يَنْحَرْهُ قَائِمًا (فَبَارِكَا وَ) أَنْ (يُذْبَحَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) وَنَحْوُهُمَا كَالْخَيْلِ وَحُمُرِ الْوَحْشِ بِأَنْ يُقْطَعَ حَلْقُهَا أَعْلَى الْعُنُقِ وَأَنْ تَكُونَ (مُضْجَعَةً) لِلِاتِّبَاعِ فِي الشَّاةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيسَ بِهَا الْبَقِيَّةُ؛ وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ (عَلَى) جَنْبِهَا (الْأَيْسَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ السِّكِّينِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ (مَشْدُودَةَ الْقَوَائِمِ) لِئَلَّا تَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلَّ الذَّابِحُ (لَا الرِّجْلَ الْيُمْنَى) فَلَا تُشَدُّ بَلْ تُتْرَكُ لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا.
(فَإِنْ نَحَرَهَا أَوْ ذَبَحَ الْإِبِلَ) وَنَحْوَهَا (حَلَّ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ كَخَبَرِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» (وَلَمْ يُكْرَهْ) ذَلِكَ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى قَطْعِهِمَا) أَيْ حُلْقُومِهَا وَمَرِيئِهَا مَعَ وَدَجَيْهَا وَفِي نُسْخَةٍ قَطْعُهَا أَيْ الْمَذْكُورَاتِ (وَأَنْ لَا يَبِينَ رَأْسَهَا وَ) أَنْ (لَا يَسْلَخَهَا وَ) أَنْ (لَا يَنْقُلَهَا) إلَى مَكَان (وَ) أَنْ (لَا يُمْسِكَهَا) بَعْدَ الذَّبْحِ (عَنْ الِاضْطِرَابِ حَتَّى تَبْرُدَ) فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ حَتَّى تُفَارِقَ الرُّوحُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ كُرِهَ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْسِرُ فَقَارَهَا، وَلَا يَقْطَعُ عُضْوًا مِنْهَا، وَلَا يُحَرِّكُهَا.
(وَ) أَنْ (تُسَاقَ) إلَى الْمَذْبَحِ (وَ) أَنْ (تُضْجَعَ بِرِفْقٍ) وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (بَعْدَ أَنْ تُسْقَى وَ) أَنْ (لَا تُحَدَّ الشَّفْرَةُ وَ) أَنْ (لَا يُذْبَحَ غَيْرُهَا قُبَالَتَهَا) فِيهَا (وَ) أَنْ (يُكَبِّرَ) اللَّهَ تَعَالَى (قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَهَا عِنْدَ الذَّبْحِ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ (ثَلَاثًا) فَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ (ثُمَّ يَقُولُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي أَيَّامِ التَّكْبِيرِ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ» ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الذَّبْحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا (وَ) أَنْ (يَقُولَ) بَعْدَ ذَلِكَ (اللَّهُمَّ) هَذَا (مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي) أَيْ اللَّهُمَّ هَذَا عَطِيَّةٌ مِنْك وَتَقَرُّبٌ مِنِّي إلَيْك وَتَقَدَّمَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عِنْدَ تَضْحِيَتِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» وَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: تَقَبَّلْ مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْت مِنْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِك وَمُوسَى كَلِيمِك وَعِيسَى رُوحِك وَمُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُكْرَهْ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهِمْ غَيْرُهُمْ فِيهَا لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُولُ التَّشْرِيكَ فِي أَصْلِ التَّقَبُّلِ وَذَكَرَ بَعْضَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ
[فَصْلٌ قَالَ جَعَلْت هَذِهِ الْبَدَنَةَ أَوْ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا]
(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ جَعَلْت هَذِهِ) الْبَدَنَةَ أَوْ الشَّاةَ (أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا) أَوْ هَذِهِ ضَحِيَّةٌ أَوْ هَدْيٌ (أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا أَوْ أُهْدِيَهَا أَوْ) عَلَيَّ أَنْ (أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ أَوْ الدَّرَاهِمِ تَعَيَّنَ) ذَلِكَ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا، وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ عِتْقُهُ لَكِنْ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ) عَنْهُ (إلَّا بِعِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ بَلْ يَنْفَكُّ عَنْ الْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِيمَا ذُكِرَ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَسَاكِينِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْهَدْيِ، وَلِهَذَا لَوْ أُتْلِفَ وَجَبَ تَحْصِيلُ بَدَلِهِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِتْقِ وَقَدْ تَلِفَ وَمُسْتَحِقُّو مَا ذُكِرَ بَاقُونَ (وَإِذَا نَوَى) جَعْلَ هَذِهِ الْأُضْحِيَّةَ مَثَلًا (بِغَيْرِ لَفْظٍ لَمْ تَصِرْ أُضْحِيَّةً، وَإِنْ ذَبَحَهَا) هَذَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَظَاهِرٌ أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَنُطْقِ النَّاطِقِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاةً أَوْ عَبْدًا عَمَّا الْتَزَمَ) فِي ذِمَّتِهِ (مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَعِتْقٍ تَعَيَّنَا) كَمَا لَوْ عَيَّنَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً (لَا دَرَاهِمَ عَيَّنَهَا عَمَّا الْتَزَمَ التَّصَدُّقَ بِهِ) بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْهَا وَمِمَّا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعِتْقِ كَالدَّرَاهِمِ فِي حُكْمِهَا.
(وَمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فَدَخَلَ) عَلَيْهِ (عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ كُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ بَدَنِهِ وَشَعْرِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وَيُكْرَهُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنْ تَحْرِيمِهِ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُقَلِّدُهَا هُوَ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الشَّعْرَ أَوْ ذَكَرَ مَعَهُ الظُّفُرَ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا يُزَالُ بِالْخِتَانِ وَالْفَصْدِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ ذَكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَقِيَاسُ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ لِمَنْ عَزَمَ عَلَى إعْتَاقٍ مُسْتَحَبٍّ أَوْ وَاجِبٍ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ فِدَاءٌ عَنْ الْبَدَنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧] وَفِي مَعْنَى مُرِيدِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَشَارَ تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ كُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ) مَا يُزَالُ مِنْ الْأَجْزَاءِ قَدْ يَجِبُ كَخِتَانِ الْبَالِغِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَالْجَانِي بَعْدَ الطَّلَبِ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَأْخِيرِهِ وَقَدْ يُسْتَحَبُّ كَخِتَانِ الصَّبِيِّ، وَالتَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِهِ مُمْتَنِعَةٌ، وَقَدْ يُبَاحُ كَقَلْعِ السِّنِّ الْوَجِعَةِ وَكَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ إلَخْ) وَقِيلَ: لِلتَّشْبِيهِ بِالْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إلَخْ) لَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مَنْ يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ فَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ مُرَاعَاةً لِجَانِبِ النَّهْيِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ قُرْبَتَانِ إحْدَاهُمَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَدَنِ رُجِّحَتْ، وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ الْأُضْحِيَّةَ وَدَخَلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَخْذُهُ شَعْرَهُ وَظُفُرَهُ، وَهَلْ يُكْرَهُ تَخْلِيلُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فِي الْوُضُوءِ كَمَا قَالُوا بِهِ فِي الْمُحْرِم خَوْفَ الِانْتِتَافِ فِيهِ نَظَرٌ وَمَنْ عَلَّلَ بِالتَّشْبِيهِ بِالْمُحْرِمِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْرَهُهُ وَقَالَ شَيْخُنَا مَتَى عَارَضَ ذَلِكَ يَوْمَ جُمُعَةٍ لَمْ يُزِلْ شَعْرَهُ وَنَحْوَهُ لِأَجْلِهِ إذْ هُوَ خَاصٌّ يَقْضِي عَلَى ذَلِكَ الْعَامِّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ إلَخْ) وَالتَّكْفِيرُ بِالْإِعْتَاقِ إمَّا لِجَبْرِ مَا وَقَعَ أَوْ حَذَرِهِ مِنْ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» فَغَيْرُ مُعَارِضٍ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ لَا يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute