(فَصْلٌ إذَا رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (غَرِمُوا بِالسَّوِيَّةِ) سَوَاءٌ أَرَجَعُوا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقَلَّ الْحُجَّةِ أَمْ زَادُوا (أَوْ) رَجَعَ (بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ نِصَابٌ فَلَا غُرْمَ وَلَا قِصَاصَ) عَلَى الرَّاجِعِينَ.
(وَإِنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا) لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَنْ بَقِيَ (وَإِنْ رَجَعُوا) فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ (إلَّا وَاحِدًا غَرِمُوا النِّصْفَ) لَا الْقِسْطَ بِحَسَبِ عَدَدِ الرُّءُوسِ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ (وَعَلَى امْرَأَتَيْنِ) رَجَعَتَا (مَعَ رَجُلٍ نِصْفٌ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعٌ لِأَنَّهُمَا نِصْفُ الْحُجَّةِ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ الْبَاقِي (وَعَلَيْهِ) أَيْ الرَّجُلِ إذَا رَجَعَ (مَعَ) نِسَاءِ (أَرْبَعٍ فِي رَضَاعٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسَاءِ (ثُلُثٌ) وَعَلَيْهِنَّ ثُلُثَاهُ إذْ كُلُّ ثِنْتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تَنْفَرِدُ بِهَا النِّسَاءُ فَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّجُلُ لِلنِّصْفِ (فَإِنْ رَجَعَ) هُوَ (أَوْ ثِنْتَانِ) مِنْهُنَّ (فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ حُجَّةٍ (وَعَلَيْهِ) إذَا شَهِدَ (مَعَ عَشْرٍ) فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا (سُدُسٌ) وَعَلَى كُلِّ ثِنْتَيْنِ سُدُسٌ (فَإِنْ رَجَعَ) مِنْهُنَّ (ثَمَانٍ أَوْ هُوَ) وَلَوْ (مَعَ سِتٍّ فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مَعَ سَبْعٍ غَرِمُوا الرُّبْعَ لِبُطْلَانِ رُبْعِ الْحُجَّةِ (أَوْ) رَجَعَ (كُلُّهُنَّ دُونَهُ غَرِمْنَ نِصْفًا أَوْ) رَجَعَ (هُوَ مَعَ ثَمَانٍ غَرِمُوا النِّصْفَ) لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا أَوْ مَعَ تِسْعٍ غَرِمُوا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ (وَهُوَ كَامْرَأَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِمَا (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ (فِي مَالٍ وَرَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ثَمَانٍ غَرِمَ النِّصْفَ دُونَهُنَّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ إلَّا نِصْفُ الْحَقِّ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُنَّ مَنْ يَتِمُّ بِهِ ذَلِكَ (أَوْ) رَجَعَ (مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِ نِصْفٌ وَهُنَّ) عَلَيْهِمْ (رُبْعٌ) لِبَقَاءِ رُبْعُ الْحُجَّةِ.
(وَإِنْ شَهِدُوا بِإِحْصَانِهِ) أَيْ شَخْصٍ وَشَهِدَ آخَرُونَ بِزِنَاهُ (فَرُجِمَ أَوْ) شَهِدُوا (بِالصِّفَةِ) الْمُعَلَّقِ بِهَا طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ وَشَهِدَ آخَرُونَ بِتَعْلِيقِ ذَلِكَ (فَطَلُقَتْ) أَوْ عَتَقَتْ (ثُمَّ رَجَعُوا) كُلُّهُمْ (فَلَا غُرْمَ) عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ أَوْ الصِّفَةِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَتُهُمْ عَنْ شَهَادَةِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ إذْ لَمْ يَشْهَدُوا فِي الْإِحْصَانِ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً عَلَى الزَّانِي وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِصِفَةِ كَمَالٍ وَشَهَادَتُهُمْ فِي الصِّفَةِ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى السَّبَبِ لَا إلَى الشَّرْطِ عَلَى الْأَصَحِّ هَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمَعْرُوفُ الْغُرْمُ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ انْتَهَى وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُزَكِّيَ يَغْرَمُ فَشُهُودُ الْإِحْصَانِ وَالصِّفَةِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيَّنٌ لِلشَّاهِدِ الْمُتَسَبِّبِ فِي الْقَتْلِ وَمَقْتُولِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ بِالْإِحْصَانِ أَوْ الصِّفَةِ (وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ) عَلَى شَخْصٍ (بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَرَجَعَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ (عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَثِمِائَةٍ وَالرَّابِعُ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ فَالرُّجُوعُ) الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ حُجَّةٌ (عَنْ مِائَتَيْنِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمِائَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا (فَمِائَةٌ يَغْرَمُهَا الْأَرْبَعَةُ) بِاتِّفَاقِهِمْ (وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِائَةٍ يَغْرَمُهَا غَيْرُ الْأَوَّلِ بِالسَّوِيَّةِ) لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا وَالرُّبْعُ الْآخَرُ لَا غُرْمَ فِيهِ لِبَقَاءِ رُبْعِ الْحُجَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمِائَةِ وَمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ بِمَا رَجَعَ عَنْهُ وَمَا قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ الْآخَرُ لَا غُرْمَ فِيهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ]
قَوْلُهُ إذَا رَجَعُوا غَرِمُوا بِالسَّوِيَّةِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا شَهِدُوا بِعِوَضِ الْمَالِ الَّذِي فَوَّتُوهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ كَأَنْ شَهِدُوا بِشُفْعَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَالثَّمَنُ مِثْلُ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَلَا غُرْمَ كَمَا حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَالَ إنَّهُ فِقْهٌ ظَاهِرٌ مَعْمُولٌ بِهِ الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى بَالِغٌ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ هَذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظُلْمًا وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَغْرَمُوا لِلْعَبْدِ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَبْدٌ أَنَّ مَالِكَهُ أَعْتَقَهُ وَأَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقَلَّ الْحُجَّةِ أَمْ زَادُوا) قَالُوا تَعَمَّدْنَا أَمْ أَخْطَأْنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ نِصْفٌ) الْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ بِمَثَابَتِهَا فِي الشَّهَادَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَفَرَّعَ الْبَارِزِيُّ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى شَيْءٍ وَأَخَذُوا أُجْرَةً يَكُونُ لِلْمَرْأَتَيْنِ نِصْفُهَا وَلِلرَّجُلِ النِّصْفُ الْآخَرُ كَالْغُرْمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِكَمَالٍ) كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قُذِفَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدٌ فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُ حُرٌّ فَجُلِدَ ثَمَانِينَ فَمَاتَ ثُمَّ رَجَعَ الْكُلُّ فَلَا شَيْءَ عَلَى شَاهِدَيْ الْحُرِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيِّنٌ لِلشَّاهِدِ) لِأَنَّهُ بِتَزْكِيَتِهِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِشُهُودِ الزِّنَا الْمُفْضِيَةِ شَهَادَتُهُمْ إلَى الْقَتْلِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّلَاثَ إنَّمَا يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمِائَةِ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَهِدَ لِمُدَّعِيهَا يَعْنِي الْأَرْبَعَمِائَةِ أَحَدُهُمْ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَثَالِثٌ بِثَلَثِمِائَةٍ وَرَابِعٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَالثَّابِتُ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثَلَثُمِائَةٍ فَإِذَا رَجَعُوا غَرِمُوهَا عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ فِي مِائَةٍ أَخَذَ أَرْبَعَةً وَعَلَى الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَصِيبُهُ مِنْ الْمِائَةِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ نَصِيبُهُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَنَصِيبُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ خَمْسُونَ وَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ الرَّابِعِ فَغُرْمُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا بِهِ الْحُكْمُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ مَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ يَعْلَمُهُ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا أُجِرَ عَلَى قَصْدِهِ وَطَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا بِسَبَبِ سُقُوطِ الْحَقِّ الَّذِي تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ بِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِسُقُوطِهِ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا يُثَابُ عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهَا مُضِرَّةٌ بِالْخَصْمَيْنِ وَفِي تَفَرُّعِهِ وَرُجُوعِهِ عَلَى الظَّالِمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَظْلُومِ نَظَرٌ إذْ الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ فِي الْأَسْبَابِ وَالْمُبَاشَرَاتِ سِيَّانِ فِي بَابِ الضَّمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute