا الْمَنْفِيُّ وِجْهَةُ نَظَرِ قَائِلِهِ بِمَا لَوْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ فِي الرِّدَّةِ، وَأَرْبَعَةٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ (وَيُحَطُّ لِجَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ) مِنْ الرُّبْعِ (ثُمُنٌ) مِنْ الدِّيَةِ (لِأَنَّ جُرْحَ الرِّدَّةِ هَدَرٌ) ، وَحِصَّتُهُ مِنْ الرُّبْعِ الْمُوَزَّعِ عَلَيْهِ، وَعَلَى جُرْحِ الْإِسْلَامِ ثُمُنٌ فَيُحَطُّ مِنْ رُبْعِ جَارِحِيهِمَا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ، وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ عَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَ انْدِمَالِ الْجِرَاحَةِ الْأُولَى فَتَجِبُ الدِّيَةُ أَرْبَاعًا بِلَا حَطٍّ (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ جَرَحَ ثَلَاثَةٌ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحُوهُ مَعَ رَابِعٍ، وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ (فَيُحَطُّ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ) ثُمُنٌ لِذَلِكَ، وَيَبْقَى عَلَى الرَّابِعِ الرُّبْعُ (وَلَوْ جَرَحَهُ أَرْبَعَةٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ) جَرَحَهُ (أَحَدُهُمْ مَعَ ثَلَاثَةٍ) آخَرِينَ (فِي الْإِسْلَامِ) ، وَمَاتَ بِالْجَمِيعِ (فَعَلَى الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ، وَعَلَى جَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ نِصْفُ سُبُعٍ، وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ وَنِصْفُ سُبْعٍ؛ لِأَنَّ جِرَاحَاتِ الرِّدَّةِ هَدَرٌ (وَإِنْ جَرَحَهُ أَرْبَعَةٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ) جَرَحَهُ (أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ) فَمَاتَ بِالْجَمِيعِ (لَزِمَهُ ثُمُنٌ) مِنْ الدِّيَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ يَجِبُ فِي الْمِثْلِيِّ الْمِثْلُ) الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ وَتُعْتَبَرُ بِمَا قَبْلَ الْهَيَجَانِ، وَفِي وَجْهٍ الْوَاجِبُ فِي الْمُتَقَوِّمِ الْمِثْلُ صُورَةً كَالْقَرْضِ مُخْتَصَرُ الْكِفَايَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمِثْلُ وَالثَّانِي الْقِيمَةُ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ مِنْ رَدِّهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ. اهـ. وَقَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ فَإِذَا أَلْقَاهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَجْهَانِ كَالْقَرْضِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَتَى لَزِمَ الْمُسْتَدْعِيَ الضَّمَانُ ضَمِنَ الْمِثْلَ بِمِثْلِهِ وَالْمُتَقَوِّمَ بِقِيمَتِهِ، وَتُعْتَبَرُ بِمَا قَبْلَ هَيَجَانِ الْمَوْجِ فَإِنَّهُ لَا قِيمَةَ حِينَئِذٍ، وَلَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ عَلَى خَطَرِ الْهَلَاكِ كَقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّ، وَعَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُتَقَوِّمِ الْمِثْلُ صُورَةً كَالْقَرْضِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ يَمْلِكُهُ كَالْمُقْرِضِ. اهـ. يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَلْفِظْهُ الْبَحْرُ

[فَرْعٌ قَالَ لِعَمْرِو أَلْقِ مَتَاعَ زَيْدٍ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَفَعَلَ فِي السَّفِينَةِ الَّتِي أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ]

(قَوْلُهُ: أَوْ أَشْخَاصًا مُعَيَّنِينَ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ إلَخْ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْآلَةِ أَنْ تَهْلِكَ غَالِبًا لَا فِي إصَابَتِهَا فَمَتَى أَمْكَنَتْ الْإِصَابَةُ وَحَصَلَتْ وَجَبَ الْقَوَدُ كَمَا لَوْ رَمَى شَخْصًا بِسَهْمٍ قَدْ يُصِيبُهُ، وَقَدْ لَا يُصِيبُهُ فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ فِيهِمَا. اهـ. يُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ فِي الْآلَةِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ بَلْ ذَلِكَ حَيْثُ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ بِهَا كَأَنْ تَكُونَ الْآلَةُ بِيَدِ الْجَانِي أَمَّا الْمَنْجَنِيقُ فَالْمُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْإِصَابَةِ بِهَا لَا فِيهَا وَاسْتِشْهَادُهُ بِرَمْيِ السَّهْمِ، وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ مِنْ السَّطْحِ لَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ إفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>