للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوضِحَةِ وَسَيَأْتِي.

(فَلَوْ قَطَعَ مِنْ مَفْصِلٍ) أَيْ بَعْضَهُ كَالْكُوعِ (وَلَمْ يَبِنْ فَلَا قِصَاصَ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي قَطْعِهِ؛ لِأَنَّ الْكُوعَ، وَنَحْوَهُ مَجْمَعُ الْعُرُوقِ وَالْأَعْصَابِ الْمُخْتَلِفِ وَضْعُهَا تَسَفُّلًا وَتَصَعُّدًا وَتَخْتَلِفُ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ فَلَا يَوْثُقُ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ الْمَارِنِ وَالْأُذُنِ، وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (وَكَذَا لَوْ بَانَ فِلْقَةً مِنْ فَخْذٍ) ، أَوْ نَحْوِهِ لَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّ سُمْكَهُ لَا يَنْضَبِطُ.

[فَرْعٌ الْمَقْطُوعِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمُعَلَّقِ بِجِلْدَةٍ]

(فَرْعٌ: لِلْمُعَلَّقِ) أَيْ لِلْمَقْطُوعِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْمُعَلَّقِ (بِجِلْدَةٍ حُكْمُ الْمَقْطُوعِ) الْمُبَانِ فَيَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ لِبُطْلَانِ فَائِدَةِ الْعُضْوِ، وَإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُقْتَصُّ إلَى الْجِلْدَةِ ثُمَّ لَا تُقْطَعُ) الْجِلْدَةُ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ الْجَانِي أَهْلَ الْبَصَرِ فِيهَا (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) .

[فَرْعٌ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ]

(فَرْعٌ لَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ السِّنُّ فَإِنَّهُ إذَا أَمْكَنَ فِيهَا الْقِصَاصُ بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَجَبَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ الرَّبِيعِ السَّابِقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِكَسْرِ عَظْمِهِ (الْقَطْعُ مِنْ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ دُونَهُ) أَيْ دُونَ مَحَلِّ الْكَسْرِ فَلَوْ كَسَرَ عَظْمَ سَاعِدِهِ، أَوْ سَاقِهِ، وَأَبَانَهُ فَلَهُ قَطْعُ يَدِهِ مِنْ كُوعِهِ وَرِجْلِهِ مِنْ كَعْبِهِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِ الْحَقِّ وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ.

وَلَيْسَ لَهُ الْقَطْعُ مِنْ الْمَرْفِقِ وَالرُّكْبَةِ (وَ) لَهُ عَلَيْهِ (حُكُومَةٌ لِلْبَاقِي) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ عِوَضًا عَنْهُ، وَلَهُ أَنَّهُ يَعْفُو عَنْ الْجِنَايَةِ وَيَعْدِلُ إلَى الْمَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَوْضَحَ وَنَقَلَ، أَوْ هَشَّمَ وَأَوْضَحَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَنْ يُوضِحَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْهَشْمِ) فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ (وَ) أَرْشَ (النَّقْلِ) فِي الْأُولَى، وَهُوَ عَشَرَةٌ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ فِيهِمَا فَعَدَلَ إلَى بَدَلِهِمَا، وَلَوْ أَوْضَحَ وَأَمَّ فَلَهُ أَنْ يُوضِحَ وَيَأْخُذَ تَمَامَ ثُلُثِ الدِّيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ، وَأَوْضَحَ كَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ قَطَعَ) يَدَهُ (مِنْ كُوعِهِ فَالْتَقَطَ الْمُقْتَصُّ أَصَابِعَهُ) بَلْ أُصْبُعًا وَاحِدًا (عُزِّرَ) ، وَإِنْ قَالَ لَا أَطْلُبُ فِي الْبَاقِي قَطْعًا، وَلَا أَرْشًا لِعُدُولِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَبِهَذَا فَارَقَ جَوَازَ الْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِإِتْلَافِ الْبَعْضِ غُرْمٌ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ الْجَانِي لَا غُرْمَ عَلَيْهِ (، وَلَوْ قَطَعَ الْبَاقِي) أَيْ الْكَفَّ كَمَا أَنَّ مُسْتَحِقَّ النَّفْسِ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْجَانِي لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحُزَّ رَقَبَتَهُ وَيُفَارِقُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَقَطَ أَصَابِعَ مَنْ قَطَعَهُ مِنْ سَاعِدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ الْكَفَّ بِأَنَّ الْكَفَّ هُنَا مَحَلُّ الْجِنَايَةِ بِخِلَافِهَا ثُمَّ (لَا طَلَبَ حُكُومَةٍ) لِلْبَاقِي؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ يَدَيْ الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْ حَزِّ الرَّقَبَةِ وَطَلَبَ الدِّيَةَ لَمْ يُجَبْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا (أَوْ) قَطَعَ يَدَهُ (مِنْ مَرْفِقِهِ فَرَضِيَ عَنْهَا بِأُصْبُعٍ) ، أَوْ بِكَفٍّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (لَمْ يَجُزْ) لِعُدُولِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَطَعَهَا مِنْ الْكُوعِ عُزِّرَ) ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ (وَأُهْدِرَ الْبَاقِي) فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ، وَلَا طَلَبُ حُكُومَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِقَطْعِهِ مِنْ الْكُوعِ تَرَكَ بَعْضَ حَقِّهِ، وَقَنَعَ بِبَعْضِهِ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْبَاقِي بِأَنَّ الْقَاطِعَ مِنْ الْكُوعِ مُسْتَوْفٍ لِمُسَمَّى الْيَدِ بِخِلَافِ مُلْتَقِطِ الْأَصَابِعِ.

(وَإِنْ قَطَعَ إنْسَانًا مِنْ نِصْفِ) الْأَوْلَى مِنْ بَعْضِ (الْعَضُدِ فَلَهُ قَطْعُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٍ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَكَذَا) لَهُ قَطْعُهُ (مِنْ الْكُوعِ) لِعَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَمُسَامَحَتِهِ بِبَعْضِ حَقِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قَطْعِ الْمَرْفِقِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ وَلِمَا رَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ رَجَّحَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ (وَ) لَهُ قَطْعُ (أُصْبُعٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (وَ) لَهُ (أَخْذُ الْحُكُومَةِ لِلْبَاقِي) مِنْ الْعَضُدِ فِي الْأُولَى وَمِنْهُ وَمِنْ السَّاعِدِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكِنْ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَخْذُ دِيَةِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ أَيْضًا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَاكِتٌ عَنْ حُكْمِ الثَّالِثَةِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَلَيْسَ لَهُ لَقْطُ الْأَصَابِعِ لِتَعَدُّدِ الْجِرَاحَاتِ) ، وَهُوَ عَظِيمُ الْمَوْقِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَطْعُ أُصْبُعَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَأَنَّ لَهُ قَطْعَ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ مَرَّ أَمَّا لَوْ عَفَا عَنْ قَطْعِ الْعَضُدِ فَلَهُ دِيَةُ الْكَفِّ وَحُكُومَتَا السَّاعِدِ، وَالْمَقْطُوعُ مِنْ الْعَضُدِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) قَطَعَ يَدَهُ (مِنْ بَعْضِ السَّاعِدِ فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ الْكُوعِ، أَوْ دِيَتُهَا) بِعَفْوٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَفْوِ (وَ) لَهُ (حُكُومَةٌ لِلْبَاقِي) حَالَتَيْ الْقَطْعِ، وَأَخْذُ الدِّيَةِ (فَإِنْ لَقَطَ أَصَابِعَهُ) ، أَوْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا (عُزِّرَ) ، وَلَا غُرْمَ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَطَعَ فِلْقَةً مِنْ لِسَانٍ أَوْ أُذُنٍ أَوْ مَارِنٍ أَوْ حَشَفَةٍ]

قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِهِ وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ قُطِعَتْ مِمَّنْ لَمْ يُثْغِرْ فَعَادَتْ نَاقِصَةً اُقْتُصَّ فِي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ (قَوْلُهُ: وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ) كَيْفَ وَالْقَطْعُ مِنْهُ أَسْهَلُ مِنْ قَطْعِ مَوْضِعِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ أُصْبُعًا وَاحِدًا) أَيْ أَوْ أُنْمُلَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: عُزِّرَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْمَنْعِ وَالْجَاهِلِ بِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى قَطْعِ الْمَرْفِقِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْتِقَاطِ الْأَصَابِعِ فَإِنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ يَعُودُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَهُنَا إلَى غَيْرِ مَحِلِّهَا وَجَوَّزْنَا قَطْعَ مَا دُونَهُ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا قَطَعَ مَرَّةً لَمْ يُكْرَهْ فس (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ إلَخْ) ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ (قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَالَ أَوْ اثْنَيْنِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْمَتْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ بِقَلِيلٍ أَنَّ الْأُصْبُعَ كَذَلِكَ، وَهُنَا نَظِيرُهُ إذْ الْأَوْجَهُ مَا تَقَدَّمَ فَيَرْجِعُ الثَّانِي إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>