للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَصْمِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ وَالْحُكْمِ بِيَمِينِهِ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّؤَالُ (وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) عَنْهَا (بَلْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ) أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا (أَوْ) قَالَ (اُنْظُرْ فِي حِسَابِي أَوْ نَحْوِهِ) كَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ (أُمْهِلَ ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فَقَطْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ وَيُفَارِقُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيِّنَةِ أَبَدًا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَجْهَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً فَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ مُدَّةٍ (لِيَحْلِفَ مُكِّنَ) مِنْهُ (فَإِنْ نَسِيَ الْقَاضِي نُكُولَ خَصْمِهِ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً (بِهِ وَحَلَفَ وَكَذَا) لَهُ إثْبَاتُهُ (عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) وَيَحْلِفُ (وَلَا يُمْهَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ.

(نَعَمْ يُمْهَلُ) بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ (فِي) ابْتِدَاءِ (الْجَوَابِ) لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ أَوْ نَحْوَهُ (إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي) عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ (ثُمَّ يَحْلِفُ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى كَمَا لَوْ حَضَرَ مُوَكِّلُ الْمُدَّعِي) بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى (وَنُكُولُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ كَنُكُولِهِ عَنْ) الْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) فِيمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ) أَنْتَ (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ (إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) وَإِقَامَةُ الشَّاهِدِ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَةَ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا كَلَامَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكَلْ عَنْهَا وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْقَسَامَةِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ وَقْفُهُ

(فَصْلٌ) مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي هُوَ الْأَصْلُ لَكِنْ (قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ) وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ (كَمَا إذَا غَابَ ذِمِّيٌّ) ثُمَّ عَادَ (وَادَّعَى الْإِسْلَامَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ) حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهُ قِسْطُ الْجِزْيَةِ وَادَّعَى عَامِلُهَا إسْلَامَهُ بَعْدَهَا حَتَّى يُلْزِمَهُ تَمَامَهَا فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ (وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِهَا) عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (طُولِبَ بِتَمَامِ الْجِزْيَةِ وَلَيْسَ) ذَلِكَ (قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ) فَإِنْ لَمْ يَغِبْ وَادَّعَى ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكْتُمُهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا فَلَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ (وَكَوَلَدٍ مُرْتَزِقٍ ادَّعَى بُلُوغًا بِاحْتِلَامٍ) وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ (وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَثْبُتُ اسْمُهُ) فِيهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ بُلُوغُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ وَاجِبَةٌ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ (وَكَمُرَاهِقٍ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَادَّعَى احْتِلَامًا) وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتَلَةِ (وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُسْهَمُ لَهُ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُوجَدْ.

(وَكَمُتَّهَمٍ بِمَالِ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ) فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَنَكَلَ (حُبِسَ لِيَحْلِفَ) عَلَى نَفْيِهِ فَيُعْرَضُ عَنْهُ (أَوْ يَقِرَّ) بِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ حُكِمَ فِيهَا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِيهَا أَصْلٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ فَأَخَذْنَا بِالْأَصْلِ وَهُنَا لَا مُسْتَنَدَ إلَّا النُّكُولُ وَالنُّكُولُ الْمَحْضُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ (وَكَذَا قُيِّمَ وَقْفٌ وَمَسْجِدٌ إذَا) ادَّعَى لَهُمَا شَيْئًا وَ (نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامٌ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَكَوَصِيِّ مَيِّتٍ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ) فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ وَقِيلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَالُ وَقِيلَ يُتْرَكُ لَكِنْ يَأْثَمُ إنْ كَانَ مُعَانِدًا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ صَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِشَيْءٍ عَلَى مُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ أَوْ ادَّعَى هُوَ شَيْئًا لِمُوَلِّيهِ عَلَى غَيْرِهِ فَنَكَلَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَهَلْ الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلَهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي إلَخْ) لَا فَائِدَةَ فِي تَفْسِيرِهِ بِالْمُدَّعِي لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسْبِ مَا فَهِمَهُ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَمَّا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو سَعْدٍ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْهِلُهُ لِآخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ. اهـ. وَحَكَى شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ أَمْهِلْنِي فَإِنَّ لِي بَيِّنَةً أُقِيمُهَا أَوْ أَنْظُرُ فِي حِسَابِي أَنَّهُ يُمْهِلُ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي. اهـ. وَقَالَ فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْبَارِزِيِّ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَلَا يُزَادُ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُدَّعِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) الرَّاجِحُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ إلَّا بِتَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَرْجِيحِهِ الْعَوْدُ لِلْحَلِفِ هُنَا وَتَرْجِيحُ عَدَمِ عَوْدِهِ لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ) وَقَالَ الْهَرَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَ دَعْوَى جَازَ لَهُ الْحَلِفُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكُلْ عَنْهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَهُوَ وَاضِحٌ.

[فَصْلٌ تَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ النُّكُولُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرَكِ الْحَقِّ فَتَعَيَّنَ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>