للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ وَلَا يُمْلَكَانِ بِالْإِحْيَاءِ) لَهُمَا وَإِنْ زَادَ بِهِ النِّيلُ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِمَا اخْتِصَاصٌ بِالتَّحَجُّرِ بَلْ هُمَا مُشْتَرَكَانِ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي، وَالْكَلَأِ، وَالْحَطَبِ (وَإِذَا أَقْطَعَ الْإِمَامُ مِنْ) الْمَعَادِنِ (الْبَاطِنَةِ رَجُلًا مَا) أَيْ شَيْئًا (يَقْدِرُ عَلَيْهِ جَازَ) كَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ إقْطَاعَ مِلْحِ مَأْرِبٍ أَوْ أَقْطَعَهُ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ إنَّهُ كَالْمَاءِ لِمَعْدٍ امْتَنَعَ مِنْهُ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْبَاطِنَ يَجُوزُ إقْطَاعُهُ، وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ (لَا) الْمَعَادِنِ (الظَّاهِرَةِ) لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَكَالْمَاءِ الْجَارِي وَنَحْوِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي إقْطَاعِ التَّمْلِيكِ أَمَّا إقْطَاعُ الْإِرْفَاقِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَى غَيْرِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.

(فَرْعٌ أَمَّا الْبِقَاعُ الَّتِي تُحْفَرُ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَيُسَاقُ الْمَاءُ إلَيْهَا فَيَنْعَقِدُ) فِيهَا (مِلْحًا فَيَجُوزُ إحْيَاؤُهَا وَإِقْطَاعُهَا) كَمَا فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَإِقْطَاعِهِ، وَإِذَا مَلَكَهَا رَجُلٌ بِذَلِكَ مَلَكَ مَا فِيهَا.

(فَرْعٌ يُقَدَّمُ فِي الْمَعْدِنَيْنِ) الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (بِالسَّبْقِ إنْ لَمْ يَتَّسِعْ) مَكَانُهُمَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ قُدِّمَ عِنْد التَّشَاحِّ (بِالْقُرْعَةِ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُ مُتَشَاحَّيْنِ يَأْخُذُ لِلتِّجَارَةِ، وَالْآخَرُ لِلْحَاجَةِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَتَظْهِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ (وَيَأْخُذُ) الْمُقَدَّمُ (قَدْرَ حَاجَتِهِ عُرْفًا) بِالنِّسْبَةِ لِأَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَاءِ الْجَارِي وَنَحْوِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقَدَّمِ بِالْقُرْعَةِ (فَلَوْ زَادَ) عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ (أُزْعِجَ إنْ زُوحِمَ) لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالْمُتَحَجِّرِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَخْذِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى نَيْلِ الْمَعَادِنِ فَإِنْ لَمْ يُزَاحَمْ لَمْ يُزْعَجْ أَمَّا إذَا اتَّسَعَ مَكَانُهُمَا فَكُلٌّ مِنْ جَانِبِهِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُقَدَّمُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنْ انْصَرَفَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ أَوْلَى مَا لَمْ يَنْصَرِفْ أَيْضًا.

(فَرْعٌ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَفِيهَا مَعْدِنٌ بَاطِنٌ) لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (مَلَكَهُ) لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقَدْ مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ (وَإِنْ عَلِمَ بِهِ حَالَ الْإِحْيَاءِ) فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهُ لِفَسَادِ الْقَصْدِ وَفِي نُسْخَةٍ لَا إنْ عَلِمَ بِهِ حَالَ الْإِحْيَاءِ فَيُوَافِقُ الثَّانِيَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ فِي الْكِفَايَةِ الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ النَّوَوِيُّ عَلَيْهِ صَاحِبَ التَّنْبِيهِ وَخَرَجَ بِالْبَاطِنِ الظَّاهِرُ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَهُ لِظُهُورِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى عِلَاجٍ أَمَّا بُقْعَةُ الْمَعْدِنَيْنِ فَلَا يَمْلِكُهَا بِإِحْيَائِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِهِمَا لِفَسَادِ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ لَا يُتَّخَذُ دَارًا وَلَا بُسْتَانًا وَلَا مَزْرَعَةً، أَوْ نَحْوَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَيْسَ لِمَالِكِهِ) أَيْ الْمَعْدِنِ الْبَاطِنِ (بَيْعُهُ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ النَّيْلُ وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ فِي طَبَقَاتِ الْأَرْضِ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ قَدْرٍ مَجْمُوعٍ مِنْ تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَفِيهِ النَّيْلُ، وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ، قَالَ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ تَرْتَفِعُ يَدُهُ بِهَا لَا بِهِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ يَدِهِ بِهِ كَانَ مَشْرُوطًا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَحْصُلْ بِخِلَافِ رَفْعِ يَدِهِ بِهَا انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ (فَإِنْ قَالَ) مَالِكُهُ (لِرَجُلٍ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ) مِنْهُ (فَهُوَ لِي) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اغْسِلْ ثَوْبِي فَغَسَلَهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ (أَوْ) قَالَ لَهُ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ مِنْهُ فَهُوَ (بَيْنَنَا) فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا (فَلَهُ أُجْرَةُ النِّصْفِ) لِأَنَّ نِصْفَ عَمَلِهِ وَقَعَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بِهِ (أَوْ) قَالَ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ (لَك مِنْهُ كَذَا، أَوْ) لَك (الْكُلُّ فَلَهُ أُجْرَتُهُ) لِأَنَّ عَمَلَهُ وَقَعَ لِلْمَالِكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بِهِ (وَالْحَاصِلُ) مِمَّا اسْتَخْرَجَهُ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الصُّوَرِ (لِلْمَالِكِ) لِأَنَّهُ هِبَةُ مَجْهُولٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ كَأَنْ قَالَ إنْ اسْتَخْرَجْت مِنْهُ كَذَا فَقَدْ جَعَلْت لَك عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ؛ لِأَنَّهُ جَعَالَةٌ صَحِيحَةٌ.

(الطَّرَفُ الثَّانِي الْمِيَاهُ وَهِيَ قِسْمَانِ: مُخْتَصَّةٌ) بِبَعْضِ النَّاسِ (وَغَيْرُهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَكَالْمَاءِ الْجَارِي وَنَحْوِهِ) الْمُمْتَنِعُ إقْطَاعُ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ ع (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(تَنْبِيهٌ) لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْطِعَ أَرْضًا لِيَأْخُذَ حَطَبَهَا، أَوْ حَشِيشَهَا أَوْ صَيْدَهَا، وَلَا بِرْكَةً لِيَأْخُذَ سَمَكَهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَحَجُّرٌ كَمَا لَا يَدْخُلُ إقْطَاعٌ.

[فَرْعٌ الْبِقَاعُ الَّتِي تُحْفَرُ بِقُرْبِ السَّاحِلِ وَيُسَاقُ الْمَاءُ إلَيْهَا فَيَنْعَقِدُ فِيهَا مِلْحًا]

(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ قَدْرَ حَاجَتِهِ عُرْفًا) فَإِنْ وَجَدَ النَّيْلَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَنَلْ شَيْئًا فَفِي إزْعَاجِهِ تَرَدُّدٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ إزْعَاجِهِ لِعَدَمِ حُصُولِ قَدْرِ حَاجَتِهِ.

[فَرْعٌ أَحْيَا أَرْضًا وَفِيهَا مَعْدِنٌ بَاطِنٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ]

(قَوْلُهُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَفِيهَا مَعْدِنٌ بَاطِنٌ مَلَكَهُ) إنَّمَا خَصَّ الْمَعْدِنَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِهِ وَإِلَّا فَمَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ تَضَاعِيفَهَا وَطَبَقَاتِهَا، وَالْكَلَأَ، وَالْعُشْبَ الَّذِي يَنْبُتُ فِيهَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ فِي تَصْحِيحِهِ وَعَزَاهُ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ لَا إنْ عَلِمَ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ إرْشَادِهِ بِمَعْدِنٍ مَجْهُولٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْدِنُ مَعْلُومًا لَمْ يُمْلَكْ بِالْإِحْيَاءِ إذَا كَانَ ظَاهِرًا قَطْعًا وَكَذَا إنْ كَانَ بَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ لَمْ فَلَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَهُ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ مَلَكَهُ لِإِجْمَاعِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا يَمْلِكُهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ الْمَعَادِنِ وَصَرَّحَ كَثِيرُونَ بِمِلْكِهِ النَّوْعَيْنِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا وَحَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدِنٌ ظَاهِرٌ كَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِ مَلَكَهُ الْمُحْيِي إجْمَاعًا فَلَا يُزَاحَمُ فِيهِ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَك الْكُلُّ فَلَهُ أُجْرَتُهُ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَيَقْرُبُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَعْدِنِ مَا اُعْتِيدَ مِنْ دَفْعِ الْأَوْلَادِ الْأَحْرَارِ إلَى الْمَرَاضِعِ لِلتَّعَهُّدِ بِالْإِرْضَاعِ، وَالْحَضَانَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ لَهُنَّ فِي اسْتِحْقَاقِهِنَّ الْأُجْرَةَ وَعَدَمِهِ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي آخِرِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُنَّ لَا يَرْجِعْنَ بِمَا أَنْفَقْنَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ مُتَبَرَّعٍ بِهِ) يُفْهِمُ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَقِيهًا يَعْلَمُ عِلَّةَ الْوُجُوبِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِمَهْرِهَا وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ فَإِنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَيَّدَ قَوْلَ مَنْ قَالَ يَقَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَامِعٍ فِي عِوَضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>