للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُهُ مِنْ سُكْنَاهُ فِيهِ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ عَلَى أَنْ يُفَارِقَهُ إذَا حَضَرَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ بَطَلَ حَقُّهُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ غَيْرِ سُكَّانِ الْمَدَارِسِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْعَوَامِّ (دُخُولُ الْمَدَارِسِ وَالْأَكْلُ) وَالشُّرْبُ (وَالنَّوْمُ فِيهَا) وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ (لَا السُّكْنَى) فَلَيْسَتْ لَهُمْ (إلَّا لِفَقِيهٍ) مِنْهُمْ فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا مُطْلَقًا لِلْعُرْفِ (أَوْ) لِغَيْرِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (بِشَرْطِ الْوَاقِفِ) لَا بِدُونِ شَرْطِهِ.

(فَرْعٌ النَّازِلُونَ) بِمَوْضِعٍ (فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مَرْعَى الْبَلَدِ لَا يُمْنَعُونَ) مِنْهُ بَلْ هُمْ أَحَقُّ بِهِ وَبِمَا حَوَالَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ لِمَرَافِقِهِمْ (وَلَمْ يُزَاحَمُوا) بِفَتْحِ الْحَاءِ (عَلَى الْمَرَاعِي وَالْمَرَافِقِ إنْ ضَاقَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّسَعَتْ لِانْتِفَاءِ الْإِضْرَارِ بِهِمْ، وَإِذَا رَحَلُوا بَطَلَ اخْتِصَاصُهُمْ وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ الْخِيَامِ وَنَحْوِهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي غَيْرِ مَرْعَى الْبَلَدِ مَرْعَاهُ فَيُمْنَعُونَ مِنْ النُّزُولِ فِيهِ (فَإِنْ اسْتَأْذَنُوا الْإِمَامَ فِي اسْتِيطَانِهَا) أَيْ الْبَادِيَةِ (وَلَمْ يَضُرَّ نُزُولُهُمْ بِالسَّابِلَةِ) أَيْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ (رَاعَى الْأَصْلَحَ) فِي نُزُولِهِمْ بِهَا وَمَنْعِهِمْ وَنَقْلِ غَيْرِهِمْ إلَيْهَا (وَإِنْ نَزَلُوا) بِهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُمْ غَيْرُ مُضِرِّينَ) بِالسَّابِلَةِ (لَمْ يَمْنَعْهُمْ) مِنْ ذَلِكَ كَمَا لَا يَمْنَعُ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا بِغَيْرِ إذْنِهِ إنْ ظَهَرَ فِي مَنْعِهِمْ مَصْلَحَةٌ فَلَهُ مَنْعُهُمْ وَلَيْسَ كَالْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُحْيِيَ مَلَكَ بِهِ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهُمْ دَبَّرَهُمْ بِمَا يَرَاهُ صَلَاحًا لَهُمْ (وَنَهَاهُمْ عَنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ (إحْدَاثِ زِيَادَةٍ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَمَّا إذَا ضَرَّ نُزُولُهُمْ بِالسَّابِلَةِ فَيَمْنَعُهُمْ قَبْلَ النُّزُولِ وَبَعْدَهُ.

[فَصْلٌ طَالَ مُقَامُ الْمُرْتَفِقِ فِي شَارِعٍ وَنَحْوِهِ]

(فَصْلٌ لَوْ طَالَ مُقَامُ الْمُرْتَفِقِ فِي شَارِعٍ وَنَحْوِهِ) كَمَسْجِدٍ (لَمْ يُزْعَجْ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُرْتَفِقِينَ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ الْيَدُ بِالسَّبْقِ فَلَا تُزَالُ (إلَّا فِي الرُّبُطِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمُسَافِرِينَ فَلَا يُزَادُونَ عَلَى مُدَّةِ السَّفَرِ) وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا سَوَاءٌ أَعَيَّنَهَا الْوَاقِفُ أَمْ أَطْلَقَ (إلَّا لِخَوْفٍ، أَوْ مَطَرٍ) فَيُزَادُونَ إلَى زَوَالِ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ الْأَصْلِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ (وَلَا) يُزَادُونَ (عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ) مِنْ الْوَاقِفِ (لِلْجَمِيعِ) أَيْ لِلْمُسَافِرِينَ وَغَيْرِهِمْ (وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقَيُّدِ بِالْمُدَّةِ وَبِالْمُسَافِرِينَ (يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ) فِيمَا وَقَفَهُ (فَيُقِيمُ الطَّالِبُ فِي الْمَدْرَسَةِ) الْمَوْقُوفَةِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ (حَتَّى يَنْقَضِيَ غَرَضُهُ، أَوْ يَتْرُكَ التَّعَلُّمَ وَالتَّحْصِيلَ فَيُزْعَجَ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ فِي مَدْرَسَةٍ أَشْخَاصٌ لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَحُضُورِ الدَّرْسِ وَقُرِّرَ لَهُمْ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ مَا يَسْتَوْعِبُ قَدْرَ ارْتِفَاعِ وَقْفِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ زِيَادَةً عَلَيْهِمْ بِمَا يَنْقُصُ مَا قُرِّرَ لَهُمْ مِنْ الْمَعْلُومِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمْ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي رُبُطِ الْمَارَّةِ إلَّا لِمَصْلَحَتِهَا أَوْ لِخَوْفٍ يَعْرِضُ، أَوْ أَمْطَارٍ تَتَوَاتَرُ (وَلِلْخَانِقَاهْ حُكْمُ الشَّارِعِ) فِيمَا مَرَّ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهَا الضَّبْطُ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ، وَقَافُ الْخَانْقَاهْ مُبْدَلَةٌ مِنْ الْكَافِ لِقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيِّ الْخَانِكَاهْ بِالْكَافِ وَهِيَ بِالْعَجَمِيَّةِ دِيَارُ الصُّوفِيَّةِ.

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَفِيهِ طَرَفَانِ) (الْأَوَّلُ فِي الْمَعَادِنِ) وَهِيَ الْبِقَاعُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمَطْلُوبَةِ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْجَوَاهِرِ الَّتِي فِيهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ (وَهِيَ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ) الْمَعَادِنُ (الظَّاهِرَةُ) وَهِيَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ، وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَحْصِيلِهِ (كَالنِّفْطِ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ دُهْنٌ (وَأَحْجَارِ الرَّحَى، وَالْبِرَامِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ جَمْعُ بُرْمَةٍ وَهُوَ حَجَرٌ تُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ (وَالْكِبْرِيتِ) وَهُوَ عَيْنٌ تُجْرِي مَاءً فَإِذَا جَمَدَ صَارَ كِبْرِيتًا (وَالْقَارِ) وَهُوَ الزِّفْتُ وَيُقَالُ لَهُ الْقِيرُ (وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، وَكَذَا الْجَبَلِيُّ إنْ لَمْ يُحْوِجُ إلَى حَفْرٍ وَتَعَبٍ) وَالْجِصُّ، وَالْمَدَرُ وَأَحْجَارُ النُّورَةِ (الثَّانِي) الْمَعَادِنُ (الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الْمَبْثُوثَةُ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ الْمُحْتَاجَةُ إلَى عِلَاجٍ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْحَدِيدِ، وَلِقِطْعَةِ ذَهَبٍ أَبْرَزَهَا السَّيْلُ، أَوْ أَتَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطَالِبِ قَالَ وَلِهَذَا كَانَ أَكَابِرُ عُلَمَاءِ وَقْتِنَا يَقُولُونَ تَسْتَحِقُّ الْفُقَهَاءُ الْجَامِكِيَّةِ إذَا بَطَلُوا فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي زَمَنٍ عُهِدَتْ فِيهِ الْبِطَالَةُ فِيهَا فَأَمَّا الْمَدَارِسُ الْقَدِيمَةُ الْمَوْقُوفَةُ فِي زَمَنٍ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا فِيهَا، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: تَسْتَحِقُّ الْفُقَهَاءُ الْجَامِكِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ لِدُخُولِ سِقَايَاتِهَا) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ الْحَالُ فِي بُيُوتِ سِقَايَاتِهَا بَيْنَ قِلَّتِهَا وَكَثْرَتِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّرْبِ مِنْ مَائِهَا الْمَاءُ الْجَارِي فِيهَا كَمَا فِي مَدَارِسِ الشَّامِ لَا الْمَنْقُولُ إلَيْهَا كَمَا فِي مَدَارِسِ مِصْرَ قَالَ وَكَانَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ الْمُتَوَرِّعِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَلِيقُ مِنْهُ دَوَاتُهُ كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَاءً مُسَبَّلًا بِالطَّرِيقِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ وَيَتَيَمَّمُ. اهـ. مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ نَظَرًا لِلْعُرْفِ.

[فَرْعٌ النَّازِلُونَ بِمَوْضِعٍ فِي الْبَادِيَةِ فِي غَيْرِ مَرْعَى الْبَلَدِ]

(قَوْلُهُ: لَوْ طَالَ مُقَامٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ إقَامَتُهُ، وَالْمَقَامُ بِالْفَتْحِ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمَالِيهِ إنَّهُ لَوْ شَرَطَ وَاقِفُ الْمَدْرَسَةِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الْمُعِيدُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مُعِيدٌ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِمْرَارُهُ وَأَخْذُهُ الْمَعْلُومَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُرِدْ شُغُورَ مَدْرَسَتِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ هَذَا مُدَّةً وَغَيْرُهُ مُدَّةً قَالَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرْطٍ شَهِدَ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَابْنِ الرِّفْعَةِ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ كَمَا قَالَ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْأَرْضِ وَفِيهِ طَرَفَانِ]

[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي الْمَعَادِنِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ) (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ) أَطْلَقُوا امْتِنَاعَ إقْطَاعِ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي إقْطَاعِ التَّمْلِيكِ، أَمَّا إقْطَاعُ الْإِرْفَاقِ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُحْوِجُ إلَى حَفْرٍ) فَإِنْ احْتَاجَ إظْهَارُهَا إلَى حَفْرٍ وَتَنْحِيَةِ تُرَابٍ فَهِيَ بَاطِنَةٌ (قَوْلُهُ: وَالْيَاقُوتِ) عَدَّهُ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّمِيرِيِّ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَزَمَ الدَّمِيرِيِّ بِكَوْنِهِ مِنْ الْبَاطِنِ وَعَدَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي جُمْلَةِ الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِكَوْنِهِ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>