للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّارِقَ، وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ) وَقَدْرَ الْمَسْرُوقِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ (وَالْحِرْزَ) بِتَعْيِينٍ أَوْ وَصْفٍ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْمُقِرِّ بِالسَّرِقَةِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَقُولَ) الشَّاهِدُ (لَا أَعْلَمُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً) وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ (وَإِنْ شَهِدَ) لَهُ (وَاحِدٌ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (وَآخَرُ بِأَسْوَدَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَلَهُ) مَعَ ذَلِكَ (أَنْ يَدَّعِيَ) الثَّوْبَ (الْآخَرَ وَيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّهُمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ كَمَا مَرَّ (وَلَا قَطْعَ) لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ (أَوْ) شَهِدَ (اثْنَانِ) بِسَرِقَةٍ (وَاثْنَانِ) بِسَرِقَةٍ

(فَإِنْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ) كَالْمِثَالِ السَّابِقِ وَكَمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَةِ كِيسٍ غُدْوَةً وَاثْنَانِ بِسَرِقَةِ كِيسٍ عَشِيَّةً (ثَبَتَ الْقَطْعُ، وَالْمَالَانِ) لِتَمَامِ الْحُجَّتَيْنِ (وَإِنْ تَوَارَدَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ) وَاخْتَلَفَ الْوَقْتُ كَأَنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَةِ كَذَا غُدْوَةً وَاثْنَانِ بِسَرِقَتِهِ عَشِيَّةً (تَعَارَضَتَا) فَيَتَسَاقَطَانِ وَفِي صُورَةِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَالْوَاحِدِ لَا يُقَالُ تَعَارَضَتَا؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَتِمُّ (وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِكِيسٍ، وَالْآخَرُ بِكِيسَيْنِ ثَبَتَ الْكِيسُ وَقُطِعَ بِهِ) السَّارِقُ (إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَإِنْ شَهِدَ بِثَوْبٍ وَهُوَ تَالِفٌ) وَقَدْ (قَوَّمَهُ أَحَدُهُمَا نِصَابًا، وَالْآخَرُ نِصْفَهُ ثَبَتَ النِّصْفُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْآخَرِ) أَيْ الشَّاهِدِ بِالنِّصَابِ (لِلْبَاقِي) مِنْهُ أَيْ لِأَخْذِهِ (وَلَا قَطْعَ) عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَتِهِ وَقَوَّمَاهُ بِنِصَابٍ وَآخَرَانِ بِهَا وَقَوَّمَاهُ بِنِصْفِهِ ثَبَتَ النِّصْفُ وَلَا قَطْعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَدْ يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ أَلِفِ " شَهِدَا " رَاجِعًا إلَى كُلٍّ مِنْ وَاحِدٍ وَوَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ

(وَلَوْ شَهِدَ بِسَرِقَةِ مَالِ) شَخْصٍ (غَائِبٍ) أَوْ حَاضِرٍ (حِسْبَةً قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا قَطْعَ) عَلَى السَّارِقِ (حَتَّى يُطَالِبَ الْمَالِكُ) أَيْ يَدَّعِيَ بِمَالِهِ كَمَا مَرَّ (وَتُعَادُ الشَّهَادَةُ) بَعْدَ دَعْوَاهُ (لِلْمَالِ) أَيْ لِثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا تُقْبَلُ فِي الْمَالِ (لَا) لِثُبُوتِ (الْقَطْعِ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فَبِقَطْعٍ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ؛ لِأَنَّا قَدْ سَمِعْنَا الشَّهَادَةَ أَوَّلًا وَإِنَّمَا انْتَظَرْنَا لِتَوَقُّعِ ظُهُورِ مُسْقِطٍ وَلَمْ يَظْهَرْ (وَفِي حَبْسِهِ مَا فِي حَبْسِ الْمُقِرِّ بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ مِنْ تَرَدُّدٍ) أَيْ وُجُوهٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْهَا (وَلَوْ سَرَقَ مَالَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) أَوْ سَفِيهٍ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَا قَطْعَ حَتَّى يَبْلُغَ أَوْ يُفِيقَ) أَوْ يَرْشُدَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا سَرَقَهُ كَالْغَائِبِ

(الْبَابُ الثَّالِثُ) (فِي الْوَاجِبِ) عَلَى السَّارِقِ (وَهُوَ ضَمَانُ الْمَالِ) وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ تَالِفًا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالضَّمَانَ لِلْآدَمِيِّ فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (وَقَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى) قَالَ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] وَقُرِئَ شَاذًّا فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا كَمَا مَرَّ (وَلَوْ) كَانَتْ الْيَدُ (زَائِدَةَ الْأَصَابِعِ أَوْ فَاقِدَتَهَا) أَوْ مَقْطُوعَةَ الْبَعْضِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ الْغَرَضَ التَّنْكِيلُ بِخِلَافِ الْقَوَدِ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ كَمَا مَرَّ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِرَارًا وَلَمْ يُقْطَعْ اُكْتُفِيَ بِقَطْعِ يَمِينِهِ عَنْ الْجَمِيعِ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ كَمَا لَوْ زَنَى أَوْ شَرِبَ مِرَارًا يُكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ وَسَتَأْتِي الْأُولَى فِي الْبَابِ الْآتِي وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فِي الْإِحْرَامِ فِي مَجَالِسَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْفِعْلِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا بِجَارِيَةِ غَائِبٍ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُ الْغَائِبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْفَرْقُ عِنْدِي أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي السَّرِقَةِ قَدْ تَضَمَّنَتْ مَالًا لِمُسْتَحِقٍّ لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ دَعْوَى وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ فَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ غَيْرَ مُقْتَضِيَةٍ لِلثُّبُوتِ الْمُطْلَقِ وَلِهَذَا إذَا حَضَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ لِلْمَالِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالزِّنَا فَلَيْسَ فِيهِ تَعَلُّقُ مَالٍ بِغَائِبٍ فَلِهَذَا لَمْ يُنْتَظَرْ حُضُورُهُ وَيُحَدُّ، فَإِنْ قِيلَ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ زَنَى بِأَمَةِ فُلَانٍ وَهِيَ مُكْرَهَةٌ قُلْنَا الْإِكْرَاهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الزِّنَا بِخِلَافِ السَّرِقَةِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ حَتَّى يُطَالِبَ الْمَالِكُ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَلَوْ قَطَعَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ الطَّلَبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ مَالَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا قَطْعَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ السَّفِيهَ وَقَالَ يُقْطَعُ بِطَلَبِ وَلِيِّهِ الْمَالَ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَوْ قَالَ أَبَحْت الْمَالَ لِلسَّارِقِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ قَالَ وَأَمَّا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ كَجٍّ مِنْ انْتِظَارِ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةِ الْمَجْنُونِ عِنْدَ سَرِقَةِ مَالَيْهِمَا إذَا انْتَظَرْنَا حُضُورَ الْغَائِبِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لِتَعَذُّرِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُمَا فَيُكْتَفَى بِطَلَبِ الْوَلِيِّ. اهـ.

وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ الْوَلِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ مَقَامَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا يَقُومُ الْإِمَامُ مَقَامَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا سُرِقَ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ إذَا فُرِزَ لِطَائِفَةٍ وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ إلَى الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالتَّأْخِيرِ هُنَا تَأْخِيرُ الْقَطْعِ لَا تَأْخِيرُ طَلَبِ الْمَالِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا سِيَّمَا مَعَ طُفُولِيَّةِ الصَّبِيِّ وَعَدَمِ رَجَاءِ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ الْمُتَوَقَّعِ عَوْدُهُ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لِتَعَذُّرِ الْإِبَاحَةِ مِنْهُمَا أَيْ حَالَةَ الصِّبَا وَالْجُنُونِ قَبْلَ السَّرِقَةِ صَحِيحٌ لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ دَلِيلُهُ لَوْ تَوَقَّفَ سُقُوطُ الْقَطْعِ عَلَى الْإِبَاحَةِ قَبْلَ السَّرِقَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالْإِبَاحَةِ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ فَالْبُلُوغُ وَالْإِفَاقَةُ كَقُدُومِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ أَوْ سَفِيهٌ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى السَّارِقِ]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْوَاجِبِ)

(قَوْلُهُ وَقَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى) لَوْ كَانَ السَّارِقُ نِضْوًا بِحَيْثُ يُخْشَى مَوْتُهُ بِالْقَطْعِ وَلَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَقُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ قَاطِعُونَ وَيُؤَخَّرُ الْقَطْعُ لِلْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْبَعْضِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ مُعْظَمُ الْكَفِّ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ لَا تُقْطَعُ لَهُ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَيَكُونُ كَالْعَدَمِ قَطْعًا اهـ قَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْإِسْعَادِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>