للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ) وَدَفَعَا الْعِوَضَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (فَالْعِوَضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَالْإِجَارَةِ (أَوْ) عَقَدَا فِي (الْمَرَضِ) بِعِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً (فَعِوَضُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا وَلَا مُحَابَاةً فِيهِ (وَإِنْ زَادَ) عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً (فَالزِّيَادَةُ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ

(وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْمُسَابَقَةُ) الشَّامِلَةِ لِلْمُنَاضَلَةِ (بِالصَّبِيِّ بِمَالِهِ) ، وَإِنْ اسْتَفَادَ بِهَا التَّعَلُّمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ وَقَدْ رَاهَقَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَدْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الدِّيوَانِ وَكَذَا فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ

(وَإِنْ سَأَلَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ الْمَالِ) الْمُلْتَزَمِ (عِنْدَ عَدْلٍ) وَالْآخَرُ تَرَكَهُ عِنْدَهُمَا (وَهُوَ عَيْنٌ أُجِيبَ أَوْ دَيْنٌ فَلَا) يُجَابُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَضْعِهِ عِنْدَ هُمَا أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ يَثِقَانِ بِهِ جَازَ وَالثَّانِي أَحْوَطُ وَأَبْعَدُ عَنْ النِّزَاعِ (وَإِنْ اخْتَارَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَدْلًا اخْتَارَ الْحَاكِمُ أَحَدَهُمَا) الْأَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةِ الْأَصْلِ عَدْلًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَهَلْ يَتَعَيَّنُ) أَحَدُ الْعَدْلَيْنِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِمَا أَوْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُمَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي (وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَدْلِ فَإِنْ جَرَتْ بِهَا عَادَةٌ فَوَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْخَيَّاطِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهَا وَتَكُونُ عَلَى الْمُتَسَابِقَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا السَّابِقُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أُجْرَةٌ عَلَى حِفْظِ الْمَالَيْنِ وَثَانِيهِمَا لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الثَّانِي

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الْمُحَلِّلِ) بِأَنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِعُدُولِهِ عَنْ الْوَسَطِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ أَوْ رَضِيَا بِتَرْكِ تَوَسُّطِهِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَكُونُ عَنْ الْيَمِينِ وَقَالَ الْآخَرُ: عَنْ الْيَسَارِ (لَزِمَ تَوَسُّطُهُ) فَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُجْرِيَ فَرَسَهُ بَيْنَ فَرَسَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَتَوَسَّطْهُمَا وَأَجْرَاهُ بِجَنْبِ أَحَدِهِمَا جَازَ إنْ تَرَاضَيَا بِهِ (فَإِنْ تَنَازَعَ الْمُتَسَابِقَانِ فِي الْيَمِينِ) وَالْيَسَارِ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا

(وَيَحُثُّ الْفَرَسَ) فِي السِّبَاقِ (بِالسَّوْطِ) وَتَحْرِيكِ اللِّجَامِ (وَلَا يَجْلِبُ عَلَيْهِ بِالصِّيَاحِ) لِيَزِيدَ عَدْوَهُ وَلِخَبَرِ «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ» وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَذَكَرَ فِي مَعْنَى الْجَنَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجَنِّبُونَ الْفَرَسَ حَتَّى إذَا قَارَبُوا الْأَمَدَ تَحَوَّلُوا عَنْ الْمَرْكُوبِ الَّذِي كَدَّهُ بِالرُّكُوبِ إلَى الْجَنِيبَةِ فَنُهُوا عَنْهُ

(وَلَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ) لِصَاحِبِهِ (فَهَلْ يُحْسَبُ) أَوْ لَا يُحْسَبُ، وَإِنْ أَصَابَ لِتَرْكِهِ اتِّبَاعَ عُرْفِ الرُّمَاةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ

(تَتِمَّةٌ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْغَرَضِ شَاهِدَانِ لِيَشْهَدَا عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ إصَابَةٍ وَخَطَأٍ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَاب]

[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْيَمِينِ]

(كِتَابُ الْأَيْمَانِ) جَمْعُ يَمِينٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] وَأَخْبَارٌ مِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ إنْ يَشَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ (هِيَ) لُغَةً الْيَدُ الْيُمْنَى وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا أَخَذَ كُلٌّ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهَا تَحْفَظُ الشَّيْءَ عَلَى الْحَالِفِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْيَدُ وَاصْطِلَاحًا (تَحْقِيقُ) أَمْرٍ (غَيْرِ ثَابِتٍ) مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا مُمْكِنًا كَحَلِفِهِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ مُمْتَنِعًا كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أَوْ لَيَقْتُلَنَّ زَيْدًا صَادِقَةً كَانَتْ الْيَمِينُ أَوْ كَاذِبَةً مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ وَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ فَلَيْسَتْ يَمِينًا وَسَيَأْتِي وَبِغَيْرِ ثَابِتٍ الثَّابِتُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأَمُوتَنَّ أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَكَذَلِكَ لِتَحَقُّقِهِ فِي نَفْسِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَحَقُّقِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ وَفَارَقَ انْعِقَادَهَا فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِرُّ كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أَوْ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ وَامْتِنَاعَ الْبِرِّ يُخِلُّ بِهِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ الْأَمْرِ أَوْ تَوْكِيدُهُ (بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنْ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ حَلَفْت بِاَللَّهِ وَحَلَفْت بِغَيْرِ اللَّهِ وَفِي الْخَبَرِ «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» وَأَسْقَطَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي الْيَمِينِ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا عَالِمًا) بِالْحَالِ (عَلَى مَاضٍ فَهِيَ) الْيَمِينُ (الْغَمُوسُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا أُجْرَةَ) هُوَ الْأَصَحُّ

(قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ

(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

(قَوْلُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ) أَيْ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا (قَوْلُهُ أَوْ مُمْتَنِعًا) أَيْ إثْبَاتًا لَا نَفْيًا (تَنْبِيهٌ)

الْحَالِفُ هُنَا مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ قَاصِدٌ نَاطِقٌ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ أَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ كَمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ) فَالْمُرَادُ بِالثَّابِتِ مَا هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا إلَخْ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ كَاذِبًا مَا إذَا كَانَ صَادِقًا وَالْمُرَادُ بِصِدْقِهِ إنْ تَوَافَقَ يَمِينُهُ قَصْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحْلِفُ لَهُ حَاكِمًا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً وَأَرَادَ الْمَنِيَّ أَوْ لَا جَارِيَةَ لَهُ وَأَرَادَ السَّفِينَةَ أَوْ مَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ فِي يَوْمِهِ وَأَرَادَ بِمَكَّةَ أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ مَا كَاتَبْت زَيْدًا وَنَوَى مُكَاتَبَةَ الْعَبْدِ أَوْ مَا عَرَّفْته وَنَوَى مَا جَعَلْته عَرِيفًا أَوْ مَا عَلَّمْته وَنَوَى مَا شَقَقْت شَفَتَهُ أَوْ مَا سَأَلْته حَاجَةً وَنَوَى الشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ فَإِنَّهَا تُسَمَّى حَاجَةً أَوْ مَا أَكَلْت دَجَاجَةً وَنَوَى كُبَّةَ الْغَزْلِ وَلَا فَرُّوجَةً وَنَوَى الدُّرَّاعَةَ أَوْ مَا فِي بَيْتِهِ حَصِيرٌ وَنَوَى الْحَقِيرَ أَوْ مَا فِيهِ فُرُشٌ وَنَوَى صِغَارَ الْإِبِلِ أَوْ بَارِيَةً وَنَوَى الدِّيَةَ وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِسَاءَ قَرَابَتِي لَمْ تَطْلُقْ نِسَاؤُهُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَطْلَقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ وَأَرَادَ نَعَمْ بَنِي فُلَانٍ كَانَ عَلَى مَا نَوَى بَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ مَأْخُوذًا بِإِقْرَارِهِ ظَاهِرًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

(قَوْلُهُ فَهِيَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ) وَلَا تَنْعَقِدُ كَمَا جَزْم بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>