للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدُونِ ذَلِكَ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ.

(وَيَجِبُ) التَّعْرِيفُ (فِي بَلَدِ اللُّقَطَةِ) أَيْ مَحَلِّهَا (وَلْيُكْثِرْ مِنْهُ حَيْثُ وَجَدَهَا) أَيْ فِي مَكَانِ وُجُودِهِ لَهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ فِي مَكَانِهِ أَكْثَرُ (فَإِنْ سَافَرَ) أَيْ أَرَادَ سَفَرًا (اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَنْ يَحْفَظُهَا وَيُعَرِّفُهَا وَإِلَّا) بِأَنْ سَافَرَ بِهَا أَوْ اسْتَنَابَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِهِ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ (وَلَوْ الْتَقَطَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُنَاكَ قَافِلَةٌ تَبِعَهَا وَعَرَّفَ) فِيهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ (وَإِلَّا فَفِي بَلَدٍ يَقْصِدُهَا) قَرُبَتْ أَمْ بَعُدَتْ سَوَاءٌ أَقَصَدَهَا ابْتِدَاءً أَمْ لَا حَتَّى لَوْ قَصَدَ بَعْدَ قَصْدِهِ الْأَوَّلِ بَلْدَةً أُخْرَى وَلَوْ بَلْدَتَهُ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا لَزِمَهُ التَّعْرِيفُ فِيهَا (وَلَا يُكَلَّفُ الْعُدُولَ عَنْهَا) إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ (وَلَا يُجْزِئُ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَلَا يَكْفِي " (تَعْرِيفُ) شَخْصٍ (مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ) إذْ لَا تَحْصُلُ بِهِ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ إذَا حَصَلَ الْوُثُوقُ بِقَوْلِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْمُجُونُ أَنْ لَا يُبَالِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا صَنَعَ وَقَدْ مَجَنَ بِالْفَتْحِ يَمْجُنُ مُجُونًا وَمَجَانَةً.

(فَصْلٌ:: مَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّةٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ) وَزَبِيبَةٍ (لَا يُعَرَّفُ) وَيَسْتَبِدُّ بِهِ وَاجِدُهُ فَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُعَرِّفُ زَبِيبَةً فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرُوِيَ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّمْرَةِ الْمُلْقَاةِ «لَوْلَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَإِنْ تُمُوِّلَ فَالْقَلِيلُ مِنْهُ لَا يُعَرَّفُ سَنَةً بَلْ) يُعَرَّفُ (إلَى أَنْ يُظَنَّ إعْرَاضُ صَاحِبِهِ عَنْهُ غَالِبًا) لِأَنَّهُ لَا يَدُومُ فَاقِدُهُ عَلَى طَلَبِهِ سَنَةً بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانَقُ الْفِضَّةِ يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانَقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَالْقَلِيلُ) الْمُتَمَوَّلُ (مَا يُظَنُّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يُكْثِرُ الْأَسَفَ عَلَيْهِ وَلَا يَطُولُ طَلَبُهُ) لَهُ (غَالِبًا) لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حَقَارَتِهِ.

(فَرْعٌ: الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ فِي) وَقْتِ (الْحَصَادِ إنْ عُلِمَ إعْرَاضُ الْمَالِكِ عَنْهَا، أَوْ رِضَاهُ بِأَخْذِهَا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا) يَجُوزُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ جَوَازِهِ بِأَهْلِ الزَّكَاةِ كَالْفُقَرَاءِ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِجَمِيعِ السَّنَابِلِ وَالْمَالِكُ مَأْمُورٌ بِجَمْعِهَا، وَإِخْرَاجِ مَا لِأَهْلِهَا قَالَ وَلَعَلَّ إطْلَاقَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ، أَوْ عَلَى مَا لَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ جَمْعِهَا تَزِيدُ عَلَى مَا يَحْصُلُ مِنْهَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُغْتَفَرٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَالْخَلَفُ مَعَ أَنَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَظَرًا، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ (وَمَا يَفْسُدُ كَبُقُولٍ وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ) وَهَرِيسَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ (فَلِلْمُلْتَقِطِ بَيْعُهُ، ثُمَّ يُعَرِّفُهُ لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ وَلَهُ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ، ثُمَّ أَكْلُهُ) مَعَ غُرْمِ قِيمَتِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَوَجَدَهُ بِصَحْرَاءَ أَمْ بِعُمْرَانٍ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْهَلَاكِ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ كَالْغَنَمِ، وَإِنَّمَا جَازَ أَكْلُهُ فِي الْعُمْرَانِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْرِعُ فَسَادُهُ بِخِلَافِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَجِيءُ الْإِمْسَاكُ هُنَا لِتَعَذُّرِهِ (وَبَيْعُهُ) يَكُونُ (كَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّهُ يَبِيعُهُ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ (ثُمَّ) بَعْدَ أَكْلِهِ (يُعَرِّفُهُ إنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الصَّحْرَاءِ) .

كَمَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ يُعَرِّفُ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يَجِبْ تَعْرِيفُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّ الَّذِي يُفْهِمُهُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُعَرَّفُ بِالصَّحْرَاءِ لَا مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الصَّحْرَاءِ الشَّارِعُ وَالْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُمَا؛ لِأَنَّهَا مَعَ الْمَوَاتِ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ (وَلَا يَجِبُ إفْرَازُ قِيمَتِهِ) الْمَغْرُومَةِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُخْشَى تَلَفُهُ نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا عِنْدَ تَمَلُّكِهَا؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ أَفْرَزَهَا أَيْ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ (فَالْمُفْرَزُ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (لَا يُضْمَنُ إلَّا بِتَفْرِيطٍ) فِيهِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّفْرِيطِ (وَيَتَمَلَّكُهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ) كَمَا يَتَمَلَّكُ نَفْسَ اللُّقَطَةِ وَكَمَا يَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ إذَا بَاعَ الطَّعَامَ وَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ الْمُفْرَزِ مِلْكًا لِمَالِكِ اللُّقَطَةِ وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ سَقَطَ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ (قِيمَةُ يَوْمِ الْأَخْذِ) لَا قِيمَةُ يَوْمِ الْأَكْلِ (- إنْ قَصَدَ الْأَكْلَ - وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْرِيفَ (فَيَوْمِ الْأَكْلِ) لَا يَوْمِ الْأَخْذِ.

(وَيَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي رُطَبٍ يَتَتَمَّرُ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ بِالْمُعَالَجَةِ (مَنْ بَيْعٍ وَتَجْفِيفٍ) فَإِنْ كَانَتْ

الْمَصْلَحَةُ

فِي بَيْعِهِ رُطَبًا بِيعَ أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ، وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ أَوْ غَيْرُهُ جَفَّفَهُ، وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي إنْ سَاوَى مُؤْنَةَ التَّجْفِيفِ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ يُبَاعُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمَانَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّةٍ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَزَبِيبَةٍ لَا يُعَرَّفُ]

(قَوْلُهُ: وَزَبِيبَةٍ) أَيْ وَتَمْرَةٍ فَلَوْ اتَّفَقَ بِأَنْ حَصَلَتْ بِمَوْضِعٍ لَهَا فِيهِ قِيمَةٌ أَوْ كَانَ قَحْطٌ شَدِيدٌ يَكُونُ لِلتَّمْرَةِ فِيهِ قِيمَةٌ وَجَبَ تَعْرِيفُهَا وَصَحَّ بَيْعُهَا وَجَازَ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا كَمَا بَيَّنُوهُ فِي الصَّدَقَاتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ يَأْخُذُهُ وَاجِدُهُ كَمَا يَأْخُذُ السَّاقِطَ مِنْ الثِّمَارِ وَالسَّنَابِلِ وَلَا يَمْلِكُهَا مَجَّانًا، قِيلَ: لَكِنْ هَلْ نَقُولُ يَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَالِاحْتِطَابِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّمَلُّكِ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ فِي مَعْنَى اللُّقَطَةِ لَكِنْ لَا تُعَرَّفُ. اهـ.، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْرَةَ وَالزَّبِيبَةَ وَنَحْوَهَا - حَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهَا - مُلْحَقَةٌ بِالْمُبَاحَاتِ كَسَوَاقِطِ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تُعْرِضُ أَرْبَابُهَا عَنْهَا وَقَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمْرَةَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ فِي وَقْتِ الْحَصَادِ إنْ عُلِمَ إعْرَاضُ الْمَالِكِ عَنْهَا أَوْ رِضَاهُ بِأَخْذِهَا]

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُغْتَفَرٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْإِمَامِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ إفْرَازِهَا إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي صَيْرُورَةَ الْمُفْرَزِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي رُطَبٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَسْتَبِدُّ الْمُلْتَقِطُ بِالنَّظَرِ فِي أَغْبَطِ الْأَمْرَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّجْفِيفِ أَمْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي لَمْ يُصَرِّحَا فِيهِ بِشَيْءٍ وَالْأَشْبَهُ الْمُرَاجَعَةُ وَفِي مُرَاجَعَتِهِ فِي الْبَيْعِ مَا سَبَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>