للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَوْ عَقَدَ) عَلَى ذَلِكَ (بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ صَحَّ وَتَأَبَّدَ) الْحَقُّ (إنْ لَمْ يُؤَقَّتْ) بِوَقْتٍ، وَإِلَّا فَلَا يَتَأَبَّدُ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْإِجَارَةِ، وَجَازَ تَأْبِيدُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا عَلَى التَّأْبِيدِ كَالنِّكَاحِ وَالْعَقْدِ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ الَّتِي لَا تَأْقِيتَ فِيهَا عَقْدُ إجَارَةٍ اُغْتُفِرَ فِيهِ التَّأْبِيدُ لِمَا ذُكِرَ (وَمَنْ هَدَمَ السُّفْلَ) مَالِكُهُ أَوْ غَيْرُهُ (طُولِبَ بِقِيمَةِ حَقِّ الْبِنَاءِ) عَلَى الْعُلُوِّ (لِلْحَيْلُولَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ سَوَاءٌ أَبَنَى الْأَعْلَى أَمْ لَا (مَعَ) غُرْمِ (الْأَرْشِ) لَهُ أَيْ أَرْشِ نَقْصِ الْبِنَاءِ (إنْ كَانَ قَدْ بَنَى) وَإِلَّا فَلَا أَرْشَ (فَإِنْ أُعِيدَ السُّفْلَ اُسْتُعِيدَتْ الْقِيمَةُ) لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ، وَلَهُ الْبِنَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى، وَإِعَادَتُهُ إنْ كَانَ قَدْ بَنَى، وَكَذَا لَوْ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ، وَأُعِيدَ فَلَا يَنْفَسِخُ هَذَا الْعَقْدُ بِعَارِضِ هَدْمٍ وَانْهِدَامٍ لِالْتِحَاقِهِ بِالْبُيُوعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (تَنْبِيهٌ)

لَا يَغْرَمُ الْهَادِمُ أُجْرَةً لِبِنَاءٍ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَى التَّأْبِيدِ وَمَا يَتَقَدَّرُ لَا يَنْحَطُّ مِمَّا لَا يَتَنَاهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى مُدَّةٍ وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ لِلْحَيْلُولَةِ إنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْعَيْنِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِوُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ عَلَى مَالِكِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ هَدَمَهُ مَالِكُهُ عُدْوَانًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَإِنْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَالِكُهُ، وَقَدْ اسْتُهْدِمَ لَمْ تَجِبْ لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ.

(فَرْعٌ يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْإِذْنِ فِي الْبِنَاءِ (بَيَانُ مَكَان الْبِنَاءِ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ يَجِبُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَكَانِ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَيَانُ قَدْرِهِ طُولًا وَعَرْضًا فَمَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ (وَكَذَا سَمْكُهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ وَصِفَتُهُ) كَكَوْنِهِ مُنَضَّدًا أَوْ خَالِي الْجَوْفِ، وَكَوْنُهُ مِنْ آجُرٍّ وَجِصٍّ أَوْ مِنْ لَبِنٍ وَطِينٍ وَنَحْوِهَا (وَكَيْفِيَّةِ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ) عَلَى الْبِنَاءِ كَكَوْنِهِ خَشَبًا أَوْ قَصَبًا أَوْ جَرِيدًا أَوْ إزْجًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (سَوَاءٌ كَانَ) الْإِذْنُ فِيهِ (بِعِوَضٍ أَمْ لَا) وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوَزْنِ مَا يَبْنِيهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَحْسَبُهُ (وَتُغْنِي مُشَاهَدَةُ الْآلَةِ عَنْ كُلِّ وَصْفٍ) هَذَا كُلُّهُ إذَا أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ مِنْ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَإِنْ بَنَى) يَعْنِي فَإِنْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ (عَلَى الْأَرْضِ كَفَى بَيَانُ مَكَانِ الْبِنَاءِ) لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ إلَّا بِقَدْرِ مَكَانِ الْبِنَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَسَكَنُوا عَنْ حَفْرِ الْأَسَاسِ، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ بَيَانِ قَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ فَإِنَّ الْمَالِكَ قَدْ يَحْفِرُ سِرْدَابًا أَوْ غَيْرَهُ تَحْتَ الْبِنَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِأَرْضِهِ وَيَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مُزَاحَمَةَ تَعْمِيقِ الْأَسَاسِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ إيجَارُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلَا بَيْعُ حَقِّ الْبِنَاءِ فِيهَا إلَّا بَعْدَ حَفْرِ الْأَسَاسِ لِيَرَى مَا يُؤْجَرُهُ أَوْ يَبِيعُهُ أَوْ يَبِيعُ حُقُوقَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْأَرْضِ صَخْرَةً لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُحْفَرَ لِلْبِنَاءِ أَسَاسٌ أَوْ يَكُونَ الْبِنَاءُ خَفِيفًا لَا يَحْتَاجُ إلَى أَسَاسٍ، وَالْبَحْثُ الْأَخِيرُ مَحَلُّهُ إذَا آجَرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَى الْأَسَاسِ لَا فِيمَا إذَا آجَرَهُ الْأَرْضَ لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا وَيُبَيِّنَ لَهُ مَوْضِعَ الْأَسَاسِ، وَطُولَهُ وَعَرْضَهُ وَعُمْقَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ الْآتِي عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.

(فَصْلٌ) لَوْ (تَنَازَعَا فِي سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِلْمُدَّعِي فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ) الْمُدَّعِي (عَلَى الْعُلُوِّ) وَيَكُونُ السُّفْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَهُوَ بَيْعٌ لِلسُّفْلِ بِحَقِّ الْبِنَاءِ) عَلَى الْعُلُوِّ (أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَيْتًا فَأَقَرَّ) لَهُ (بِهِ وَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَ الْمُقِرُّ عَلَى سَطْحِهِ) أَيْ الْبَيْتِ (فَهُوَ عَارِيَّةٌ) لَهُ

[فَصْلٌ بَيْعُ حَقِّ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ لَا غَيْرِهِ عَلَى سَطْحِ الْبَائِعِ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقُ]

(فَصْلٌ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ لَا غَيْرِهِ) مِنْ سَطْحِ الْمُشْتَرِي (عَلَى السَّطْحِ) أَيْ سَطْحِ الْبَائِعِ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقُ (وَإِجَارَتُهُ وَإِعَارَتُهُ) كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ هَذَا (إنْ عُرِفَتْ السُّطُوحُ الَّتِي يَجْرِي) الْمَاءُ (مِنْهَا وَإِلَيْهَا) وَمَجْرَى الْمَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا وَلَا بَأْسَ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ، وَهَذَا عَقْدٌ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ، وَخَرَجَ بِمَاءِ الْمَطَرِ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: لَا غَيْرِهِ كَمَاءِ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أُرِيدَ سَقْيُ الْأَرْضِ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَاءِ الْغُسَالَةِ (فَإِنْ بَنَى) عَلَى سَطْحِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ (مَا يَمْنَعُ النُّفُوذَ) لِمَاءِ الْمَطَرِ (نَقَبَهُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ) وَأَجْرَيَا الْمَاءَ فِيهِ لِمِلْكِهِمَا الْمَنْفَعَةَ (لَا الْمُسْتَعِيرُ) ؛ لِأَنَّ بِنَاءَ ذَلِكَ رُجُوعٌ فِي الْعَارِيَّةِ (وَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْتَحِقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مُشَارَكَتُهُ) أَيْ الْغَيْرِ (فِي الْعِمَارَةِ) لَهُ إذَا انْهَدَمَ، وَلَوْ بِسَبَبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْآلَاتِ، وَهِيَ لِمَالِكِهَا وَلِأَنَّ الِانْهِدَامَ بِسَبَبِ الْمَاءِ تَوَلَّدَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ إعَارَةٌ لِعُلُوٍّ مِنْ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَإِجَارَتُهُ]

قَوْلُهُ فَلَوْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ صَحَّ وَتَأَيَّدَ إنْ لَمْ يُؤَقِّتْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا عَلَيْهِ وَأَجَّرَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ قَطْعًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ (قَوْلُهُ أَيْ أَرْشُ نَقْصِ الْبِنَاءِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَهْدُومًا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ وَهُوَ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ وَاخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَأَمَّا إذَا أَجَّرَهُ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً فَيَنْبَغِي تَخْرِيجُ الْفَسْخِ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْهِدَامِ الدَّارِ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِذْنِ فِي الْبِنَاءِ بَيْن الشَّرِيكَيْنِ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا]

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ بَيَانِ قَدْرِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ تَنَازَعَا فِي سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لِلْمُدَّعِي]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَجُوزُ بَيْعُ حَقِّ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ لَا غَيْرِهِ إلَخْ) شَرْطُ الْمُصَالَحَةِ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَصْرِفٌ إلَى الطَّرِيقِ إلَّا بِمُرُورِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ، وَالْمُسْتَأْجَرَةِ كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرِهِ قَالَ لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ التَّأْقِيتُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَشْكَلَ بِذَلِكَ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا إنَّمَا حُمِلَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى دَوَامِهِ وَلِلتَّضَرُّرِ بِهَدْمِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ وَالْمُسْتَأْجَرَةَ كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرُهُ قَالَ: لَكِنْ يُعْتَبَرُ هُنَا أَمْرَانِ التَّأْقِيتُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ سَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِيهَا ابْتِدَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>