للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ، وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ عَلَى مَا هُنَا وَالرَّافِعِيُّ لَمَّا ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِي جَحْدِ الْوَكِيلِ قَالَ: وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ قَرِيبًا مِنْهُ فِي جَحْدِ الْمُوَكِّلِ انْتَهَى، وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ جَحْدَ الْمُوَكِّلِ عَزْلٌ أَوْ لَا أَصَحُّهُمَا: لَا، وَأَشْهَرُهُمَا: نَعَمْ.

ثُمَّ أَبْدَى التَّفْصِيلَ احْتِمَالًا وَبِالْأَشْهَرِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ انْتَهَى، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقْوَى عَلَى رَفْعِ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ غَالِبًا وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَظِّ فِيهَا لَهُ وَبِأَنَّ جَحْدَ الْوَكِيلِ قَدْ يَجِبُ حِفْظًا لِمَالِ مُوَكِّلِهِ فَجُعِلَ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ جَحْدِ الْمُوَكِّلِ الْمَالِكِ، وَأُلْحِقَ بِهِ جَحْدُ الْمُوَكِّلِ النَّائِبِ عَنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ عَزَلَ) الْمُوَكِّلُ (أَحَدَ وَكِيلَيْهِ) مُبْهَمًا (لَمْ يَتَصَرَّفَا) أَيْ لَمْ يَتَصَرَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ تَصَرَّفَ لَمْ يَنْفُذْ (حَتَّى يُبَيِّنَ) يَعْنِي يُعَيِّنَ لِلشَّكِّ فِي أَهْلِيَّتِهِ

(مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ إنْ وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ فَبَاعَ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ) بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا) كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَبْلَ بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَعَ زِيَادَةِ تَقْيِيدٍ فَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى مَا هُنَاكَ كَانَ أَوْلَى مَعَ سَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ

(وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِمُبَايَعَةٍ) أَيْ مُعَاقَدَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ (وَلَهُ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُوَكِّلَهُ

(وَإِنْ أَمَرَهُ بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) بِعَقْدِهِ (مُطْلَقًا) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ

(فَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ أَوْ شِرَائِهِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى بَعْضِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ فِي بَعْضِهِ لِضَرَرِ التَّبْعِيضِ، وَإِنْ فُرِضَتْ فِيهِ غِبْطَةٌ نَعَمْ إنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَبَاعَ الْبَعْضَ بِمَا قَدَّرَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِيَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عُرْفًا فَلِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِبَيْعِ الْجَمِيعِ بِمِائَةٍ رَضِيَ بِبَيْعِ الْبَعْضِ بِمِائَةٍ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيمَةِ فَقَالَ: يُسْتَثْنَى مَا إذَا بَاعَ الْبَعْضَ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ انْتَهَى، وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَمِيعِ أَلْفًا، وَقَالَ: بِعْهُ بِأَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِأَلْفٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ

(أَوْ) أَمَرَهُ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ (ثَوْبًا فَاشْتَرَا) هـ (بِبَعْضِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ فَبِبَعْضِهِ أَشَدُّ رِضًا نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْبَائِعَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِقَصْدِهِ مُحَابَاتَهُ

(فَإِنْ قَالَ بِعْ) هَذِهِ (الْأَعْبُدَ) أَوْ اشْتَرِهِمْ (فَرَّقَ) هُمْ فِي عُقُودٍ (وَجَمَعَ) هُمْ فِي عَقْدٍ أَيْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ إذْ لَا ضَرَرَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ: عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ الْأَحَظَّ مِنْهُمَا فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ (فَإِنْ قَالَ) : بِعْهُمْ أَوْ اشْتَرِهِمْ (صَفْقَةً لَمْ يُفَرِّقْهَا) لِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ (أَوْ) قَالَ: بِعْهُمْ (بِأَلْفٍ لَمْ يَبِعْ وَاحِدًا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ) لِجَوَازِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ أَحَدٌ الْبَاقِينَ بِبَاقِي الْأَلْفِ فَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ صَحَّ، وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا قَدَّمْتُهُ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الثَّانِي (ثُمَّ لَهُ بَيْعُ الْبَاقِينَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) وَالتَّصْرِيحُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ

(وَإِنْ قَالَ) لَهُ (اُطْلُبْ حَقِّي مِنْ زَيْدٍ فَمَاتَ) زَيْدٌ (لَمْ يُطَالِبْ وَارِثَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ (أَوْ) اُطْلُبْ حَقِّي (الَّذِي عَلَى زَيْدٍ طَالَبَهُمْ) أَيْ وَرَثَتَهُ وَلَوْ قَالَ طَالَبَهُ كَانَ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ (فَإِنْ لَمْ يَمُتْ جَازَ) لَهُ (الْقَبْضُ مِنْ وَكِيلِهِ) كَيْفَ كَانَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ

(وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مُؤَجَّلًا) فَبَاعَ (فَعَلَيْهِ بَيَانُ الْغُرْمِ) لِئَلَّا يَكُونَ مُضَيِّعًا لِحَقِّهِ (لَا مُطَالَبَتَهُ) فَلَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِذْنٍ

(وَإِنْ قَالَ: أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ تَنْبِيهٍ) بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْمُوَكِّلِ لَهُ بِتَبْيِينِهِ (صَارَ ضَامِنًا لَهُ) حَتَّى لَوْ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الصَّائِغِ ضَمِنَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ وَالِامْتِنَاعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَمْ يَضْمَنْ

(وَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَلَوْ بَاعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ مَالِكِ الْمَبِيعِ نَعَمْ إنْ تَوَلَّى الْآمِرُ الْعَقْدَ صَحَّ لَكِنْ إنْ تَوَلَّاهُ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي لَهُ، وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ فِيهِمَا، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي الْأُولَى نَقَلَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إلَّا اسْتِحْقَاقَ الرُّجُوعِ فَسَكَتَ عَنْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ (أَوْ) قَالَ: بِعْهُ مِنْهُ (بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ) لَك (فَهَذَا وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ) فَلَوْ بَاعَ صَحَّ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ

(أَوْ) قَالَ (اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا) مَثَلًا (فَفَعَلَ مَلَكَهُ الْآمِرُ) وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ قَرْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَكْفِي هُنَا نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي الْأَصْلِ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيع، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ثَمَّ لَكِنْ شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ فِيهِ مَا لَيْسَ مُرَادًا كَمَا بَيَّنْتُهُ ثَمَّ (وَرَجَعَ الْمَأْمُورُ) عَلَى الْآمِرِ (بِقِيمَةِ الثَّوْبِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَيْ أَوْ جَهِلَهَا (قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ لَمْ يَتَصَرَّفَا حَتَّى يُبَيِّنَ) أَوْ أَكْثَرَ الْوُكَلَاءِ الْعَشَرَةِ أَيْ عَلَى الِاجْتِمَاعِ انْعَزَلَ سِتَّةٌ وَإِذَا عَيَّنَهُمْ فَفِي تَصَرُّفِ الْبَاقِينَ وَجْهَانِ وَإِذَا وَكَّلَ زَيْدًا بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ قَالَ وَكَّلْت عَمْرًا بِمَا وَكَّلْت بِهِ زَيْدًا فَقِيلَ هُوَ عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ وَالْأَصَحُّ لَا

[مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ فِي الْوَكَالَة]

(قَوْلُهُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَخِيَارِ شَرْطٍ مَأْذُونٍ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَبِعْ ثَانِيًا) أَيْ لِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَبِيعِ بِبَيْعِهِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ مِنْهُ بِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَصَدَ تَخْصِيصَ الشِّرَاءِ فِي الْمُعَيَّنِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُقَدَّرِ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا الصِّحَّةَ) كَلَامُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَعَ تَقْدِيرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَظُّ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ إنْ قَالَ أَعْطِ هَذَا الذَّهَبَ صَائِغًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ امْتَنَعَ إلَخْ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ امْتِنَاعُهُ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ إلَخْ) مَا تَفَقُّهُهُ وَاضِحٌ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ غَيْرُ شَامِلٍ لَهُ

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِك هَذَا مَثَلًا إلَخْ) أَيْ أَوْ بِدَرَاهِمِك وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَكَالَةٌ فِيهِ قَرْضٌ فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الثَّمَنِ وَيُغْتَفَرُ الْجَهَالَةُ بِالْمُقْرِضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>