للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ حَيْثُ أَوْجَبْنَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا) عَادَةً (مِنْ) نِسَاءِ (عَصَبَاتِهَا) وَهُنَّ الْمَنْسُوبَاتُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ كَالْأُخْتِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ (وَإِنْ مُتْنَ فَتُرَاعَى) الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى فَتُقَدَّمُ (الْأَخَوَاتُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ مِنْ الْأَبِ) ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) فِي الْأَقْرَبِيَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ فُقِدْنَ) أَيْ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا (أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ) أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ (فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ) تُقَدَّمُ (الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى مِنْ الْجِهَاتِ وَكَذَا مِنْ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ كَجَدَّاتٍ) وَخَالَاتٍ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُقَدَّمُ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ الْأُمُّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ وَعَلَى هَذَا قَالَ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ فَأَوْجُهٌ ثَالِثُهَا التَّسْوِيَةُ (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَتْ نِسَاءُ الْأَرْحَامِ اُعْتُبِرَتْ (الْأَجَانِبُ) أَيْ الْأَجْنَبِيَّاتُ (وَتُرَاعَى الْمُمَاثَلَةُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَهُنَّ (فِي النَّسَبِ) لِأَنَّهُ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ لِلْمَهْرِ (وَفِي الْأَمَةِ) أَمَةٌ (مِثْلُهَا فِي خِسَّةِ السَّيِّدِ وَشَرَفِهِ) وَفِي الْعَتِيقَةِ عَتِيقَةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْعَرَبِيَّةِ عَرَبِيَّةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْبَدْوِيَّةِ بَدْوِيَّةٌ مِثْلُهَا وَفِي الْقَرَوِيَّةِ قَرَوِيَّةٌ مِثْلُهَا (وَتُعْتَبَرُ الْبَلَدُ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فَلَوْ كُنَّ بِبَلْدَتَيْنِ وَهِيَ بِأَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ بِمَنْ بِبَلْدَتِهَا (لَكِنْ نِسَاؤُهَا) أَيْ نِسَاءُ عَصَبَاتِهَا (وَإِنْ غِبْنَ) عَنْ بَلَدِهَا (يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ بَلَدِهَا) الْأَجْنَبِيَّاتِ (نَعَمْ مَنْ سَاكَنَهَا مِنْهُنَّ فِي الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِهَا قَبْلَ انْتِقَالِهَا إلَى الْأُخْرَى (قُدِّمَ عَلَيْهِنَّ) إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فِي بَلَدِهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُهَا إلَى بَلَدِهَا.

(وَيُرَاعَى) مَعَ ذَلِكَ (الْعِفَّةُ وَالْجَمَالُ وَسَائِرُ الْخِصَالِ الْمَقْصُودَةِ) أَيْ الْمُرَغِّبَةِ (وَلَوْ يَسَارًا) كَبَكَارَةٍ وَفَصَاحَةٍ وَسِنٍّ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا (فَإِنْ فَضَّلَتْهُنَّ أَوْ نَقَصَتْ) عَنْهُنَّ بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُرَغِّبَةِ (فُرِضَ) الْمَهْرُ (اللَّائِقُ بِالْحَالِ وَإِنْ سَامَحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَصَبَةِ) بِبَعْضِ مَهْرِهَا (لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا) اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَاقِيَاتِ الْمُسَامَحَةُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ (لِنَقْصِ نَسَبٍ يُفَتِّرُ الرَّغْبَةَ) فَتُعْتَبَرُ الْمُسَامَحَةُ (وَإِنْ كُنَّ) كُلُّهُنَّ أَوْ غَالِبُهُنَّ (يُسَامِحْنَ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ اعْتَبَرْنَاهُ) فَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِمُسَامَحَةِ الْعَشِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ خَفَّفْنَا مَهْرَ هَذِهِ فِي حَقِّ الْعَشِيرَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَذَا لَوْ سَامَحْنَ لِلشَّرِيفِ دُونَ غَيْرِهِ (وَيَجِبُ) مَهْرُ الْمِثْلِ (حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ (فَإِنْ اعْتَدْنَ التَّأْجِيلَ) فِي جَمِيعِ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ (نَقَصَ لِلتَّعْجِيلِ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِالْأَجَلِ (وَيُعْتَبَرُ مَهْرُهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ) كَالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ (لَا) يَوْمَ (الْعَقْدِ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ.

(فَرْعٌ لَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ يُؤَدَّ الْمَهْرُ قَبْلَ التَّعَدُّدِ (إلَّا إنْ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الشُّبْهَةُ كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً مَرَّةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى بِنِكَاحٍ آخَرَ فَاسِدٍ أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْوَاقِعَ ثُمَّ ظَنَّهَا مَرَّةً أُخْرَى زَوْجَتَهُ فَوَطِئَهَا أَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى فَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ لِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ (لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ فِي الْوَطَآتِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْوَطْأَةُ الْوَاقِعَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْوَطَآتُ الْبَاقِيَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقَصَانَا (وَيَتَعَدَّدُ) الْمَهْرُ (بِالْإِكْرَاهِ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ إذْ الْمُوجِبُ لَهُ الْإِتْلَافُ وَقَدْ تَعَدَّدَ بِلَا اتِّحَادِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَلَوْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ) بِغَيْرِ إحْبَالٍ (أَوْ) الْجَارِيَةَ (الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ مِرَارًا لَمْ يَتَعَدَّد الْمَهْرُ) بِالشَّرْطِ السَّابِقِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِأَنَّ شُبْهَتَيْ الْإِعْفَافِ وَامْلِكْ بِعَمَّانَ الْوَطَآتِ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ مَهْرَ الْمِثْلِ هُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا عَادَةً مِنْ نِسَاءِ عَصَبَاتِهَا]

قَوْلُهُ فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ إلَخْ) الْمُدْلِيَةُ بِالْأَبَوَيْنِ تُقَدَّمُ فِي الِاعْتِبَارِ عَلَى الْمُدْلِيَةِ بِالْأَبِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ وَكَتَبَ أَيْضًا مُرَادُهُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا قَرَابَاتُ الْأُمِّ لَا ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَذْكُورُونَ فِي الْفَرَائِضِ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ لَيْسَتْ مِنْهُنَّ قَطْعًا (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَالرُّويَانِيُّ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ مِنْ نِسَاءِ الْأَرْحَامِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ جَيِّدٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَتِيقَةِ عَتِيقَةٌ مِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ مَوَالِيهَا فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْبَلَدُ) فَإِنْ عُدِمَ نِسَاءُ بَلَدِهَا فَأَقْرَبُ الْبِلَادِ (قَوْلُهُ الْأَجْنَبِيَّاتُ) حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّهُنَّ يُقَدَّمْنَ عَلَى نِسَاءِ الْأَرْحَامِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ عِصَابَتِهَا أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ فَنِسَاءُ الْأَرْحَامِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيُعْتَبَرُ أَوَّلًا بِنِسَاءِ عَصَبَاتِهَا وَإِنْ كُنَّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى أَوْ مُتْنَ (قَوْلُهُ وَيُرَاعَى الْعِفَّةُ وَالْجَمَالُ إلَخْ) .

وَقَالَ الْفَارِقِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَابْنُ يُونُسَ يُعْتَبَرُ الْمَهْرُ بِحَالِ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ الْيَسَارِ وَالْعِلْمِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّسَبِ فَقَدْ يُخَفَّفُ عَنْ الْعَالِمِ وَالْعَفِيفِ وَيَثْقُلُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّامِلِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فَعَلَى هَذَا إذَا وُجِدَ مِنْ النِّسَاءِ الْمُعْتَبَرَاتِ مَنْ بِصِفَتِهَا وَزَوْجُهَا مِثْلُ زَوْجِهَا فِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ اُعْتُبِرَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ بِهَا

(قَوْلُهُ لَا يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكْرَهَةً (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ إلَخْ) مَا قَالَهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ غ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ فِي الْوَطَآتِ) الْمُرَادُ بِالتَّكَرُّرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنْ يَحْصُلَ بِكُلِّ مَرَّةٍ قَضَاءُ الْوَطَرِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَزْمِنَةِ فَلَوْ كَانَ يَنْزِعُ وَيَعُودُ وَالْأَفْعَالُ مُتَوَاصِلَةٌ وَلَمْ يَقْضِ الْوَطَرَ إلَّا آخِرًا فَهُوَ وِقَاعٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ د (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إحْبَالٍ) أَوْ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ) أَوْ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُكَاتَبَتَهُ) مَحَلُّهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالتَّعْجِيزِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فَتَخْتَارُ الْمَهْرَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَوَطِئَهَا مَرَّةً أُخْرَى خُيِّرَتْ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَهْرَ وَجَبَ لَهَا مَهْرٌ آخَرُ وَهَكَذَا سَائِرُ الْوَطَآتِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُ عِبَارَتِهِ فِي ذَلِكَ وَكُلَّمَا خُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ الصَّدَاقَ ثُمَّ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقٌ آخَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>