للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مُكَاتَبَتِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَمْلُوكِ بِقَوْلِهِ كَالْمَحْرَمِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ مَمْلُوكُ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ لَهَا (لَا الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ وَالْمُخَنَّثُ) وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمْ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَالْهِمُّ) بِالْكَسْرِ وَهُوَ الشَّيْخُ الْفَانِي فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ النَّظَرُ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُحُولِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ خَبَرَ «لَا تُدْخِلْنَ هَذَا عَلَيْكُمْ يَعْنِي الْمُخَنَّثَ»

(وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْمَحْرَمِ) وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (بِشَهْوَةٍ) بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ أَوْ بِدُونِهَا لَكِنْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) يَحْرُمُ نَظَرُ (الْأَمْرَدِ بِشَهْوَةٍ) مُطْلَقًا وَبِدُونِهَا (إنْ خَافَ فِتْنَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمِنَهَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا قَدَّمَهُ فِي النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَمِنَهَا هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَنَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ حَسْبَمَا لِلْبَابِ وَلِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرَدِ أَنْ يَكُونَ جَمِيلَ الْوَجْهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالِاحْتِجَابِ كَالْمَرْأَةِ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِ غَضُّ الْبَصَرِ.

وَلَمْ يَعْتَبِرُوا جَمَالَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَمِيلُ إلَيْهَا فَضَبَطَ بِالْأُنُوثَةِ وَلَك عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ هَذَا مَعَ مَا نَقَلَهُ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مِنْ حِلِّ النَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ أَنْ تَقُولَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَمْرَدِ فَالْمُوَافِقُ لِذَلِكَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ السَّابِقُ وَإِنْ كَانَ الْأَحْوَطُ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ لِلْأَمْرَدِ أَمَدًا يَنْتَظِرُ زَوَالَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فِي تِلْكَ مِنْ التَّحْرِيمِ لَا سُؤَالٍ وَكَمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فَإِنَّهَا أَفْحَشُ وَأَقْرَبُ إلَى الْمَفْسَدَةِ وَالْأَمْرَدُ الشَّابُّ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ لِحْيَتُهُ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ أَسَنَّ وَلَا شَعْرَ بِوَجْهِهِ أَمْرَدُ (وَ) يَحْرُمُ نَظَرُ (عَوْرَةِ الرَّجُلِ) دُونَ غَيْرِهَا عَلَى الرَّجُلِ لِمَا مَرَّ فِي نَظَرِ بَعْضِ النِّسَاءِ بَعْضًا (لَا عَلَى نَفْسِهِ) فَلَا يَحْرُمُ لَكِنْ يُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ

(فَرْعٌ: مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مُتَّصِلًا حَرُمَ) نَظَرُهُ (مُنْفَصِلًا كَشَعْرِ عَانَةٍ) وَلَوْ لِرَجُلٍ (وَقُلَامَةِ ظُفْرِ قَدَمِ حُرَّةٍ) إبْقَاءً لِحُكْمِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ (فَلْيُوَارِهِ) وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْهِ أَحَدٌ وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبَ قَالَ وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ فِي الْحَمَّامَاتِ عَلَى طَرْحِ مَا يَتَنَاثَرُ مِنْ امْتِشَاطِ شُعُورِ النِّسَاءِ وَحَلْقِ عَانَاتِ الرِّجَالِ (لَا) قُلَامَةِ ظُفْرِ (يَدِهَا) أَيْ الْحُرَّةِ فَلَا يَحْرُمُ نَظَرُهَا بَعْدَ انْفِصَالِهَا كَمَا قَبْلَهُ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ تَحْرِيمِ نَظَرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ.

وَأَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ تَحْرِيمِهِمَا فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا يَحْسُنُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقُلَامَتَيْنِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِجَوَازِ النَّظَرِ إلَى الْكَفَّيْنِ أَمَّا مَنْ يُحَرِّمُهُ وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فَلَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ دُونَ قُلَامَةِ يَدِهَا وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ أَيْ الرَّجُلِ وَمَا قَالَهُ فِي قُلَامَةِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ نَظَرِهَا مُتَّصِلَةً أَمَّا عَلَى تَحْرِيمِهِ الشَّامِلِ لَهُ مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ كَتَحْرِيمِ نَظَرِهِ إلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ إنَّمَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ هُوَ (فَإِنْ أُبِينَ) مِنْ الْأَمَةِ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهَا كَشَعْرِ رَأْسِهَا وَظُفْرِهَا (ثُمَّ عَتَقَتْ لَمْ يَحْرُمْ) نَظَرُهُ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُنْفَصِلَ كَالْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ انْفَصَلَ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً وَالْعِتْقُ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْمُنْفَصِلِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ إلَى مَا عَدَا عَوْرَةِ الْأَمَةِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ

(فَرْعٌ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ) إلَى الْآخَرِ (وَلَوْ إلَى الْفَرْجِ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ (وَ) لَكِنْ (يُكْرَهُ نَظَرُهُ) أَيْ الْفَرْجِ (حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ) يَعْنِي -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَمْلُوكِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَحْرَمٌ فِي النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَفْحُولِ) أَيْ الْعَاقِلِينَ الْمُخْتَارِينَ

(قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْأَمْرَدِ) أَيْ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ وَلَدٌ أَمْرَدُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رُؤْيَتُهَا وَسَمَاعُ وَصْفِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ فَهَلْ لَهُ رُؤْيَةُ وَلَدِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ حَاجَةً أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَظَهَرَ لِي أَنَّهُ إنْ بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُسْنِ جَازَ النَّظَرُ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الْقِيَافَةِ أَنَّهَا تَجُوزُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الدَّفْنِ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ نَعَمْ يَرَى الْقَائِفُ وَلَدَ الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ فَوَلَدُ وَلَدِهِ وَقَوْلُهُ وَظَهَرَ لِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ قُلْت وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ هَكَذَا مُطْلَقًا يَقْتَضِي أَنَّ لَنَا وَجْهًا بِالتَّحْرِيمِ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ بَلْ الْوَجْهَانِ إذَا خَافَ الِافْتِتَانَ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَحْرُمْ قَطْعًا كَذَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالنَّصُّ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الشَّهْوَةِ فَإِنَّ الْحَاكِينَ لَهُ عَلَّلُوهُ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَمَا ادَّعَاهُ النَّوَوِيُّ عَلَى أَنَّ أَبَا حَامِدٍ قَالَ لَا أَعْرِفُ هَذَا النَّصَّ لِلشَّافِعِيِّ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُبَالِ بِتَعْلِيلِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ مَا أَطْلَقَهُ بِخَوْفِ الِافْتِتَانِ وَتَعْلِيلِ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَا نَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ النَّصِّ بِأَنَّهُ يَفْتِنُ

[فَرْعٌ مَا حَرُمَ نَظَرُهُ مُتَّصِلًا حَرُمَ نَظَرُهُ مُنْفَصِلًا]

(قَوْلُهُ وَاسْتَبْعَدَ الْأَذْرَعِيُّ الْوُجُوبَ) قَالَ شَيْخُنَا الصَّحِيحُ الِاسْتِحْبَابُ نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ الْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَرَاهُ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُوَارِهِ وَتَعَيَّنَتْ طَرِيقًا لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ) أَيْ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا]

(قَوْلُهُ فَرْعٌ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ إلَى الْآخَرِ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَتْ فَلَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَلْ قَالَ الْمُتَوَلِّي تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَيَاةِ فَلَوْ مَاتَتْ زَالَ حُكْمُ نَظَرِهِ إلَيْهَا بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ نَظَرُهُ حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ الْغَرِيبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>