للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَجْنُبُ مَيِّتٌ) فَلَوْ وَطِئَ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ بَعْدَ غُسْلِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَطْءِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحْدِثُ أَيْضًا بِالْمَسِّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ مَعَ الْمَاسِّ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ فِي الْمَيِّتَةِ

(فَصْلٌ الرِّجَالُ أَوْلَى بِغَسْلِ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ) أَوْلَى (بِالْمَرْأَةِ) وَسَيَأْتِي تَرْتِيبُهُمْ (وَ) لَكِنْ (لِلرَّجُلِ غَسْلُ زَوْجَتِهِ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً (وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا) أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ مَا ضَرَّك لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك وَصَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ (وَلَهَا غَسْلُهُ) بِالْإِجْمَاعِ «وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا نِسَاؤُهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (بِلَا مَسٍّ) مِنْهَا لَهُ فِي هَذِهِ وَمِنْهُ لَهَا فِيمَا قَبْلَهَا كَأَنْ يَلُفَّ الْغَاسِلُ مِنْهُمَا عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً (لِئَلَّا يُنْتَقَضَ الْوُضُوءُ) يَعْنِي وُضُوءَ الْغَاسِلِ (فَقَطْ) .

أَمَّا وُضُوءُ الْمَغْسُولِ طُهْرٌ مُطْلَقًا فَلَا يُنْتَقَضُ، وَإِنْ نَقَضْنَا طُهْرَ الْمَلْمُوسِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَذِنَ فِيهِ لِلْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيِّتَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَهَذَا لَيْسَ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ لَفِّ الْخِرْقَةِ عَلَى يَدِهِ الشَّامِلِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذْ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِكَرَاهَةِ اللَّمْسِ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِانْتِقَاضِ الطُّهْرِ بِهِ (وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ) كَأَنْ وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَلَهَا غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ كَالْمِيرَاثِ (لَا مُطَلَّقَةٌ وَلَوْ رَجْعِيَّةً) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا غَسْلُ الْآخَرِ، وَإِنْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ وَفِي مَعْنَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ لَا يُغَسِّلُ الْآخَرَ كَمَا لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَرَدَّ الزَّرْكَشِيُّ لَهُ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالْمُكَاتَبَةِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْهَا فَلَا مَنْعَ مِنْ الْغُسْلِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِهِ فِي الْمُعْتَدَّةِ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (غَسْلُ) أَمَتِهِ حَتَّى (مُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ مَمْلُوكَانِ لَهُ فَأَشْبَهْنَ الزَّوْجَةَ بَلْ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْبُضْعَ جَمِيعًا وَكِتَابَةُ الْمُكَاتَبَةِ تَرْتَفِعُ بِمَوْتِهَا (لَا) غُسْلُ (أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ) لِتَحْرِيمِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَالْمُبَعَّضَةُ بِالْأَوْلَى وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ كُلَّ أَمَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ جَوَازُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ لَكِنْ لَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَا مَرَّ بَلْ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِمَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهِمَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي النِّكَاحِ بِاشْتِرَاكِهِمَا مَعَ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِجَوَازِ الْخَلْوَةِ بِهِنَّ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ قَدْ يُقَالُ لَهُ لِمَ جَوَّزْت لَهُ تَغْسِيلَ الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ دُونَ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي هَاتَيْنِ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافٍ فِي الْوَثَنِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ بِأَنَّ الصَّوَابَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً بِالسَّبْيِ فَالْأَصَحُّ حِلُّ غَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ التَّمَتُّعَاتِ فَغُسْلُهَا أَوْلَى أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِلَا شَهْوَةٍ كَمَا ذَكَرَ فِي بَابِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ غَسْلُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الْغُسْلِ لَيْسَ لِمَا قَالَهُ بَلْ التَّحْرِيمُ الْبُضْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَالصَّوَابُ أَنَّهَا كَالْمُعْتَدَّةِ بِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْبُضْعِ وَتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِأَجْنَبِيٍّ (وَلَيْسَ لِأَمَتِهِ) وَلَوْ غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ وَمُعْتَدَّةٍ وَمُسْتَبْرَأَةٍ (وَنَحْوِهَا) كَمُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ (غُسْلُهُ) لِانْتِقَالِ مِلْكِهِ عَنْهُنَّ بِإِرْثٍ أَوْ عِتْقٍ وَيُفَارِقُ النِّكَاحَ بِبَقَاءِ حُقُوقِهِ كَمَا مَرَّ؛ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ (وَلِرِجَالِ الْمَحَارِمِ غُسْلُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَجْوِيزُهُ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ شَارِحُ الْمِفْتَاحِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي وَأَكَادُ أَجْزِمُ بِهِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِأُمُورٍ ثُمَّ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي بُعْدِ تَعْصِيَةِ الْأَبِ بِغُسْلِ ابْنَتِهِ مَعَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ الرِّجَالُ أَوْلَى بِغَسْلِ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءُ أَوْلَى بِالْمَرْأَةِ]

قَوْلُهُ الرِّجَالُ أَوْلَى بِالرَّجُلِ) إذَا حَرَّمْنَا النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ إلْحَاقُهُ بِالْمَرْأَةِ فَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ غَسْلِ الرَّجُلِ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ كِتَابِيَّةً) ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ رِجَالُ مَحَارِمِهَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ) ؛ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْصَى بِأَنَّ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَفَعَلَتْ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ (قَوْلُهُ كَانَ يَلُفُّ الْغَاسِلُ مِنْهُمَا) عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً اسْتِحْبَابًا (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ غَسْلُ مُدَبَّرَتِهِ إلَخْ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: هَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ قَرَابَةِ الْأَمَةِ أَحَدٌ فَإِنْ وُجِدَ فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا فَهُوَ كَالزَّوْجِ، وَإِنْ كُنَّ نِسَاءً بُنِيَ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ هَلْ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ فَهُوَ كَالزَّوْجِ مَعَهُنَّ، وَإِنْ بَطَلَ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُنَّ عَلَيْهِ هَذَا مَا ظَهَرَ (قَوْلُهُ وَلَا لَمْسُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا بِلَا شَهْوَةٍ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالنَّظَرِ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَى أَمَةِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَلَا يُبَاحُ لَهُ غُسْلُهَا وَالتَّعْلِيلُ بِجَوَازِ اللَّمْسِ يَنْقُضُ بِجَوَازِهِ لِلْمُدَاوَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْغُسْلُ فَإِذَا بَطَلَ التَّعْلِيلُ بِالنَّظَرِ وَاللَّمْسِ لَا يَبْقَى إلَّا الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ قَدْ عَارَضَهُ مَنْعُ حِلِّ الْوَطْءِ فَأَشْبَهَ الْعِدَّةَ فَوَضَحَ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الْغُسْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ تَجْوِيزُهُ مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالزَّوْجِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَيَحْرُمُ تَفْوِيضُهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ كَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَيَحْرُمُ تَفْوِيضُهُمْ ثُمَّ قَالَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الرِّجَالِ وَالزَّوْجَةِ وَالنِّسَاءِ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَيَحْرُمُ التَّفْوِيضُ إلَيْهِنَّ كَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ الْمَحَارِمِ عَلَى الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ وَأَيَّدَهُ بِأُمُورٍ) بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ، وَإِنْ نَكَحَ أُخْتَهَا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ الذِّمِّيَّةِ زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ وَاسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَغْسِيلِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا بِتَغْسِيلِ أَسْمَاءَ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ وَعَلَى عَكْسِهِ بِتَغْسِيلِ عَلِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>