للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ وَأَسْلَمُ لَهُنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى.

(وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ مَكَّةَ) أَيْ لِمَنْ قَصَدَ دُخُولَ أَحَدِهِمَا لَا لِنُسُكٍ (أَنْ يُحْرِمَ بِنُسُكٍ) مِنْ حَجَّ أَوْ عُمْرَةٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ سَوَاءٌ أَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ وَتَاجِرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَذِكْرُ اسْتِحْبَابِهِ لِمَنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ.

(فَصْلٌ وَوَاجِبَاتُ الطَّوَافِ) بِأَنْوَاعِهِ (خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ الطَّهَارَتَانِ) طَهَارَتَا الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَطَافِهِ (وَالسِّتْرُ) لِلْعَوْرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي» (فَلَوْ أَحْدَثَ أَوْ تَنَجَّسَ) بَدَنُهُ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ مَطَافُهُ بِنَجَسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (أَوْ عَرِيَ) مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّتْرِ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ (تَطَهَّرَ وَسَتَرَ) عَوْرَتَهُ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلُ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ) الطَّوَافَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَلَبَةُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَطَافِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى، وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا الْعَفْوَ عَنْهَا قَالَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا يُشَقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي دَمِ الْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالْبَقِّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ وَكَمَا فِي كَثْرَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ، وَكَمَا فِي طِينِ الشَّارِعِ الْمُتَيَقَّنِ نَجَاسَتَهُ. اهـ. أَمَّا الْعَارِي الْعَاجِزُ عَنْ عَنْ السَّتْرِ فَيَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ مَنْعُ الْمُتَيَمِّمِ وَالْمُتَنَجِّسِ عَنْ الْمَاءِ مِنْ طَوَافِ الرُّكْنِ لِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَتْ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَالطَّوَافِ لَا آخَرَ لِوَقْتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ إذَا صَلَّى، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى التَّيَمُّمِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ الْوَاجِبَةِ.

(الثَّانِي التَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَلَا) وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَا (يَعْتَدُّ بِمَا بَدَأَ بِهِ قَبْلَهُ) وَلَوْ سَهْوًا فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ (وَأَنْ يُحَاذِ بِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ) بِحَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ فَلَوْ لَمْ يُحَاذِهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِأَنْ جَاوَزَهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ إلَى جِهَةِ الْبَابِ لَمْ تُحْسَبْ طَوْفَتُهُ وَالْمُرَادُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ جَمِيعُ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَاكْتُفِيَ بِمُحَاذَاتِهِ بَعْضِ الْحَجَرِ كَمَا يُكْتَفَى بِتَوَجُّهِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصِفَةُ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ وَيَقِفَ بِجَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ، وَمَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِهِ، ثُمَّ يَنْوِي الطَّوَافَ، ثُمَّ يَمْشِي مُسْتَقْبِلًا الْحَجَرَ مَارًّا إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ حَتَّى يُجَاوِزَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ، وَلَوْ فَعَلَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَتَرَكَ اسْتِقْبَالَ الْحَجَرِ جَازَ لَكِنْ فَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّوَافِ يَجُوزُ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُرُورِهِ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الطَّوْفَةِ الْأُولَى لَا غَيْرُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ غَيْرُ الِاسْتِقْبَالِ الْمُسْتَحَبِّ عِنْدَ لِقَاءِ الْحَجَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالطَّوَافِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَا خِلَافَ فِيهِ وَسُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

وَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ لِدُعَاءٍ أَوْ زَحْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ الْمُرُورِ فِي الطَّوَافِ، وَلَوْ أَدْنَى جُزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (وَيَطُوفُ) بِالْبَيْتِ أَمَامَهُ (جَاعِلًا لَهُ عَنْ يَسَارِهِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ مَكَّةَ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) ، وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَهَا وَمَعَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ» ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَأَمَرَهُمْ بِهِ، وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِهِ لَأَحْرَمُوا، وَلَوْ أَحْرَمُوا لَنُقِلَ.

[فَصْلٌ وَوَاجِبَاتُ الطَّوَافِ]

(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الطَّهَارَتَانِ وَالسَّتْرُ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الطَّهَارَةِ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَلَكِنْ إذَا طَافَ الْوَلِيُّ بِالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَبِالْمَجْنُونِ فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ، وَلَا يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَحِينَئِذٍ هَذَا الشَّرْطُ يُسْتَثْنَى مِنْ طَوَافِ الْوَلِيِّ بِالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» ) سَمَّاهُ صَلَاةً، وَهُوَ لَا يَضَعُ الْأَسْمَاءَ اللُّغَوِيَّةَ وَإِنَّمَا يُكْسِبُهَا أَحْكَامًا شَرْعِيَّةً وَإِذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ صَلَاةٌ لَمْ يَجُزْ بِدُونِ السَّتْرِ وَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَطَهَارَةِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الطَّوَافُ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ حَتَّى الْوُقُوفُ لِشَبَهِهِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ فِي الْإِغْمَاءِ يَسْتَأْنِفُ وَفِي الْجُنُونِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ مَنْعُ التَّيَمُّمِ إلَخْ) ثُمَّ حَكَى عَنْ الرُّويَانِيِّ وَجْهَيْنِ فِي الْإِعَادَةِ فِيمَا لَوْ طَافَ بِالتَّيَمُّمِ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْجَوَازِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَبِتَقْدِيرِ جَوَازِهِ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْكِ قَضَائِهِ قُلْت قَدْ يُقَالُ يُفْعَلُ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا مَعَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَهُ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ ع قَوْلُهُ قَدْ يُقَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُحَاذِيهِ أَوْ بَعْضَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ الْوَاجِبَةَ تَتَعَلَّقُ بِالرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لَا بِالْحَجَرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَوْ نُحِّيَ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - عَنْ مَكَانِهِ وَجَبَتْ مُحَاذَاةُ الرُّكْنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ صِحَّةُ طَوَافِ الرَّاكِبِ (قَوْلُهُ وَيَطُوفُ جَاعِلًا لَهُ عَلَى يَسَارِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُ تَتَنَاوَلُ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ مَنْطُوقَهُ كَوْنُ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ وَمَفْهُومُهُ مَنْعُ كَوْنِهِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ مُسْتَقْبِلًا أَوْ مُسْتَدْبِرًا وَعَلَى الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَمْشِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَقَدْ يَمْشِي الْقَهْقَرَى فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ عَلَى الْيَسَارِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الْمُعْتَادِ وَالْقَهْقَرَى فَقَدْ يَكُونُ مُنْتَصِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُنَكِّسًا أَيْ رَأْسَهُ إلَى أَسْفَلَ وَرِجْلَاهُ إلَى فَوْقَ، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ وَمَكْبُوبًا عَلَى وَجْهِهِ فَحَصَلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>