للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقْذُوفِ فَيُحَدُّ فِي الْأَوَّلِ حَدَّ الْعَبِيدِ وَفِي الثَّانِي حَدَّ الْأَحْرَارِ وَفِي الثَّالِثِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ حَدَّ الْقَاذِفِ حَدَّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ وَكَالْحَدِّ التَّعْزِيرُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ (وَإِنْ قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ وَطَالَبَتْهُ) بِاللِّعَانِ (وَلَمْ يُلَاعِنْ عُزِّرَ، وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ) عَنْ اللِّعَانِ (حُدَّتْ) حَدَّ الزِّنَا (إلَّا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً) فَلَا تُحَدُّ.

(وَإِنْ قَتَلَ) الْمُلَاعِنُ (مَنْ نَفَاهُ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ) لَحِقَهُ (وَسَقَطَ) عَنْهُ (الْقِصَاصُ إنْ أَوْجَبْنَاهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ) غَيْرِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ (اسْتِلْحَاقُ مَوْلُودٍ عَلَى فِرَاشٍ) صَحِيحٍ (وَإِنْ نُفِيَ) عَنْهُ (بِاللِّعَانِ) لِأَنَّهُ وَإِنْ نَفَاهُ فَحَقُّ الِاسْتِلْحَاقِ لَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ (فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْفِرَاشُ كَوَلَدِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ) أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَنَفَاهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (اسْتِلْحَاقُهُ) لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ (وَإِنْ أَثْبَتَ الْقَاذِفُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِزِنَاهَا وَأَثْبَتَتْ) أَيْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً (بِالْبَكَارَةِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا) مِمَّا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ حَدِّ الزِّنَا أَيْضًا مَعَ زِيَادَةٍ (وَكَذَا) لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا (إنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِقْرَارِ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا، ثُمَّ رَجَعَ الْمُقِرُّ) عَنْ إقْرَارِهِ نَعَمْ إنْ رَجَعَ قَبْلَ الْقَذْفِ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُ حَدِّ الْقَذْفِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَلَوْ نَفَى الذِّمِّيُّ وَلَدًا، ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ) فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ تَبَعِهِ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ (فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَقُسِّمَ مِيرَاثُهُ) بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ (ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ) الذِّمِّيُّ الَّذِي أَسْلَمَ (لَحِقَهُ) فِي نَسَبِهِ وَإِسْلَامِهِ وَوَرِثَهُ وَانْقَضَتْ الْقِسْمَةُ

[كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

[الْبَاب الْأَوَّل عدة الطَّلَاق]

(كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ) الْعِدَدُ جَمْعُ عِدَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّقْيِيدِ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ وَشُرِعَتْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ (وَفِيهِ أَبْوَابٌ) خَمْسَةٌ (الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) كَلِعَانٍ وَوَطْءِ شُبْهَةٍ (وَعَلَى الْمُزَوَّجَةِ) وَلَوْ صَغِيرَةً (الْعِدَّةُ لِكُلِّ فُرْقَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَوْ طَلُقَتْ بِالتَّعْلِيقِ) لِلطَّلَاقِ (بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ) يَقِينًا كَقَوْلِهِ مَتَى تَيَقَّنْت بَرَاءَةَ رَحِمَك مِنْ مَنِيِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَتْ الصِّفَةَ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ مَعَ مَفْهُومِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ خَفِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَيَعْسُرُ تَتَبُّعُهُ فَأَعْرَضَ الشَّرْعُ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ كَمَا اكْتَفَى فِي التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ، وَأَعْرَضَ عَنْ الْمَشَقَّةِ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (تَجِبُ بِالْخَلْوَةِ) كَمَا لَا تَجِبُ بِدُونِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: ٤٩] الْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ وَقِيسَ عَلَيْهِمْ الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ وَعَلَى مَسِّهِمْ أَوْ وَطْئِهِمْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ زِنًا (وَتَعْتَدُّ لِوَطْءِ صَغِيرٍ) وَإِنْ كَانَ فِي سِنٍّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ لِمَا ذُكِرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَهَيُّؤُهُ لِلْوَطْءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّغِيرَةِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي. انْتَهَى. (وَكَذَا) لِوَطْءِ (خَصِيٍّ) لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا (لَا) الْمُزَوَّجَةِ مِنْ (مَقْطُوعِ الذَّكَرِ) وَلَوْ دُونَ الْأُنْثَيَيْنِ لِعَدَمِ الدُّخُولِ (لَكِنْ إنْ بَانَتْ حَامِلًا لَحِقَ) الْحَمْلُ بِهِ لِإِمْكَانِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَمْسُوحًا) فَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (وَاعْتَدَّتْ) مِنْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَحْدَهُ (بِوَضْعِهِ) وَإِنْ نَفَاهُ بِخِلَافِ الْمَمْسُوحِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ كَمَا تَقَرَّرَ (وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ حَلَالًا وَشُبْهَةً) أَيْ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ (كَالْوَطْءِ) فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعُلُوقِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ وَقَوْلُ الْأَطِبَّاءِ الْمَنِيُّ إذَا ضَرَبَهُ الْهَوَاءُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ فِيهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ]

(كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ) وَجْهُ ذِكْرِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَمَا تَخَلَّلَهُ حُصُولُ مُوجِبِهَا بِذَلِكَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَشُرِعَ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ إلَخْ) قَالَهُ الْقَفَّالُ وَقَالَ غَيْرُهُ: رِعَايَةً لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالنَّاكِحِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ) فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا (قَوْلُهُ: وَتَعْتَدُّ لِوَطْءِ صَغِيرٍ) يُسْتَثْنَى وَطْءُ الطِّفْلِ الَّذِي لَا يُحَلِّلُ وَوَطْءُ طِفْلَةٍ صَغِيرَةٍ كَبِنْتِ شَهْرٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ بِذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِيمَا أَظُنُّهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ بِشَرْطِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ حَلَالًا وَشُبْهَةً) فَلَوْ أَوْلَجَ زَانِيًا ثُمَّ نَزَعَ فَأَمْنَى فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ فَلَا عِدَّةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ بِقُبْلَةٍ وَمُفَاخَذَةٍ وَغَيْرِهِ كَخُرُوجِهِ بِالزِّنَا وَكَذَا خُرُوجُهُ بِاسْتِمْنَاءٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَالًا وَشُبْهَةً حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ لَا مِنْ اسْتِدْخَالِ.

(فَرْعٌ) سَأَلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ الْفَقِيهَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْخَلِّ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ امْرَأَتَهُ وَأَنْزَلَ مَعَهَا فَقَامَتْ الزَّوْجَةُ سَاحَقَتْ ابْنَةَ الزَّوْجِ وَأَنْزَلَتْ مَعَهَا الْمَنِيِّ الَّذِي أَنْزَلَهُ الزَّوْجُ مَعَهَا فَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ أَمْ لَا فَأَجَابَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ تُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ، وَأَجَابَ بِمِثْلِهِ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى مُطَيْرٌ قَالَ النَّاشِرِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْوَلَدُ الرَّجُلَ الْوَاطِئَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُعْتَبَرُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِالرَّجُلِ، وَفِي الْمَهْرِ بِالْمَرْأَةِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَاؤُهُ مُحْتَرَمٌ مِنْ جِهَتِهِ. وَسُئِلَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، وَأَنْزَلَ مَعَهَا ثُمَّ نَزَعَ مِنْهَا فَمَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ فَأَخَذَتْ الْحَجَرَ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَامْتَسَحَتْ بِهِ فَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ الْوَاطِئَ لِكَوْنِ مَائِهِ حَالَ الْإِنْزَالِ مُحْتَرَمًا، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَقَدْ حَكَمُوا بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ زَانِيَةً فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يُحْكَمَ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ فِي مَسْأَلَةِ السِّحَاقِ.

قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ، وَقَوْلُهُ: قَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ) لَا فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ، وَإِسْقَاطِ حُكْمِ الْعُنَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>