للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْقُمَاشِ فِي الدَّارِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا بِخِلَافِهِمَا (أَوْ مَعَ الزَّرْعِ قَصِيلًا بِتَرَاضٍ) مِنْ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ مُشَاهَدٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِتَرَاضٍ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِي ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ جَمْعٍ قَالَ وَلَمْ يُوَجِّهُوهُ بِمُقَنَّعٍ (لَا) الزَّرْعَ (وَحْدَهُ وَلَا مَعَهَا، وَهُوَ بَذْرٌ) بَعْدُ (أَوْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ) فَلَا يُقْسَمُ.

(وَإِنْ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا) كَمَا لَوْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَفِي الْآخِرَتَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ قِسْمَةُ مَجْهُولٍ وَمَعْلُومٍ وَعَلَى الثَّانِي بَيْعُ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ (وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي قِسْمَةٍ هِيَ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ) وَقَوْلُهُ (بَلْ تَلْغُو) إيضَاحٌ (وَتُصَحَّحُ) الْقِسْمَةُ (فِي مَمْلُوكٍ عَنْ وَقْفٍ إنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لَا) إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ مُطْلَقًا أَوْ إفْرَازٌ (وَفِيهَا رَدٌّ مِنْ الْمَالِكِ) فَلَا تَصِحُّ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَقْفِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَالِكَ يَأْخُذُ بِإِزَاءِ مِلْكِهِ جُزْءًا مِنْ الْوَقْفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا رَدٌّ أَوْ كَانَ فِيهَا رَدٌّ مِنْ أَرْبَابِ الْوَقْفِ (وَلَغَتْ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قِسْمَةُ وَقْفٍ فَقَطْ) أَيْ لَا عَنْ مِلْكٍ بِأَنْ قَسَمَ بَيْنَ أَرْبَابِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا صَدَرَ الْوَقْفُ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ صَدَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ كَمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مَعَ الْمِلْكِ وَذَلِكَ رَاجِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَأَفْتَيْت بِهِ انْتَهَى وَكَلَامُهُ مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى سَبِيلَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ.

وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ بِمُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْجَوَازُ وَفِي الثَّانِي عَدَمُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ) قِسْمَةِ (الْإِجْبَارِ) ، وَهِيَ الْقِسْمَةُ الْوَاقِعَةُ بِالتَّرَاضِي مِنْ قِسْمَةِ الرَّدِّ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ تَوَلَّاهَا مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ (التَّرَاضِي قَبْلَ الْقُرْعَةِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَبَعْدَهَا) أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرَّدِّ فَلِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالْقُرْعَةِ فَاشْتُرِطَ التَّرَاضِي بَعْدَهَا كَمَا اُشْتُرِطَ قَبْلَهَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا مِمَّا يَقَعُ بِالتَّرَاضِي فَقِيَاسًا عَلَيْهَا بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ التَّرَاضِي قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يُحَكِّمَا الْقُرْعَةَ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ وَالْآخَرُ الْآخَرَ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْخَسِيسَ وَالْآخَرُ النَّفِيسَ وَيَرُدَّ زَائِدَ الْقِيمَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرَاضٍ ثَانٍ أَمَّا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الرِّضَا لَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا (وَيَكْفِي) فِي التَّرَاضِي بِالْقِسْمَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ (رَضِينَا بِهَا وَنَحْوِهِ) كَرَضِينَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ وَبِمَا جَرَى؛ لِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ خَفِيٌّ فَنِيطَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ رَضِيت (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْقِسْمَةِ (بَيْعٌ وَلَا تَمْلِيكٌ) أَيْ التَّلَفُّظُ بِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا

(فَصْلٌ تُقَسَّمُ الْمَنَافِعُ) بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا تُقَسَّمُ الْأَعْيَانُ (مُهَايَأَةً) أَيْ مُنَاوَبَةً مُيَاوَمَةً (وَمُشَاهَرَةً وَمُسَانَهَةً) وَيُقَالُ مُسَانَاةً وَمُسَانِيَةً (وَعَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَزْرَعَ هَذَا مَكَانًا) مِنْ الْمُشْتَرَكِ (وَهَذَا مَكَانًا) آخَرَ مِنْهُ (لَكِنْ لَا إجْبَارَ فِي الْمُنْقَسِمِ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي طُلِبَتْ قِسْمَةُ مَنَافِعِهَا فَلَا تُقْسَمُ إلَّا بِالتَّوَافُقِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تُعَجِّلُ حَقَّ أَحَدِهِمَا وَتُؤَخِّرُ حَقَّ الْآخَرِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ وَلِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا بِالْمَنْفَعَةِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِمُعَاوَضَةٍ وَالْمُعَاوَضَةُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْإِجْبَارِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِحَقِّ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ أَمَّا الْمَمْلُوكَةُ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا.

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إذْ لَا حَقَّ لِلشَّرِكَةِ فِي الْعَيْنِ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ مَا قَالَهُ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا (فَإِنْ تَرَاضَيَا بِالْمُهَايَأَةِ وَتَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ) بِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيهَا (فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) عَنْهَا (بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا لَزِمَ الْمُسْتَوْفِيَ) لِلْآخَرِ (نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَى كَمَا إذَا تَلِفَتْ) أَيْ الْعَيْنُ الْمُسْتَوْفِي أَحَدُهُمَا مَنْفَعَتَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَوْفَى نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (فَإِنْ تَمَانَعَا) أَيْ تَنَازَعَا فِي الْمُهَايَأَةِ (وَأَصَرَّا) عَلَى ذَلِكَ (أَجَرَهَا) أَيْ الْعَيْنَ (الْقَاضِي لَهُمَا) بِمَعْنًى عَلَيْهِمَا وَوَزَّعَ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةٍ تُؤْجَرُ تِلْكَ الْعَيْنُ فِيهَا عَادَةً إذْ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَنْ قُرْبٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يَبِيعُهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مَنْعُهَا فِي قِسْمَتَيْ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ لِأَنَّهُمَا بَيْعٌ وَجَوَازُهَا فِي قِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ؛ لِأَنَّهَا إفْرَازٌ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازُ حَقٍّ نُظِرَ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا قَدْ تَمَيَّزَ حُكْمُهُ عَنْ حُكْمِ الْوَقْفِ لِكَوْنِ بَعْضِهِ مِلْكًا وَبَعْضِهِ وَقْفًا أَوْ بَعْضِهِ وَقْفًا لَزِيدَ عَلَى سَبِيلٍ وَبَعْضِهِ وَقْفًا لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلٍ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ فِيهِ وَجَازَتْ لِتَمَيُّزِ حُكْمِ الْبَعْضَيْنِ ثُمَّ إذَا تَمَّتْ الْقِسْمَةُ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِأَهْلِ الْوَقْفِ فِي الْحَالِ وَلِمَنْ يُفْضَى إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ فِيمَا جَمِيعُهُ وَقْفٌ وَاحِدٌ عَلَى سَبِيلٍ وَاحِدٍ فَفِي جَوَازِهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ إذَا قِيلَ إنَّ رَقَبَةَ الْوَقْفِ لَا تُمْلَكُ وَالثَّانِي تَجُوزُ إذَا قِيلَ رَقَبَةُ الْوَقْفِ تُمْلَكُ ثُمَّ هِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُتَقَاسِمِينَ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْبُطُونِ اهـ وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي رَضِينَا بِهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا صَارَ إلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ قَبْلَ رِضَاهُ (قَوْلُهُ كَرَضِينَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) أَوْ بِهَذَا

[فَصْلٌ تُقَسَّمُ الْمَنَافِعُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ مُهَايَأَةً إلَخْ) إذَا تَهَايَآ فَالنَّفَقَةُ الْمُعْتَادَةُ عَلَى الْعَيْنِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا كَالنَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ عَلَى ذِي النَّوْبَةِ وَالْمُؤَنِ النَّادِرَةِ كَالْفِطْرَةِ وَأُجْرَةِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالطَّبِيبِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَوُجِدَ أَنَّ الرِّكَازَ فِي زَمَنِ الْمُهَايَأَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِذِي النَّوْبَةِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْمُؤَنُ النَّادِرَةُ عَلَيْهِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا فِي الْمَنَافِعِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْإِجْبَارِ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِرَاءِ الْعَقِبِ) يُمْنَعُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ هُنَاكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) قَالَ وَهَلْ تَتَوَقَّفُ الْمِلْكِيَّةُ لَهُمَا عَلَى بَيِّنَةٍ أَمْ يَكْفِي تَصَادُقُهُمْ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>