أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْأَوَّلُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ (وَ) مِنْ (شَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ) فِي قَتْلِ مَنْ يُكَافِئُهُ وَفِي نُسْخَةٍ جَارِحِ نَفْسِهِ (وَلَوْ رَمَيَا) أَيْ اثْنَانِ (مُسْلِمًا) بِسَهْمٍ، أَوْ سَهْمَيْنِ (فِي صَفِّ كُفَّارٍ، وَأَحَدُهُمَا جَاهِلٌ بِهِ) وَالْآخَرُ عَالِمٌ بِهِ (اُقْتُصَّ مِنْ الْعَالِمِ) بِهِ كَشَرِيكِ السَّيِّدِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْجَاهِلِ، وَلَيْسَ هُوَ مُخْطِئًا حَتَّى يُقَالَ إنَّ شَرِيكَهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ بَلْ هُوَ مُتَعَمِّدٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِصَاصُ لِعُذْرِهِ.
[فَرْعٌ جَرَحَ شَخْصٌ آخَرَ غَيْرُ مَعْصُومٍ كَحَرْبِيٍّ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا بَعْدَ الْعِصْمَةِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (جَرَحَ شَخْصٌ) آخَرَ (غَيْرُ مَعْصُومٍ كَحَرْبِيٍّ) وَمُرْتَدٍّ (وَصَائِلٍ ثُمَّ جَرَحَهُ) ثَانِيًا (بَعْدَ الْعِصْمَةِ، أَوْ جَرَحَ رَجُلًا بِحَقٍّ) كَقِصَاصٍ وَسَرِقَةٍ (ثُمَّ) جَرَحَهُ (عُدْوَانًا، أَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْدَهُ، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ) ثَانِيًا (وَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَكَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ) فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ تَغْلِيبًا لِمُسْقِطِ الْقِصَاصِ، وَيَثْبُتُ مُوجِبُ الْجُرْحِ الثَّانِي مِنْ قِصَاصٍ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ قَطَعَ) حُرٌّ (إحْدَى يَدَيْ عَبْدٍ، أَوْ) مُسْلِمٌ إحْدَى يَدَيْ (ذِمِّيٍّ قَبْلَ الْعِتْقِ) لِلْعَبْدِ (أَوْ الْإِسْلَامِ لِلذِّمِّيِّ، وَ) قَطَعَ (الْأُخْرَى بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعِتْقِ، أَوْ الْإِسْلَامِ (فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْيَدِ الْأُخْرَى) أَيْ بِقَطْعِهَا لِمُكَافَأَتِهِ الْمَقْطُوعَ حِينَ قَطْعِهَا، وَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ (وَلَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الْآخَرَ (فَإِنْ عَفَا) عَنْ قِصَاصِ الْيَدِ (لَزِمَهُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ ذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَ الْقَاطِعُ ثُمَّ قَطَعَ) مِنْهُ (الْآخَرُ فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَالْقِصَاصُ) وَاجِبٌ (فِي) قَطْعِ الْيَدِ (الْأُولَى فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ، وَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ (فَإِنْ عَفَا) عَنْ قِصَاصِ الْيَدِ (فَدِيَةُ ذِمِّيٍّ) عَلَى الْقَاطِعِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (دَاوَى) الْمَجْرُوحُ (جُرْحَهُ بِمُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا كَأَنْ شَرِبَ سُمًّا قَاتِلًا، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى الْجُرْحِ (فَهُوَ قَاتِلٌ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ يَقْطَعُ حُكْمَ السِّرَايَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ غَيْرُهُ فَذَبَحَ نَفْسَهُ (وَعَلَى الْجَارِحِ أَرْشُ جُرْحِهِ، أَوْ قِصَاصُهُ) لَا قِصَاصُ النَّفْسِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَجْرُوحُ حَالَ السُّمِّ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (أَوْ دَاوَاهُ) أَيْ جُرْحَهُ (بِمَا) لَا (يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ) بِمَا (يَقْتُلُ غَالِبًا) ، وَلَيْسَ بِمُذَفِّفٍ (وَجَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ كَوْنَهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (فَالْجَارِحُ شَرِيكُ) صَاحِبٍ (شِبْهُ عَمْدٍ) فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ مُوجِبُ جُرْحِهِ مِنْ قِصَاصٍ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ عَلِمَهُ الْمَجْرُوحُ فَكَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ (وَكَذَا) يَكُونُ كَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ (لَوْ خَاطَ) الْمَجْرُوحُ (جُرْحَهُ فِي لَحْمٍ حَيٍّ لَا) لَحْمٍ (مَيِّتٍ) ، وَلَوْ (تَدَاوَيَا خِيَاطَةً تَقْتُلُ غَالِبًا) بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَ فِي لَحْمٍ مَيِّتٍ بَلْ لَا أَثَرَ لِلْخِيَاطَةِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ خَاطَهُ غَيْرُهُ بِلَا أَمْرٍ) مِنْهُ (اُقْتُصَّ مِنْهُ وَمِنْ الْجَارِحِ، وَإِنْ كَانَ) الْغَيْرُ (إمَامًا) لِتَعَدِّيهِ مَعَ الْجَارِحِ (لَا إنْ خَاطَهُ الْإِمَامُ لِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ لِمَصْلَحَتِهِ) فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ سِلْعَةً مِنْهُ فَمَاتَ؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً، وَقَصَدَ بِذَلِكَ مَصْلَحَتَهُ (بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا، وَنِصْفُهَا) الْآخَرُ (فِي مَالِ الْجَارِحِ) ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ، وَنِصْفُهَا فِي مَالِ الْجَارِحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَصَدَ) الْمَجْرُوحُ، أَوْ غَيْرُهُ (الْخِيَاطَةَ فِي لَحْمٍ مَيِّتٍ فَوَقَعَ فِي) لَحْمٍ (حَيٍّ فَالْجَارِحُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْقَفَّالُ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ الْخِيَاطَةَ فِي الْجِلْدِ فَوَقَعَ فِي اللَّحْمِ (وَالْكَيُّ) فِيمَا ذَكَرَ (كَالْخِيَاطَةِ) فِيهِ (وَلَا أَثَرَ لَهُمَا فِي اللَّحْمِ الْمَيِّتِ) ، وَلَا فِي الْجِلْدِ كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاللَّحْمِ لِعَدَمِ الْإِيلَامِ الْمُهْلِكِ فَعَلَى الْجَارِحِ الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ وَمَا هُنَا تَبْيِينٌ لِمُرَادِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ لَا مَيِّتٍ (وَلَا) أَثَرَ (لِدَوَاءٍ لَا يَضُرُّ، وَلَا لِمَرَضٍ) بِالْمَجْرُوحِ (حَادِثٍ) ، أَوْ قَدِيمٍ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا عَلَى الْمَجْرُوحِ مِنْ قُرُوحٍ، وَلَا بِمَا بِهِ مِنْ مَرَضٍ وَضَنًى قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُضَافُ إلَى أَحَدٍ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ.
(فَرْعٌ) لَوْ (قَطَعَ أُصْبُعَ) يَدِ (رَجُلٍ) مَثَلًا (فَتَآكَلَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ) فَقَطْ (فَقَطَعَهَا) يَعْنِي الْيَدَ (الْمَجْرُوحُ مِنْ الْكَفِّ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَقَطَعَ الْمَقْطُوعُ كَفَّهُ خَوْفَ السِّرَايَةِ (طُولِبَ) الْقَاطِعُ (بِالْأُصْبُعِ) قِصَاصًا، أَوْ أَرْشًا إنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ، وَلَا يُطَالَبُ بِالْقِصَاصِ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الْجِسْمِ لَا يُقْصَدُ بِالسِّرَايَةِ (فَإِنْ سَرَى) إلَى النَّفْسِ (فَكَشَرِيكِ خَائِطِ جُرْحِهِ) فِيمَا مَرَّ (وَإِنْ تَآكَلَ الْكَفُّ) لَا مِنْ الدَّوَاءِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَجْرُوحِ لِجُرْحِهِ (ضَمِنَهَا) الْقَاطِعُ فَإِنْ تَآكَلَتْ مِنْ الدَّوَاءِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشُ الْقَطْعِ، وَإِنْ تَآكَلَتْ مِنْهُمَا فَعَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ الْقَطْعِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ضَمَانِ بَقِيَّةِ الْكَفِّ بِالتَّوْزِيعِ عَلَيْهِمَا -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَحْرَارِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ جَمَاعَةً]
قَوْلُهُ: ثُمَّ جَرَحَهُ بَعْدَ الْعِصْمَةِ) بِأَنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ أَوْ عُقِدَتْ لِلْحَرْبِيِّ الذِّمَّةُ.
[فَرْعٌ دَاوَى الْمَجْرُوحُ جُرْحَهُ بِمُذَفِّفٍ أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا]
(قَوْلُهُ: أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا) كَمَا يُقَال سُمٌّ سَاعَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute