للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الرُّجُوعَ وَغَرِمَ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثَمَّ مَقْصُودٌ وَهُنَا إنَّمَا حَصَلَ ضِمْنًا فِي عَقْدِ الْخُلْعِ لَكِنْ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ نَظَرٌ فَإِنْ اُشْتُرِطَ أَيْضًا فِي الْحُرِّ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَصْدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي

(وَإِنْ وَكَّلَتْ سَفِيهًا) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَعَهَا (وَأَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا صَحَّ) وَلَزِمَهَا الْمَالُ.

وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّفِيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهِ (وَقَعَ رَجْعِيًّا) كَاخْتِلَاعِ السَّفِيهَةِ نَفْسَهَا (وَلَهُمَا) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ مَعًا (تَوْكِيلُ ذِمِّيٍّ) وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ الْمُسْلِمَةَ وَيُطَلِّقُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَتَخَلَّفَ فَخَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْخَلْعِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالذِّمِّيِّ بَلْ الْحَرْبِيُّ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَعَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْكَافِرِ (وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) لِلْخُلْعِ (لَمْ يَتَوَلَّهُمَا) كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ (وَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ وَكِيلِهِ

(فَصْلٌ يَصِحُّ كَوْنُ الْعِوَضِ مَنْفَعَةً تُسْتَأْجَرُ كَإِرْضَاعِ الطِّفْلِ وَحَضَانَتِهِ) وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا (مُدَّةً مَعْلُومَةً) كَمَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عَيْنًا (فَإِنْ امْتَنَعَ الطِّفْلُ) مِنْ الِارْتِضَاعِ (أَوْ مَاتَ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِي الْبَاقِي) مِنْ الْمُدَّةِ لَا فِي الْمَاضِي مِنْهَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

(وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا (بِقِسْطِهِ) أَيْ الْبَاقِي (مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) إذَا وُزِّعَ عَلَى أُجْرَتَيْ مِثْلِ الْمُدَّتَيْنِ (فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى كَفَالَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ تُرْضِعُهُ مِنْهَا سَنَتَيْنِ وَتَحْضُنُهُ وَتُنْفِقُهُ) أَيْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ (الْبَاقِيَ) مِنْهَا (وَقَدْرَ كِفَايَةِ كُلِّ يَوْمٍ وَكِسْوَةَ كُلِّ فَصْلٍ) أَوْ سَنَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَوَصْفُهُ (بِصِفَاتِ السَّلَمِ الصَّحِيحِ صَحَّ) الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ الْجَامِعِ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ إجَارَةٍ وَسَلَمٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ شَيْئًا أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَصِفْهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ (فَلَا) يَصِحُّ (وَوَجَبَ) عَلَيْهَا لَهُ (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ (وَلِلزَّوْجِ) فِيمَا إذَا صَحَّ الْخُلْعُ (أَمْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ) عَلَى الطِّفْلِ (وَ) لَهُ (أَخْذُهَا) أَيْ النَّفَقَةِ (لِيُنْفِقَ) هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَأَرَادَ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الْكِسْوَةَ ثُمَّ إنْ عَاشَ الطِّفْلُ حَتَّى اسْتَوْفَى الْعِوَضَ فَذَاكَ (فَإِنْ خَرَجَ زَهِيدًا) أَيْ قَلِيلَ الْأَكْلِ وَفَضَلَ مِنْ الْمُقَدَّرِ شَيْءٌ (فَالزَّائِدُ لِلزَّوْجِ أَوْ رَغِيبًا) أَيْ كَثِيرَ الْأَكْلِ وَاحْتَاجَ إلَى زَائِدٍ (فَالزَّائِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ.

(فَإِنْ مَاتَ) الطِّفْلُ (فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ انْفَسَخَ) الْعَقْدُ (فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِ لَا فِي) مَا مَضَى مِنْهَا وَلَا فِي (النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَيَسْتَوْفِي الزَّوْجُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَيَرْجِعُ لِمَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ مِنْ الْمُدَّةِ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (فَتُقَوَّمُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَأُجْرَةُ) مِثْلِ (مُدَّةِ الرَّضَاعِ) الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ (وَتُعْرَفُ نِسْبَةُ) قِيمَةُ (بَاقِيهَا) مِنْ جَمِيعِهَا (فَيُؤْخَذُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) بِتِلْكَ النِّسْبَةِ أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَيَبْقَى اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَشَمَلَهُ قَوْلُهُ (وَلَا تَتَعَجَّلُ النَّفَقَةُ) وَالْكِسْوَةُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهَا (بِمَوْتِهِ) فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهَا بَلْ يَبْقَى مُنَجَّمًا كَمَا كَانَ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ (فَإِنْ انْقَطَعَ جِنْسُ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ ثَبَتَ) لِلزَّوْجِ (الْخِيَارُ) كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِ إذَا انْقَطَعَ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (لَا فِي الْمُنْقَطِعِ) فَقَطْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَرَادَ إفْرَادَهُ بِالرَّدِّ.

فَقَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ) زِيَادَةُ إيضَاحٍ وَمَعَ هَذَا فَلَوْ قَالَ ثَبَتَ الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الْمُنْقَطِعِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَإِنَّمَا لَمْ يُفْسَخْ فِي الْمَنَافِعِ كَالْأَعْيَانِ لِبُعْدٍ بَيْنَهُمَا جِنْسًا وَعَقْدًا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ) وَمُقْتَضَاهَا (فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك) أَوْ أَنْت طَالِقٌ (عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ لَزِمَ) الْأَلْفُ وَبَانَتْ مِنْهُ (أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا) فَقَبِلَتْ (فَكَذَلِكَ) لِأَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ فَجُعِلَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا شَرْطًا (أَوْ وَعَلَيْك لِي أَلْفٌ وَقَعَ رَجْعِيًّا) وَإِنْ قَبِلَتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا بَلْ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا وَتَلْغُو فِي نَفْسِهَا (إلَّا إنْ سَبَقَهُ اسْتِيجَابٌ) مِنْ الزَّوْجَةِ (بِأَلْفٍ) كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ (فَيَلْزَمُ) لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا.

وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ حُمِلَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ) وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ

[فَصْلٌ يَصِحُّ كَوْنُ الْعِوَضِ فِي الْخُلْعِ مَنْفَعَةً تُسْتَأْجَرُ]

(قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ انْفَسَخَ فِي الْبَاقِي) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنْ أَتَى بِصَبِيٍّ مِثْلِهِ لِتُرْضِعَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ أَمْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ بِتَزْوِيجِهَا لِلُزُومِ الْإِجَارَةِ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْخَلْعِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ)

(قَوْلُهُ فَجُعِلَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا شَرْطًا) فَلَا تَطْلُقُ بِضَمَانِهَا إيَّاهُ وَلِإِعْطَائِهَا لَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِطَلَاقِهَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا إلَخْ) شَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ بِمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك حِجَّةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْخُلْعِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَتَلْغُو الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفَةُ (قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ) أَوْ أَضْمَنُ لَك أَوْ أَعْطَيْتُك أَلْفًا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ) فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ إنَّهَا سَأَلَتْهُ بِالْعِوَضِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَتِهِ تَمْلِكُ بُضْعَهَا وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ إلَخْ وَلِأَنَّ الْوَاوَ لِجَوَابِ الْأَمْرِ وَالْأَمْرُ كَالشَّرْطِ هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ لَمَّا سَأَلَهُ سِيبَوَيْهِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ احْمِلْ هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ فَإِنَّهُ بِمَثَابَةِ احْمِلْهُ بِدِرْهَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>