للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَالِبًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ قَالَ وَقَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا نَحْنُ فِيهِ بِالْإِرْثِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْعَبْدِ هُنَا أَيْضًا.

وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ وَالْمَمْلُوكُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ انْتَهَى وَكَالصَّبِيِّ فِيمَا قَالَهُ الْمَجْنُونُ (وَلِلْأَقْرَبِ إيثَارُ الْأَبْعَدِ) إنْ كَانَ (مِنْ جِنْسِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ فَلَيْسَ لِلرِّجَالِ التَّفْوِيضُ لِلنِّسَاءِ وَلَا عَكْسُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ أَعْنِي الْجُوَيْنِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَمَّا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَهُوَ مَا قَدَّمْته عَنْ جَمَاعَةٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ ثُمَّ سَاقَ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ بَلْ كَلَامُ وَلَدِهِ الْإِمَامِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لَهُ فَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ غَايَتُهُ أَنَّ الْمُفَوَّضَ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْأَوْلَى لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ بِنَقْلِهِ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ كَلَامِ الْجُوَيْنِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ خِلَافُ الْأَوْلَى قَدْ يُوصَفُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ جِهَةِ إطْلَاقِ الْجَائِزِ عَلَى مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ قُلْت كَلَامُ الْجُوَيْنِيِّ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ قُلْت لَا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّوْكِيلِ الْعَمَلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ رَدَّ عَلَى الرُّويَانِيِّ فَقَالَ الْأَشْبَهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِيهِ لِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْقَمُولِيُّ نَحْوَهُ، وَأَمَّا مَا جَمَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا فِي التَّفْوِيضِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَلَا يُجْدِي فَتَأَمَّلْهُ (وَأَقَارِبُ الْكَافِرِ الْكُفَّارُ أَوْلَى بِهِ) أَيْ بِتَجْهِيزِهِ مِنْ غُسْلٍ وَنَحْوِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] فَإِنْ تَرَكُوهُ أَوْ لَمْ يُوجَدُوا تَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرَامِ الرَّقِيقُ فَلَعَلَّ سَيِّدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْلَى بِهِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْله بِغُسْلِهِ (وَيُجْزِئُ لِحَائِضٍ) وَنَحْوِهَا (غُسْلٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ

(فَصْلٌ وَيُكْرَهُ التَّقْلِيمُ) لِأَظْفَارِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ (وَإِزَالَةُ شَعْرِ الْمَيِّتِ) الْمَذْكُورِ كَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَرَأْسِهِ، وَإِنْ اعْتَادَ إزَالَتَهُ حَيًّا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ الْمُنَافِي لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى فَصَارَ (كَمَا) لَوْ كَانَ أَقْلَفَ (لَا يُخْتَنُ) ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ فَلَا يُقْطَعُ كَيَدِهِ الْمُسْتَحِقَّةِ فِي قَطْعِ سَرِقَةٍ أَوْ قَوَدٍ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ إزَالَةِ الشَّعْرِ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهَا حَاجَةٌ وَإِلَّا كَأَنْ لَبَّدَ شَعْرَ رَأْسِهِ حَيًّا بِصَمْغٍ أَوْ نَحْوِهِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى أَصْلِهِ إلَّا بِإِزَالَتِهِ وَجَبَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي قَوْلِهِ (وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْرِمِ) قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَى إزَالَةِ الشَّعْرِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ (وَ) يَحْرُمُ (تَطْيِيبُهُ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَحُرْمَةُ التَّطْيِيبِ مَعْلُومَةٌ مِمَّا سَيَأْتِي (لَا الْمُعْتَدَّةُ) الْمُحِدَّةُ فَلَا يَحْرُمُ تَطِيبُهَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الطِّيبِ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِلتَّفَجُّعِ عَلَى الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (إلْبَاسُ مَخِيطٍ وَسَتْرُ رَأْسٍ لِرَجُلٍ) مُحْرِمٍ (وَ) سَتْرُ (وَجْهٍ) وَكَفٍّ بِقُفَّازٍ (لِامْرَأَةٍ) مُحْرِمَةٍ لِمَا مَرَّ (وَلَا بَأْسَ بِالتَّجْمِيرِ عِنْدَ غُسْلِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ كَمَا لَا بَأْسَ بِجُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَ الْعَطَّارِ بِقَصْدِ الرَّائِحَةِ لَا يَأْتِي هُنَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُحْلَقْ رَأْسُهُ إذَا مَاتَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرٌ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَوْ سَعْيٌ (وَمَنْ طَيَّبَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ (أَوْ أَلْبَسهُ) أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ أَزَالَ شَعْرَهُ أَوْ نَحْوَهَا (عَصَى وَلَا فِدْيَةَ كَمَنْ قَطَعَ عُضْوَ مَيِّتٍ) ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي حَلْقِ شَعْرِ الْمَيِّتِ الْمُحْرِمِ وَلَا فِي تَقْلِيمِ ظُفْرِهِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ؛ لِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ؛ وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (وَيُصَرُّ فِي كَفَنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيضُ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِ الْجِنْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْأَشْبَهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فِيهِ لِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ إلَخْ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ اسْتِحْقَاقِ الْأَجِيرِ الْأُجْرَةَ وُقُوعُ عَمَلِهِ لِمُسْتَأْجِرِهِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُفَوِّضَ، وَإِنْ رَضِيَ بِنَقْلِ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ لَكِنَّهُ فَوَّتَ بِهِ حَقَّ الْمَيِّتِ بِتَفْوِيضِهِ غُسْلَهُ لِغَيْرِ جِنْسِهِ مَعَ كَوْنِ مُرَاعَاةِ حَقِّ الْمَيِّتِ فِيهِ مُتَعَلِّقَةً بِهِ (قَوْلُهُ وَأَقَارِبُ الْكَافِرِ إلَخْ)

[فَصْلٌ التَّقْلِيمُ لِأَظْفَارِ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ]

(قَوْلُهُ كَمَا لَا يُخْتَنُ) قَالَ شَيْخُنَا جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَالْعُبَابِ بِحُرْمَتِهِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَأَنْ لَبَّدَ شَعْرَ رَأْسِهِ إلَخْ) أَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحٌ مَثَلًا وَجَمَدَ دَمُهَا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ فِي قُوتِهِ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْرِمِ وَتَطْيِيبِهِ) قَالَ الْغَزِّيِّ وَلَكِنْ يَفْدِي عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَ الْمُحْرِمِ، وَهُوَ سَاكِتٌ. اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ طَيَّبَ إنْسَانٌ الْمُحْرِمَ فَلَا فِدْيَةَ وَيَعْصِي فَقِيَاسُهُ أَنْ لَا تَجِبَ الْفِدْيَةُ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا أَثَرُ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ «وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» إلَخْ) نَصَّ عَلَى حُكْمَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الْإِحْرَامُ فَوَجَبَ اطِّرَادُ جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ ذِكْرُ الْوَجْهِ غَرِيبٌ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِهِ مِنْ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي حَلْقِ شَعْرِ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُصَرُّ فِي كَفَنِهِ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِاسْتِحْبَابِهِ وَلَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الصَّرُّ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ دَفْنُ مَا وُجِدَ مِنْ جُزْءِ مَيِّتٍ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>