للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَعِنْدَ الرُّجُوعِ كَذَلِكَ أَوْ مُؤَبَّرَةً أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَمْ تَكُنْ مُؤَبَّرَةً عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا مَعَ النَّخْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُبِّرَتْ فِي الْأَخِيرَةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا هَلْ رَجَعَ) الْبَائِعُ (قَبْلَ التَّأْبِيرِ) فَتَكُونُ الثَّمَرَةُ لَهُ (أَوْ بَعْدَهُ) فَتَكُونُ لِلْمُفْلِسِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُفْلِسِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ، وَبَقَاءُ الثَّمَرَةِ لَهُ (وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِسَبْقِ الرُّجُوعِ عَلَى التَّأْبِيرِ لَا عَلَى نَفْيِ السَّبَقِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا قَالَهُ الْقَاضِي فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي مَحَلِّهِ (فَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَمْ يَعْلَمْ) تَارِيخَ الرُّجُوعِ (لَمْ يَحْلِفْ) ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقُهُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ فَتَبْقَى الثَّمَرَةُ لَهُ (وَمَتَى نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ الْبَائِعُ لَا الْغُرَمَاءُ) وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُفْلِسُ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ لَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ (وَأَخَذَهَا) أَيْ الْبَائِعُ الثَّمَرَةَ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَا الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ كَالْبَيِّنَةِ.

(فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (فَكَحَلِفِ الْمُفْلِسِ) فِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةِ هَذَا إنْ كَذَّبَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ كَمَا كَذَّبَهُ الْمُفْلِسُ (وَإِنْ صَدَّقَ الْغُرَمَاءُ الْبَائِعَ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا) لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا لَهُ فَإِذَا حَلَفَ الْمُفْلِسُ أَخَذَهَا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا لِلْحَجْرِ وَاحْتِمَالِ غَرِيمٍ آخَرَ (وَ) لَكِنْ (لِلْمُفْلِسِ إجْبَارُهُمْ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ أَوْ) عَلَى (الْإِبْرَاءِ) لِذِمَّتِهِ (عَنْ قَدْرِهَا) كَمَا لَوْ جَاءَ الْمُكَاتَبُ بِالنَّجْمِ فَزَعَمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ غَصَبَهُ فَيُقَالُ لَهُ: خُذْهُ أَوْ أَبْرِئْهُ عَنْهُ (فَإِنْ أَخَذُوهَا) وَلَوْ إجْبَارًا (فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا) مِنْهُمْ (لِإِقْرَارِهِمْ فَلَوْ بَاعَهَا) الْحَاكِمُ (لَهُمْ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ (بِجِنْسِ حَقِّهِمْ) وَصَرَفَهُ إلَيْهِمْ (لَمْ يَأْخُذْهُ بَائِعُ النَّخْلِ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا لَهُ بِهِ (بَلْ عَلَيْهِمْ رَدُّهُ إلَى مُشْتَرِيهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (فَإِنْ رَدَّهُ) مُشْتَرِيهَا بَلْ أَوْ لَمْ يَرُدَّهُ فِيمَا يَظْهَرُ (فَمَالٌ ضَائِعٌ فَلَوْ شَهِدَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ) أَوْ كُلُّهُمْ (لِلْبَائِعِ) فَإِنْ كَانَ (قَبْلَ تَصْدِيقِهِ إيَّاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) أَوْ بَعْدَهُ فَلَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى أَخْذِ الثَّمَرَةِ فَهُمْ بِشَهَادَتِهِمْ يَدْفَعُونَ ضَرَرَ أَخْذِهَا وَضَيَاعِهَا بِأَخْذِ الْبَائِعِ لَهَا (فَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بَعْضُهُمْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْأَخْذِ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ لِكَوْنِ الْبَائِعِ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَخَذَ وَالْمُفْلِسُ لَا يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الصَّرْفِ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ الصَّرْفِ إلَى مَنْ كَذَّبَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (بَلْ يَخُصُّ بِهَا الْمُكَذِّبِينَ) بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْجَمِيعُ (وَإِنْ بَقِيَ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُكَذِّبِينَ (شَيْءٌ) مِنْ حُقُوقِهِمْ (ضَارَبُوا الْمُصَدِّقِينَ) فِي بَاقِي الْأَمْوَالِ بِبَقِيَّةِ حُقُوقِهِمْ لَا بِجَمِيعِهَا مُؤَاخَذَةً لَهُمْ بِزَعْمِهِمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَذَّبَ الْمُفْلِسُ الْبَائِعَ فَلَوْ صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ أَيْضًا قَضَى لَهُ وَإِنْ كَذَّبُوهُ وَزَعَمُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِمُوَاطَأَةٍ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إقْرَارِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ إنْ قُلْنَا لَا يُقْبَلُ فَلِلْبَائِعِ تَحْلِيفُ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ رُجُوعَهُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ تَحْلِيفُ الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ.

(فَصْلٌ وَمَتَى رَجَعَ) الْبَائِعِ (فِي الْأَصْلِ) مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ (وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ لِلْمُفْلِسِ فَلَهُمْ) أَيْ لِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ (تَرْكُهَا) الْأَوْلَى تَرْكُهُ (إلَى) وَقْتِ (الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ) ؛ إذْ لَا تَعَدِّيَ مِنْهُمْ، وَهَذَا كَمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَزْرُوعَةً فَإِنَّ لَهُ تَرْكَ الزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا، وَزَرَعَ فِيهَا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَفَسَخَ الْمُكْرِي الْإِجَارَةَ فَإِنَّهُ يَتْرُكُ الزَّرْعَ إلَى الْحَصَادِ بِالْأُجْرَةِ، وَالْفَرْقُ بِوَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَخَلَ فِي الْإِجَارَةِ لِتَضَمُّنِ الْمَنَافِعِ فَأَلْزَمَ بَدَلَهَا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَأَفْقَهُهُمَا أَنَّ مَوْرِدَ الْبَيْعِ الرَّقَبَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُجْرَةً، وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ فَإِذَا فَاتَتْ هِيَ وَبَدَلُهَا خَلَا الْفَسْخُ عَنْ الْفَائِدَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ (وَالْقَوْلُ فِي) طَلَبِ (قَطْعِ مَالِهِ قِيمَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ) فِي فَصْلِ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا.

(فَرْعٌ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فِي الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ) بِجَائِحَةٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَخَذَ) الْبَائِعُ (الشَّجَرَةَ بِحِصَّتِهَا) مِنْ الثَّمَنِ (وَضَارَبَ) مَعَ الْغُرَمَاءِ (بِحِصَّةِ الثَّمَرَةِ) مِنْهُ (فَتُقَوَّمُ) الشَّجَرَةُ (مُثْمِرَةً فَيُقَالُ) قِيمَتُهَا (مِائَةٌ مَثَلًا وَغَيْرَ مُثْمِرَةٍ فَيُقَالُ) قِيمَتُهَا (تِسْعُونَ) مَثَلًا (فَيُضَارِبُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ) بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا مُثْمِرَةً إلَيْهَا (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الثَّمَرَةِ أَقَلُّ قِيمَتَيْ يَوْمِ الْعَقْدِ وَ) يَوْمِ (الْقَبْضِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ مَا نَقَصَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَمَا زَادَ قَبْلَهُ يَزِيدُ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ فَلَا تَعَلُّقَ لِلْبَائِعِ بِهِ عِنْدَ التَّلَفِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي الشَّجَرِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ قِيمَتَيْ يَوْمَيْ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْنَهُمَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَنُقْصَانُهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

مُؤَبَّرَةٌ وَإِلَّا فَلَا فَمَا لَا يَظْهَرُ حَالَةَ الشِّرَاءِ وَكَانَ كَالْمُؤَبَّرَةِ حَالَةَ الرُّجُوعِ بَقِيَ لِلْمُفْلِسِ، وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ رَجَعَ فِيهِ كوهكيلوني (قَوْلُهُ فَإِنْ رَدَّهُ) الْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ.

[فَصْلٌ رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الزَّرْعُ لِلْمُفْلِسِ]

(قَوْلُهُ حَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فِي الثَّمَرَةِ مَعَ الشَّجَرَةِ إلَخْ) فَالتَّصْرِيحُ بِبَيْعِهَا مَعَ الشَّجَرَةِ أَوْ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نَخْلًا عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ وَكَانَتْ عِنْدَ الرُّجُوعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ أَيْضًا أَوْ كَانَتْ ثَمَرَتُهَا عِنْدَ الشِّرَاءِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً، وَجَعَلَ الْأَصْلَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا إذَا كَانَتْ النَّخْلَةُ عِنْدَ الشِّرَاءِ غَيْرَ مُطَلَّعَةٍ وَاطَّلَعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَانَتْ يَوْمَ الرُّجُوعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ نُسِبَ فِيهِ إلَى الْغَلَطِ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ وَالصِّحَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَقْسَامَ الْحَمْلِ وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّهُ إذَا بَاعَهَا حَامِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ وَانْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَ الرُّجُوعِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا ذِكْرُ أَحْوَالِ الشَّجَرَةِ وَالثَّمَرَةِ، وَأَحَالَهُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي أَقْسَامِ الْحَمْلِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ أَثْبَتْنَا الرُّجُوعَ رَجَعَ عِنْدَ تَلَفِ الْحَمْلِ بِالْأَرْشِ إلَّا فِي الْحَمْلِ الْحَادِثِ إذَا انْفَصَلَ، وَتَلِفَ قَبْلَ الرُّجُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>