للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَوْ أَتْلَفَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ كَوْنُ الْمَقْبُوضِ مَرْئِيًّا فَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَالَ الْإِمَامُ خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّقَابُضِ جُزَافًا وَرَأَى هُوَ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ (وَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَكِيلُ (نَصَبَ الْحَاكِمُ كَيَّالًا) أَمِينًا يَتَوَلَّاهُ وَيُقَاسُ بِالْكَيْلِ غَيْرُهُ وَفِي الْأَصْلِ هُنَا زِيَادَةُ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ مَعَ تَفْصِيلٍ فِيهَا فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

(فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ) الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِمَا الْقَبْضُ (عَلَى مَنْ أَوْفَى) بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا كَمُؤْنَةِ إحْضَارِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْغَائِبَيْنِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ أَيْ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ وَأَمَّا مُؤْنَةُ نَقْلِهِمَا الْمُفْتَقِرُ إلَيْهِ الْقَبْضُ فَعَلَى الْمُسْتَوْفِي عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يَنْفَرِدُ عَنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الْقَبْضُ بِمَا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ ذَلِكَ إلَى كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَكَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَدُّ وَالذَّرْعُ (وَ) مُؤْنَةُ (النَّقْدِ عَلَى الْمُسْتَوْفِي) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إظْهَارُ عَيْبٍ إنْ كَانَ لِيَرُدَّ بِهِ وَقَيَّدَهُ الْعُمْرَانِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَعَلَى الْمُوَفِّي وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَفِي السَّلَمِ يَصْدُقُ الْمُسْلِمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ قَالَ وَلَوْ أَخْطَأَ النَّقَّادُ فَظَهَرَ بِمَا نَقَدَهُ غِشٌّ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُتَبَرِّعًا فَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ فَيَضْمَنُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلنَّسْخِ فَغَلَطَ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ انْتَهَى

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ) بَكْرٌ (لِغَرِيمِهِ لِي عَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ) مِثْلُ طَعَامِك (فَاكْتَلْهُ وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِك أَوْ اُحْضُرْ مَعِي لِأَكْتَالَهُ وَأَقْبِضَهُ) أَنَا (لَك فَفَعَلَ فَسَدَ الْقَبْضُ) لَهُ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُجْرَى فِيهِ الصَّاعَانِ يَعْنِي صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مَوْصُولًا مِنْ أَوْجُهٍ إذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ قَوِيَ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ (وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ) لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ لِغَرَضِهِ (وَبَرِئَ زَيْدٌ) مِنْ حَقِّ بَكْرٍ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَقَبَضَهُ بِنَفْسِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ حَذَفَ الِاكْتِيَالَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَبْضِ فِيمَا مَرَّ وَفِيمَا يَأْتِي كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ (اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك أَوْ أَحْضِرْ) مَعِي (لِأَقْبِضَهُ لِي ثُمَّ لَك) فَفَعَلَ (صَحَّ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ) إذْ لَا مَانِعَ (دُونَ الثَّانِي) لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ وَبَرِئَ زَيْدٌ مِنْ حَقِّ بَكْرٍ.

(فَإِنْ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَالْأَصْلِ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ وَثُمَّ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ بَكْرٍ لِغَرِيمِهِ وَلَا الْقَبْضُ مُتَرَاخِيًا عَنْ الِاكْتِيَالِ أَيْ وَلَوْ اكْتَالَهُ بَكْرٌ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ كَالَهُ لَهُ) أَيْ لِغَرِيمِهِ (وَأَقْبَضَهُ) لَهُ (صَحَّا) أَيْ الْقَبْضَانِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمَقْبُوضِ وَلِجَرَيَانِ الصَّاعَيْنِ (فَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ) حِينَ كَالَهُ ثَانِيًا (بِمَا يَتَفَاوَتُ بِالْكَيْلِ) أَيْ بِقَدْرٍ يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ (أَوْ بِمَا لَا يَتَفَاوَتُ) بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ (فَالْكَيْلُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ فَيَسْتَدْرِكُ) أَيْ فَيَرُدُّ بَكْرٌ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِالنَّقْصِ (وَكَذَا) يَصِحُّ الْقَبْضَانِ (لَوْ قَبَضَهُ فِي الْمِكْيَالِ) بِأَنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ (وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِيهِ) أَيْ إلَى غَرِيمِهِ فِي الْمِكْيَالِ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ كَابْتِدَاءِ الْكَيْلِ (فَإِنْ قَالَ) لِغَرِيمِهِ (اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ لِي) مِثْلَ (مَا تَسْتَحِقُّهُ) عَلَيَّ (وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك) فَفَعَلَ (صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (أَوْ) قَالَ وَ (اقْبِضْهُ لِنَفْسِك) فَفَعَلَ (فَسَدَ الْقَبْضُ) لِأَنَّ حَقَّ الْإِنْسَانِ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ (وَضَمِنَهُ) الْغَرِيمُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ (وَبَرِئَ الدَّافِعُ) مِنْ حَقِّ الْمُوَكِّلِ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ (أَوْ) قَالَ (اشْتَرِ) بِهَا ذَلِكَ (لِنَفْسِك فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ) إذْ كَيْفَ يَشْتَرِي بِمَالِ الْغَيْرِ لِنَفْسِهِ (وَالدَّرَاهِمُ أَمَانَةٌ) بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا لِيَتَمَلَّكَهَا وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ لِي مِنْ مَالِكِ كَذَا بِكَذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ ثَمَّ قَرْضٌ بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّ الْغَرَضَ إيفَاءُ مَا عَلَى الْمُوَكِّلِ (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهَا بَطَلَ) أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ عَنْهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ (وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ اكْتَلْ حَقَّك مِنْ صُبْرَتِي لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ الْكَيْلَ أَحَدُ رُكْنَيْ الْقَبْضِ وَقَدْ صَارَ نَائِبًا فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ مُتَأَصِّلًا لِنَفْسِهِ

(فَرْعٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ الْمُفْتَقِر إلَيْهِمَا الْقَبْضُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنَّقْدُ عَلَى الْمُسْتَوْفِي) بَائِعًا أَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ) الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ) الْفَرْقُ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّمَانِ وَاضِحٌ لِأَنَّ النَّاسِخَ عَيْبُ الْوَرَقِ وَلَا تَعَيُّبَ مِنْ النُّقَّادِ أَب قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَبِهِ أَفْتَيْت

[فَرْعٌ قَالَ بَكْرٌ لِغَرِيمِهِ لِي عَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ مِثْلُ طَعَامِك فَاكْتَلْهُ وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِك]

(قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إلَخْ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» وَلَمْ يَقِفْ الْإِمَامُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الصَّاعَانِ ثُمَّ قَالَ أَرَادَ صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّ الْإِقْبَاضَ هُنَا مُتَعَدِّدٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْكَيْلُ فَلَزِمَ تَعَدُّدُ الْكَيْلِ وَالْكَيْلَاتِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَلَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَيْلِ الْأَوَّلِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَهُ لَظَهَرَ فِيهِ تَفَاوُتٌ (قَوْلُهُ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى) لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ عَنْ الْمَدِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِقَبْضِهِ عَنْ الْإِذْنِ وَالْإِذْنُ فِي الْمُسْتَلْزِمِ إذْنٌ فِي لَازِمِهِ فَيَصِحُّ فِي اللَّازِمِ وَإِنْ فَسَدَ فِي الْمَلْزُومِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ بَكْرٍ لِغَرِيمِهِ) مَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ إلَخْ) دَوَامُهُ فِي الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ كَدَوَامِهِ فِي الْمِكْيَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>