للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) لِمَا مَرَّ (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ) فَلَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةٌ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَحَدُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَهُدِرَ الْبَاقِي، وَلَوْ جَرَحَهُ اثْنَانِ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَحَدُهُمَا مَعَ ثَالِثٍ فِي الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ سُدُسُ الدِّيَةِ، وَلَزِمَ الثَّالِثَ ثُلُثُهَا، وَهُدِرَ الْبَاقِي.

(وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِرَاحُ) مِنْ وَاحِدٍ (خَطَأً، وَعَمْدًا) وَشَارَكَهُ غَيْرُهُ (بِأَنْ جَرَحَهُ خَطَأً ثُمَّ جَرَحَهُ مَعَ آخَرَ عَمْدًا تَنَاصَفَا الدِّيَةَ، وَيُخَفَّفُ عَلَى) ، وَفِي نُسْخَةٍ عَنْ (الْعَاقِلَةِ نِصْفُ مَا عَلَى جَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ، وَقِسْ عَلَيْهِ كَمَا فِي) مَسْأَلَةِ (الرِّدَّةِ) السَّابِقَةِ فَلَوْ جَرَحَ شَخْصٌ آخَرُ خَطَأً ثُمَّ جَرَحَهُ مَعَ ثَلَاثَةٍ عَمْدًا فَمَاتَ بِالْجَمِيعِ تَرَبَّعُوا الدِّيَةَ، وَيُخَفَّفُ عَلَى عَاقِلَةِ جَارِحِ الْمَرَّتَيْنِ نِصْفُ مَا عَلَيْهِ (وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ زَيْدًا) ، وَهُوَ حُرٌّ (ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ) بِأَنْ قَطَعَهَا بَكْرٌ (ثُمَّ جَرَحَ الْعَبْدُ عَمْرًا، وَمَاتَ الْعَبْدُ بِالسِّرَايَةِ) سَوَاءٌ أَمَاتَ زَيْدٌ، وَعَمْرٌو بِهَا أَمْ لَمْ يَمُوتَا (فَعَلَى الْقَاطِعِ) لِيَدِ الْعَبْدِ (قِيمَتُهُ، وَيَخْتَصُّ زَيْدٌ) مِنْهَا (بِأَرْشِ) نَقْصِ (الْيَدِ) لِوُرُودِ الْقَطْعِ عَلَى مُتَعَلِّقِ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ عَمْرٍو (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) بِقَطْعِ يَدِهِ لَا نِصْفُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ زَيْدٍ اخْتَصَّ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ بِجَائِزٍ؛ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا صَارَتْ نَفْسًا سَقَطَ اعْتِبَارُ بَدَلِ الطَّرَفِ.

(وَيُضَارِبُ) زَيْدٌ (عَمْرًا فِي الْبَاقِي) مِنْ الْقِيمَةِ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ فَلَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ يَدَ مُسْلِمٍ حُرٍّ وَأُخْرَى مِنْ آخَرَ، وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ لِكُلٍّ خَمْسُونَ بَعِيرًا فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ نُقْصَانَ يَدِهِ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَبْعِرَةٍ دَفَعْنَا لِلْأَوَّلِ، وَبَقِيَ لَهُ أَرْبَعُونَ وَلِلثَّانِي خَمْسُونَ فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَقِيَّةُ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَتْسَاعًا.

(وَإِنْ حَفَرَ) شَخْصٌ (بِئْرًا عُدْوَانًا ثُمَّ أَحْكَمَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ سَدَّ رَأْسِهَا فَفَتَحَهُ آخَرُ ضَمِنَ) الْآخَرُ مَا هَلَكَ بِهَا كَمَا مَرَّ فِي فَرْعِ يَتَنَاصَفُ الضَّمَانَ حَافِرٌ، وَمُعَمِّقٌ.

(وَإِنْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي بِئْرٍ) ، وَلَوْ حُفِرَتْ عُدْوَانًا (وَلَمْ تَنْصَدِمْ) ، عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَلَمْ تَتَأَثَّرْ وَبَقِيَتْ مُدَّةً (وَمَاتَتْ جُوعًا) أَوْ عَطَشًا عِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَمْ تَتَأَثَّرْ بِالصَّدْمَةِ، وَبَقِيَتْ مُدَّةً (وَمَاتَتْ جُوعًا) أَوْ عَطَشًا (أُهْدِرَتْ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ لِحُدُوثِ سَبَبٍ آخَرَ كَمَا لَوْ افْتَرَسَهَا سَبُعٌ فِي الْبِئْرِ.

(وَإِنْ تَضَارَبَا) أَيْ اثْنَانِ (فَمَاتَ أَحَدُهُمَا بِصَوْلَةٍ وَضَرْبَةِ صَاحِبِهِ) لَهُ (فَنِصْفُ دِيَتِهِ) وَاجِبٌ عَلَى صَاحِبِهِ (وَأُهْدِرَ قِسْطُ صَوْلَتِهِ) وَلِهَذَا لَوْ سَقَطَ بِصَوْلَتِهِ، وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ دَخَلَ بَعِيرٌ لَمْ يُعْرَفْ بِفَسَادٍ بَيْنَ) بَعِيرَيْنِ (مَقْرُونَيْنِ) بِحَبْلٍ (فَخَنَقَهُمَا) بِجَذْبِهِ الْحَبْلَ (أُهْدِرَا) بِخِلَافِ مَا إذَا عُرِفَ بِالْفَسَادِ فَيَضْمَنُ مَالِكُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِإِطْلَاقِهِ وَالْأَصْلُ صَوَّرَ ذَلِكَ بِخَنْقِ أَحَدِهِمَا، وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ.

(الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي) حُكْمِ (السِّحْرِ، وَلَهُ حَقِيقَةٌ) لَا كَمَا قِيلَ: إنَّهُ تَخْيِيلٌ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَالسَّاحِرُ قَدْ يَأْتِي بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَتَغَيَّرُ بِهِ حَالُ الْمَسْحُورِ فَيَمْرَضُ، وَيَمُوتُ مِنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِوُصُولِ شَيْءٍ إلَى بَدَنِهِ مِنْ دُخَانٍ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ دُونَهُ، وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ (، وَيَكْفُرُ مُعْتَقِدُ إبَاحَتِهِ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ) تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا أَوْ فِعْلًا، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ تَعَلَّمَهُ (أَثِمَ) فَكُلٌّ مِنْهُمَا حَرَامٌ لِخَوْفِ الِافْتِتَانِ وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ بَلْ إنْ اُحْتِيجَ فِيهَا إلَى تَقْدِيمِ اعْتِقَادٍ مُكَفِّرٍ كَفَرَ، قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَظْهَرُ السِّحْرُ إلَّا عَلَى فَاسِقٍ، وَلَا تَظْهَرُ الْكَرَامَةُ عَلَى فَاسِقٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ بَلْ مُسْتَفَادٌ مِنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ (وَتَحْرُمُ الْكِهَانَةُ) أَيْ تَعْلِيمُهَا، وَفِعْلُهَا (وَالتَّنْجِيمُ وَالضَّرْبُ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالشَّعِيرِ وَالشَّعْبَذَةُ) كَذَلِكَ (وَحُلْوَانُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ إعْطَاءً أَوْ أَخْذًا لِعِوَضٍ عَنْهَا بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ وَالْكَاهِنُ مَنْ يُخْبِرُ بِوَاسِطَةِ النَّجْمِ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْعَرَّافِ فَإِنَّهُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ الْوَاقِعَةِ كَعَيْنِ السَّارِقِ، وَمَكَانِ الْمَسْرُوقِ وَالضَّالَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا يَغْتَرُّ بِجَهَالَةِ مَنْ يَتَعَاطَى الرَّمْلَ، وَإِنْ نُسِبَ إلَى عِلْمٍ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بِخَطٍّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ فَمَعْنَاهُ مَنْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ فَلَا يَجُوزُ.

[فَصْلٌ إنَّمَا يُعْتَمَدُ فِي تَأْثِيرِ السِّحْرِ مِنْ السَّاحِرِ إقْرَارُهُ بِهِ]

(فَصْلٌ: إنَّمَا يُعْتَمَدُ فِي) تَأْثِيرِ (السِّحْرِ) مِنْ السَّاحِرِ (إقْرَارُهُ بِهِ) لَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشَاهِدُ تَأْثِيرَهُ، وَلَا يُعْلَمُ قَصْدُ السَّاحِرِ نَعَمْ يَثْبُتُ بِهَا تَأْثِيرُهُ فِيمَا إذَا شَهِدَ سَاحِرٌ أَنَّ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَنَّ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فُلَانٌ يَقْتُلُ غَالِبًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ (فَإِنْ قَالَ قَتَلْته بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ (أَوْ) يَقْتُلُ (نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ) قَالَ (قَصَدْت) بِهِ (غَيْرَهُ) فَأَصَبْته (فَخَطَأٌ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ فِي الثَّلَاثَةِ (وَالدِّيَةُ) الْوَاجِبَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (فِي مَالِهِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ (إلَّا إنْ صَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ) فَتَجِبُ عَلَيْهَا عَمَلًا بِتَصْدِيقِهَا.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِصَوْلَةٍ) أَيْ وَثْبَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>