بِقَوْلِهِ (فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ) وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا (التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ) كَإِتْلَافٍ مِنْ غَيْرِهِ (لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ دَفْعًا) وَلَا (إثْبَاتًا) لِأَنَّ الْحَقَّ لِمُوَلِّيهِ لَا لَهُ وَلَا هُوَ ثَابِتُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَإِثْبَاتُ الْحَقِّ لِلشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ بَعِيدٌ وَلَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ (بَلْ يَكْتُبُ) أَيْ الْقَاضِي بِهِ وَبِمَا جَرَى (مَحْضَرًا وَيَنْظُرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةَ الْمَجْنُونِ) فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ أَمَّا إذَا بَاشَرَهُ كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِمُوَلِّيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ. اهـ.
وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ مَنْعَ التَّحْلِيفِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ قَالَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْصِيلِ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّدَاقِ فِي بَابِهِ وَالْوَكِيلُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَيَحْلِفُ السَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ لَهُ إذَا نَكَلَ خَصْمُهُ (وَيَقُولُ) لَهُ (وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَى وَلِيِّي) وَلَا يَقُولُ إلَيَّ بِخِلَافِ وَلِيِّهِ فِي دَعْوَاهُ عَنْهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ لَفْظَةِ وَلِيِّي حَيْثُ قَالَ حَلَفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَقُولُ إلَيَّ.
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ) (الْأَوَّلُ فِي الْأَمْلَاكِ فَإِذَا ادَّعَيَا) أَيْ اثْنَانِ (عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةٌ وَلَمْ يُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْقُطَانِ وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْبَابِ الْأَوَّلِ (وَيَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (يَمِينًا) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعِيرٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ بِيَدِهِمَا فَأَبْطَلَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَنَّ خَصْمَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشُهُودٍ فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى لِمَنْ خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّنَازُعَ كَانَ فِي قِسْمَةٍ أَوْ عِتْقٍ (وَإِنْ أَقَرَّ) بِالْعَيْنِ (لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِهَا) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (أَوْ) أَقَرَّ لَهُ (قَبْلَ تَمَامِهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ تَمَامُهُمَا أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ (قُضِيَ لَهُ بِالْيَدِ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْعَيْنِ لِمَنْ أَقَامَهَا (وَهِيَ بِيَدِهِمَا فَكُلٌّ تُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ لَكِنْ يُعِيدُ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا (بَيِّنَتَهُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ (لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ تَبْقَى) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا) كَمَا كَانَتْ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا غَيْرُهُمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَقَطْ حُكِمَ لَهُ) بِهِ (وَبَقِيَتْ) أَيْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِمَا (أَيْضًا وَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (تَبْقَى) الْعَيْنُ (فِي يَدِهِمَا) أَيْضًا (سَوَاءٌ حَلَفَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِلْآخَرِ أَوْ نَكَلَا) الْأَوْلَى أَوْ نَكَلَ (وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ إذَا أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعَيْنِ (أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) فَيُقْضَى لَهُ بِجَمِيعِهَا سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِجَمِيعِهَا أَمْ بِالنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِ الْآخَرِ.
(وَمَنْ حَلَفَ) مِنْهُمَا (ثُمَّ نَكَلَ صَاحِبُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ) وَرَغِبَ الْآخَرُ فِي الْيَمِينِ (كَفَى الْآخَرَ يَمِينٌ) وَاحِدَةٌ (لِلنَّفْيِ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ (وَالْإِثْبَاتُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ أَوْ يَقُولُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي (وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً (بِدَارٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِنِصْفِهَا أَوْ ثُلُثِهَا تَعَارَضَتَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ عَلَى مَا بَاشَرَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِهِ لَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ إنَّ مَا هُنَا حَلِفُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا
[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ) (قَوْلُهُ فِي يَدِ تَالِفٍ) أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَابْنِ حِبَّانَ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ بِالْكُلِّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَهَا وَكَذَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَحَمَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا كُلَّهَا لَهُ وَلَكِنَّ الدَّعْوَى لَا تَقَعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا بِالنِّصْفِ فَلَوْ ادَّعَى بِالْكُلِّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ إلَّا بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَعَرُّضٌ لِقِيمَةٍ تَتَبَعَّضُ فَيُؤَدِّي تَبْعِيضُهَا إلَى الْجَهَالَةِ وَفِي الْمَطْلَبِ إذَا امْتَزَجَتْ الدَّعْوَى بِدَعْوَى الْمُعَارِضَةِ سُمِعَتْ فِي الْجَمِيعِ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا وَتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا وَيَقُولُ الْآخَرُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَيَّ بَلْ كُلُّ الدَّارِ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ تَرْكَ الْمُنَازَعَةِ وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْكُلِّ، وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَمْ يَبْعُدْ وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُعِيدُ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ آخِرَ هَذَا الْكَلَامِ يُنَافِي أَوَّلَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْكُلِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا وَقَدْ قَالَ آخَرُ إنَّهَا تُعَادُ وَالتَّحْقِيقُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَتَانِ إذَا أُقِيمَتَا مَعًا إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلِّ وَاحِدٍ فِيهِ خَارِجٌ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى إقَامَتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ دَاخِلٌ فَإِنْ تَرَتَّبَتَا سُمِعَتْ بَيِّنَةُ السَّابِقِ فِيمَا هُوَ خَارِجٌ فِيهِ دُونَ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَبَيِّنَةُ الْمُتَأَخِّرِ مُطْلَقًا لِتَقَدُّمِ بَيِّنَةِ السَّابِقِ فِيمَا لِمُتَأَخِّرٍ دَاخِلٍ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَبْقَى فِي يَدِهِمَا كَمَا كَانَتْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْيَدِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَبْقَى بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الِاحْتِيَاجُ إلَى الْحَلِفِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَسَبَطَهُ وَصَوَّرَهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ يَدٌ عَلَيْهَا لَيْسَتْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَقَارًا أَوْ مَتَاعًا مُلْقَى فِي الطَّرِيقِ وَلَيْسَا عِنْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute