للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ) وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ فِي زَوْجَتِهِ لِلْحُكْمِ بِحَيَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ أَمْ بَعْدَهَا (وَيَسْقُطُ بِنِكَاحِهَا) غَيْرَهُ (نَفَقَتُهَا عَنْ الْمَفْقُودِ) ؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا (وَكَذَا) تَسْقُطُ عَنْهُ (إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ) وَيَسْتَمِرُّ السُّقُوطُ (حَتَّى يَعْلَمَ الْمَفْقُودُ عَوْدَهَا إلَى طَاعَتِهِ) ؛ لِأَنَّ النُّشُوزَ إنَّمَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي صَدَرَ بِتَقْصِيرِهَا. انْتَهَى.

وَفِيهِ وَقْفَةٌ (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (عَلَى) الزَّوْجِ (الثَّانِي) إذْ لَا زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا (إنْ أَنْفَقَ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ (إلَّا فِيمَا كَلَّفَهُ) مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ (فَلَوْ تَزَوَّجَتْ) قَبْلَ ثُبُوتِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ (وَبَانَ) الْمَفْقُودُ (مَيِّتًا) قَبْلَ تَزَوُّجِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ) التَّزْوِيجُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.

(فَصْلٌ) لَوْ (تَرَبَّصَتْ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ (أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ) وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمَفْقُودُ (لَحِقَ بِالثَّانِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ) لِتَحَقُّقِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْمَفْقُودِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ يَلْحَقْ بِالْمَفْقُودِ) لِذَلِكَ (فَإِنْ قَدِمَ الْمَفْقُودُ وَادَّعَاهُ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ حَتَّى يَدَّعِيَ وَطْئًا مُمْكِنًا) فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ كَأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَلَدَتْهُ زَوْجَتِي عَلَى فِرَاشِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الرَّحِمِ هَذِهِ الْمُدَّةَ (فَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ) وَلَوْ (بَعْدَ الدَّعْوَى) بِهِ (وَالْعَرْضِ) لَهُ عَلَى الْقَائِفِ (فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ) الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ (إنْ وَجَدَ مُرْضِعَةً) غَيْرَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ) فِي مَنْزِلِ الْمَفْقُودِ (قَهْرًا) عَلَيْهِ (وَلَمْ تَخْرُجْ) مِنْهُ (وَلَا وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا) عَنْهُ (فَإِنْ خَرَجَتْ) مِنْهُ (لَهُ) أَيْ لِإِرْضَاعَةِ أَوْ وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ (سَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا عَنْهُ (وَلَوْ) خَرَجَتْ (بِإِذْنِهِ كَسَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا) فَإِنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُهَا بِخُرُوجِهَا لِلْإِرْضَاعِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِخُرُوجِهَا لِبَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ بِالِاحْتِيَاجِ إلَى تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ هُنَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِخِلَافِهِ.

ثُمَّ (وَفِي الرَّوْضَةِ) كَأَصْلِهَا (هُنَا مَسْأَلَةٌ تَرَكْتهَا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ سَبَقَ) فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَهِيَ مَا لَوْ نَكَحَتْ وَوَطِئَهَا الثَّانِي ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ حَيًّا وَقْتَ نِكَاحِهِ، وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدُ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنْهُ لَكِنْ لَا تُسْرِعُ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ الثَّانِي أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ لِوَفَاةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي أَوَّلًا أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا شَرَعَتْ فِي الْأَقْرَاءِ فَإِنْ أَتَمَّتْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ اعْتَدَّتْ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا انْقَطَعَتْ فَتَعْتَدُّ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ تَعُودُ إلَى بَقِيَّةِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهَا حَتَّى مَضَى ذَلِكَ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّتَانِ، وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِالْوَضْعِ ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الْأَوَّلِ لِلْوَفَاةِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا زَمَنُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي.

(فَرْعٌ: لِمَنْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ سِرًّا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا سَاغَ لَهَا اعْتِمَادُهُ وَعَلِمْنَا ذَلِكَ اتَّجَهَ جَوَازُ اعْتِمَادِهِ ظَاهِرًا أَيْضًا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ.

(فَصْلٌ: يَجِبُ الْإِحْدَادُ) الْآتِي بَيَانُهُ (فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ) وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِمَا سَيَأْتِي (وَيُسْتَحَبُّ فِي عِدَّةِ فِرَاقِ الزَّوْجِ) وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ إنْ فُورِقَتْ بِالطَّلَاقِ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِالْفَسْخِ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّةَ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا وَخَرَجَ بِفِرَاقِ الزَّوْجِ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِحْدَادُ. (وَتُحِدُّ الذِّمِّيَّةُ) وَلَوْ عَلَى ذِمِّيٍّ (وَالصَّبِيَّةُ وَالْمَجْنُونَةُ) وَالرَّقِيقَةُ كَغَيْرِهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

زَوِّجْنِي فَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَعَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ مَوْتَهُ، وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ زَعْمَ الْوَلِيِّ أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِآخَرَ لَمْ يُحِلَّ تَزْوِيجَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ، وَكَذَلِكَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ زَوَّجْت بِنْتِي مِنْ فُلَانٍ، وَقَدْ مَاتَ فَخَطَبَهَا ابْنُ ذَلِكَ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ، وَأَنْكَرَ عَقْدَ الْوَلِيِّ مَعَ الْأَبِ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ مِنْ الِابْنِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَقْفَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

[فَصْلٌ تَرَبَّصَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ]

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا لَوْ ارْتَابَتْ فِي الْعِدَّةِ وَنَكَحَتْ بَعْدَ مُضِيِّهَا، وَقَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ حَيْثُ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَخَالَفَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خَرَّجَا ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ مَالِ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ظَاهِرًا يَقِينًا فَإِقْدَامُهَا عَلَى التَّزَوُّجِ قَبْلَ تَرَجُّحِ انْقِضَائِهَا مُقْتَضٍ لِبُطْلَانِ تَزَوُّجِهَا وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تُخَاطَبْ بَعْدَهُ ظَاهِرًا حَتَّى تَسْتَصْحِبَ بَقَاءَهَا فَاعْتَبَرْنَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَاتِبَهُ.

[فَصْلٌ الْإِحْدَادُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِشُمُولِهِ فَرْعًا حَسَنًا، وَهُوَ لَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ بِشُبْهَةٍ، وَقُلْنَا إنَّهَا تَعْتَدُّ عَنْهُ ثُمَّ تَنْتَقِلُ لِلْوَفَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ إنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) لَعَلَّ الْمُقْتَضِيَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الْجَنِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>