للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِنْسِ الْفِطْرَةِ) فَيُخْرَجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ اللَّبَنِ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْمَنْعَ فِيهِ (وَلَا يُجْزِئُ خُبْزٌ وَنَحْوُهُ) كَدَقِيقٍ وَسَوِيقٍ (وَالْمُدُّ رُبُعُ صَاعٍ) أَيْ رَطْلٌ وَثُلُثٌ (وَقَدْ سَبَقَ) بَيَانُهُ فِي (الزَّكَاةِ، فَإِنْ تَمَلَّكُوهُ مُشَاعًا) كَأَنْ قَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ (أَجْزَأَهُ) وَلَا نَظَرَ إلَى ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ لِخِفَّةِ أَمْرِهَا (وَكَذَا إنْ) لَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ كَأَنْ (قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى) بِهِ الْكَفَّارَةَ (فَأَخَذُوهُ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ تَفَاوَتُوا) فِيمَا أَخَذُوهُ (لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا) مُدٌّ (وَاحِدٌ) لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مُدًّا (مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ) وَفِي نُسْخَةٍ يَتَبَيَّنُ (مَعَهُ مَنْ أَخَذَ مُدًّا) آخَرَ فَيُجْزِئُهُ مُدٌّ آخَرُ وَهَكَذَا فَلَوْ تَيَقَّنَ أَنَّ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُدًّا فَأَكْثَرَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْعَدَدُ وَلَزِمَهُ التَّكْمِيلُ نَعَمْ إنْ أَخَذُوهُ مُشْتَرَكًا، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ فَقَدْ مَلَكُوهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ فِي الْمَأْخُوذِ بَعْدَهَا وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الْإِجْزَاءُ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْكَيْلَ رُكْنٌ فِي قَبْضِ الْمَكِيلِ وَنِيَابَتَهُمْ عَنْ الْمُظَاهِرِ تُؤَدِّي إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ يُرَدُّ بِأَنَّ الْإِجْزَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّمْلِيكِ وَحْدَهُ لَا عَلَى الْقَبْضِ أَيْضًا وَهُمْ مَلَكُوهُ فِي الْأُولَى بِقَبُولِهِمْ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَخْذِهِمْ لَهُ جُمْلَةً وَأَمَّا الْقَبْضُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْكَيْلِ فَذَاكَ لِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ الْكَيْلَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبْضِ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ حَتَّى لَوْ أَعْطَى فِي الزَّكَاةِ حَبًّا جُزَافًا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الْوَاجِبِ أَجْزَأَ قَطْعًا وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ أَعْطَاهُمْ ثَوْبًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لَمْ يَجُزْ لَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِيمَا قَالَهُ بِأَنَّ الْمُخْرَجَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ لَا بِفَسَادِ الْقَبْضِ.

(وَإِنْ صَرَفَ سِتِّينَ) مُدًّا (إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا (بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَهُمْ (اُحْتُسِبَ لَهُ بِثَلَاثِينَ) مُدًّا (فَيَصْرِفُ ثَلَاثِينَ أُخْرَى إلَى سِتِّينَ مِنْهُمْ وَيَسْتَرِدُّ) الْأَمْدَادَ الْبَاقِيَةَ (مِنْ الْبَاقِينَ إنْ كَانَ ذَكَرَ) لَهُمْ (أَنَّهَا كَفَّارَةٌ) وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّ كَنَظِيرِهِ فِي الزَّكَاةِ (وَإِنْ صَرَفَ سِتِّينَ) مُدًّا (إلَى ثَلَاثِينَ) بِحَيْثُ لَا يَنْقُصُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ مُدٍّ (لَزِمَهُ صَرْفُ ثَلَاثِينَ) مُدًّا (إلَى ثَلَاثِينَ) غَيْرِهِمْ وَيَسْتَرِدُّ الْأَمْدَادَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الْبَاقِينَ (كَمَا سَبَقَ) أَيْ إنْ كَانَ ذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ

[فَرْعٌ صَرَفَ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ]

(فَرْعٌ) لَوْ (صَرَفَ لِمِسْكِينٍ) وَاحِدٍ (مُدَّيْنِ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ جَازَ، وَإِنْ أَعْطَى رَجُلًا مُدًّا وَاشْتَرَاهُ) مَثَلًا (مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ وَهَكَذَا إلَى سِتِّينَ أَجْزَأَهُ وَكُرِهَ) لِتَشَبُّهِهِ بِالْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ

[فَرْع دَفَعَ المكفر الطَّعَامَ إلَى الْإِمَامِ فَتَلِفَ]

(فَرْعٌ) لَوْ (دَفَعَ الطَّعَامَ إلَى الْإِمَامِ فَتَلِفَ) فِي يَدِهِ (قَبْلَ التَّفْرِقَةِ) لَهُ (لَمْ يُجْزِئْهُ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَدُلُّهُ عَلَى الْكَفَّارَةِ بِخِلَافِهِ فِي الزَّكَاةِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالًا، ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْإِمَامِ كَزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَفَرَ بِذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَا أَخَالُهُ

(فَصْلٌ إذَا عَجَزَ) مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ (عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ ثَبَتَتْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ (فِي ذِمَّتِهِ) إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ (فَلَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ) فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (وَلَا تُجْزِئُ) كَفَّارَةٌ (مُلَفَّقَةٌ مِنْ خَصْلَتَيْنِ) بِأَنْ يَعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ وَيَصُومَ شَهْرًا أَوْ يَصُومَ شَهْرًا وَيُطْعِمَ ثَلَاثِينَ (فَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ صَامَ) ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ لَهَا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الصَّوْمِ (أَطْعَمَ وَيُخْرِجُ مِنْ الطَّعَامِ مَا وَجَدَ وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ) لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَلِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ (وَفِي بَقَاءِ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَهُّمِ كَوْنِهِ فَعَلَ شَيْئًا، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا نَحْوَ ذَلِكَ.

(كِتَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) الْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ مِمَّا سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ لِعَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ بِهَا إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ عَلَى لَفْظَيْ الشَّهَادَةِ وَالْغَضَبِ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِمَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ اللَّبَنِ إلَخْ) الصَّحِيحُ إجْزَاؤُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا يَجُوزُ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ. اهـ. وَفِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ وَفِي اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ خِلَافٌ كَالْخِلَافِ فِي الْأَقِطِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ فِي الْفِطْرَةِ التَّفْصِيلُ فَيُجْزِئُ اللَّبَنُ دُونَ اللَّحْمِ كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْفِطْرَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ هُنَا وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ عَدَمُ إجْزَاءِ اللَّبَنِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّصْحِيحِ هُنَا التَّصْحِيحُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ بَابُ مُوَاسَاةٍ فَنَاسَبَهَا التَّخْفِيفُ بِالتَّوَسُّعَةِ فِي الْمَخْرَجِ وَالْكَفَّارَاتُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَوَبَالِ الْجِنَايَاتِ فَلَمْ يَسْتَوِ الْبَابَانِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ إلَخْ) ضَعِيفٌ.

[فَصْلٌ عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ]

(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا بَقَاؤُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[كِتَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

(كِتَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمِينٌ مَحْضَةٌ وَهُوَ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ جَعْلُ الْيَمِينِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهَا مُدَّعًى بِهَا وَالزَّوْجُ مُدَّعٍ فَجَعْلُ الْيَمِينِ ابْتِدَاءً فِي جَانِبِهِ خِلَافُ قَاعِدَةِ الدَّعَاوَى وَإِنَّمَا كَانَ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَلِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ عَلَى زِنَاهَا وَلَيْسَ فِي الْأَيْمَانِ شَيْءٌ مُتَعَدِّدٌ إلَّا هُوَ وَالْقَسَامَةُ وَلَا يَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِيهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>