للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَا) يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِمْ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَهَا (لَكِنْ لَهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ) وَيَذْكُرَهُمْ (لِإِسْقَاطِهِ) عَنْهُ (فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ) وَلَا بَيِّنَةَ (وَحُدَّ بِقَذْفِهَا) بِطَلَبِهَا (فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ) بِالْحَدِّ (وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ) حَدٌّ لَهَا وَحَدٌّ لِلرَّجُلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَلَهُ اللِّعَانُ) لِإِسْقَاطِ حَدِّ قَذْفِ الرَّجُلِ (وَهَلْ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ) لِلزَّوْجَةِ (بِاللِّعَانِ لِأَجْلِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (فَقَطْ) أَوْ لَا؟ (وَجْهَانِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ قِيلَ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ.

(وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ) بِحَدِّ قَذْفِهِ وَلَمْ تُطَالِبْهُ هِيَ (فَهَلْ لَهُ اللِّعَانُ) لِإِسْقَاطِ حَدِّهِ أَوْ لَا؟ (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ بَيَّنَّا عَلَى خِلَافٍ فِي أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا أَوْ تَابِعًا لِحَقِّهَا انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا (وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا) عَنْ حَقِّهِ (فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ) بِحَقِّهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْوَاجِبُ حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَبَعَّضُ وَلِذَلِكَ قُلْنَا أَنَّهُ إذَا عَفَا بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَقْذُوفِ عَنْ الْحَدِّ كَانَ لِلْآخَرَيْنِ اسْتِيفَاؤُهُ بِتَمَامِهِ وَلِلزَّوْجِ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ

[فَرْعٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ بِزَيْدٍ]

(فَرْعٌ) لَوْ (قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً عِنْدَ الْحَاكِمِ بِزَيْدٍ فَعَلَى الْحَاكِمِ إعْلَامُ زَيْدٍ) بِذَلِكَ (لِيُطَالِبَ بِحَقِّهِ) إنْ شَاءَ (وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ) أَيْ لِشَخْصٍ (بِمَالٍ) عِنْدَ الْحَاكِمِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إعْلَامُهُ) بِذَلِكَ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُعْلِمُهُ لِيَسْتَوْفِيَ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَالِ

[فَصْلٌ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَاتٍ]

(فَصْلٌ) لَوْ (قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَاتٍ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمْ (حَدٌّ، وَكَذَا) لَوْ قَذَفَهُمْ (بِكَلِمَةٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَقْصُودَةِ لِلْآدَمِيِّينَ فَلَا تَتَدَاخَلُ كَالدُّيُونِ وَلِدُخُولِ الْعَارِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ وَقَذَفَهُمْ بِكَلِمَةٍ (كَيَا بِنْتَ الزَّانِيَيْنِ فَهُوَ قَذْفٌ لِأَبَوَيْهَا) وَكَأَنْتُمْ زُنَاةٌ (وَيَتَعَدَّدُ اللِّعَانُ) بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفَاتِ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ (إنْ كُنَّ زَوْجَاتٍ) لِمَا مَرَّ آنِفًا (فَإِنْ رَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ) لِعَانٌ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (إنْ ذَكَرَهُنَّ فِي اللِّعَانِ مَعًا) بِإِشَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ (وَإِنْ رَتَّبَ) ذِكْرَهُنَّ (وَقَعَ) اللِّعَانُ (لِلْأُولَى) لِسَبْقِهَا (فَإِنْ تَنَازَعْنَ الْبُدَاءَةَ وَهُوَ) أَيْ الْقَذْفُ (بِكَلِمَاتٍ بَدَأَ بِمَنْ قُذِفَتْ أَوَّلًا أَوْ بِكَلِمَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ وَلَوْ قَدَّمَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُنَّ) بِاللِّعَانِ (بِلَا) قَصْدِ (إيثَارٍ) أَيْ تَفْضِيلٍ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ (جَازَ) وَإِنْ قَصَدَ الْإِيثَارَ لَمْ يَجُزْ.

(وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ) أَوْ زَنَيْت وَزَنَتْ أُمُّك (وَجَبَ) عَلَيْهِ (حَدَّانِ) لَهُمَا (وَقُذِفَتْ الْبِنْتُ) بِالْحَدِّ لِسَبْقِ قَذْفِهَا مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَسْقُطُ حَدُّهَا بِاللِّعَانِ (فَلَوْ كَانَتْ) مَنْ بَدَأَ بِقَذْفِهَا (زَوْجَتَهُ قُدِّمَتْ الْأُمُّ) لِأَنَّ حَدَّهَا أَقْوَى فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمَقْذُوفَةِ مَعَ الزَّوْجَةِ (وَتُقَدَّمُ) مَنْ بَدَأَ بِقَذْفِهَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّانِيَةُ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا (إنْ قَالَ يَا زَانِيَةُ أُمُّ الزَّانِيَةِ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيمِهَا بِكُلِّ حَالٍ.

[فَصْلٌ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ]

(فَصْلٌ) لَوْ (ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ (أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا وَلَمْ يَعْتَرِفْ) بِهِ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ فِي الْجَوَابِ لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ (فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً) بِقَذْفِهِ لَهَا (لَاعَنَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ) الْقَذْفَ (وَقَالَ مَا رَمَيْتُك لِاحْتِمَالِ التَّأْوِيلِ بِأَنَّ الصِّدْقَ لَيْسَ بِرَمْيٍ) أَوْ بِأَنَّ مَا رَمَيْتُك بِهِ لَيْسَ بِقَذْفٍ بَاطِلٍ بَلْ هُوَ صِدْقٌ فَالسُّكُوتُ وَقَوْلُهُ لَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ، وَإِنْكَارُهُ الْقَذْفَ مَعَ التَّأْوِيلِ أَوْ احْتِمَالِهِ لَهُ لَيْسَتْ إنْكَارًا لِلْقَذْفِ وَلَا تَكْذِيبًا لِلْبَيِّنَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ وَيَقُولُ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِ إيَّاهَا بِالزِّنَا (وَإِنْ كَانَ قَالَ) بَدَلَ مَا ذَكَرَ (مَا زَنَيْت) وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِقَذْفِهِ لَهَا (حُدَّ وَلَمْ يُلَاعِنْ) لِأَنَّهُ شَهِدَ بِعِفَّتِهَا فَكَيْفَ تَحَقَّقَ زِنَاهَا بِلِعَانِهِ (وَلَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) بِزِنَاهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِقَوْلِهِ مَا زَنَيْت وَشُبِّهَ بِمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ أَصْلَ الْإِيدَاعِ فَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ (فَإِنْ أَنْشَأَ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (قَذْفًا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ) بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ (يُمْكِنُ فِيهِ الزِّنَا فَلَهُ اللِّعَانُ وَيَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ الْأَوَّلُ) الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ كَالثَّانِي، وَإِنْ أَنْشَأَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا لِعَانَ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِبَرَاءَتِهَا

(فَرْعٌ) لَوْ (امْتَنَعَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (مِنْ اللِّعَانِ، ثُمَّ طَلَبَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ) أَوْ قَبْلَهُ (مُكِّنَ مِنْهُ) فَيَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَيِّنَةِ وَأُلْحِقَ اللِّعَانُ بِهَا فِي هَذَا، وَإِنْ كَانَ يَمِينًا لِمُشَابَهَتِهِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الزَّوْجَ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَهَلْ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بِاللِّعَانِ لِأَجْلِهِ فَقَطْ؟ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ اللِّعَانُ؟ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَدَّهَا أَقْوَى) لِوُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْحَدُّ بِقَذْفِ الزَّوْجَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) عَدَمُ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَسِيَ فَصَارَ كَمَنْ ادَّعَى وَقَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي، ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>