للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ احْتَمَلَ قِدَمُهُ وَحُدُوثُهُ كَبَرَصٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ وَلَا يَثْبُتُ بِيَمِينِهِ حُدُوثُ الْعَيْبِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا صَلَحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ حَقًّا لَهُ هُنَا نَعَمْ لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتنِيهَا وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ آجَرْتُكهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَصَدَّقْنَا الْمَالِكَ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا تُرَدُّ انْتَهَى.

أَمَّا مَا لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَشَيْنِ شَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ أَمْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَمَا لَا يُحْتَمَلُ قِدَمُهُ كَشَجَّةٍ طَرِيَّةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ (فَإِنْ قَالَ) فِي جَوَابِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي إنَّ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأُرِيدُ رَدَّهُ (لَا يَلْزَمُنِي الرَّدُّ) أَيْ قَبُولُهُ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ الرَّدَّ عَلَيَّ بِهَذَا الْعَيْبِ أَوْ إنِّي أَقْبِضُهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ (وَحَلَفَ كَذَلِكَ) أَيْ كَجَوَابِهِ (كَفَى) لِمُطَابَقَةِ الْحَلِفِ الْجَوَابَ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ فِي الْأَخِيرَةِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ وَلَا يُكَلَّفُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِعَدَمِ الْعَيْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يَوْمَ الْقَبْضِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ مَعِيبًا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ نَطَقَ بِهِ صَارَ مُدَّعِيًا مُطَالَبًا بِالْبَيِّنَةِ (وَلَوْ تَعَرَّضَ) فِي الْجَوَابِ (لِنَفْيِ قِدَمِهِ نَفَاهُ) لُزُومًا (فِي الْيَمِينِ) لِيُطَابِقَ الْجَوَابَ وَكَذَا فِي سَائِرِ أَجْوِبَةِ الدَّعَاوَى (بَتًّا) فَيَحْلِفُ لَقَدْ بِعْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ (لَا عِلْمًا) أَيْ لَا نَفْيَ عِلْمٍ فَلَا يَكْفِيهِ بِعْته وَمَا أَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ (وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ إنْ لَمْ يَظُنَّ خِلَافَهُ) وَإِنْ لَمْ يَخْتَبِرْ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَعْلَمْ خَفَايَا أَمْرِهِ

(فَرْعٌ) لَوْ (اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الْعَيْبِ أَوْ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ) أَوْ لَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْحَالَ مِنْ غَيْرِهِمَا وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَكْفِي) أَيْ فِي مَعْرِفَةِ حَالِهِ (إلَّا قَوْلُ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ) بِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْقَفَّالُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَكْفِي وَاحِدٌ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْأَصْلُ شَيْئًا بَلْ حَكَى الْأَوَّلَ عَنْ التَّتِمَّةِ وَالثَّانِيَ عَنْ التَّهْذِيبِ فَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعَ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ أَوْ تَقْصِيرَهُ فِي الرَّدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ مِثْلُ الْعَيْبِ يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى كَقَطْعِ أَنْفٍ أَوْ يَدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا رَضِيت بِهِ لِأَنِّي اعْتَقَدْته الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ اشْتِبَاهُهُ بِهِ وَكَانَ الْعَيْبُ الَّذِي بَانَ أَعْظَمَ ضَرَرًا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اشْتَرَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ دَعْوَى الْعَيْبِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ) عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَلَحَتْ إلَخْ) نَظِيرُهُ الْوَكِيلُ إذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إلَى مُوَكِّلِهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَغَرِمَ الْوَكِيلُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْغُرْمِ عَلَى مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ فَسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ مَثَلًا إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سَالِمًا مِنْ الْعَيْبِ حَمْلًا عَلَى تَجَدُّدِ الْعَيْبِ فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا.

(قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ ذَلِكَ قَاعِدَةً حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ يُثْبِتُ الرَّدَّ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ ظَاهِرٌ مُتَّجَهٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَابْنُ يُونُسَ فِي التَّعْجِيزِ وَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ رَآهُ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَبْرَأَهُ مِنْ عَيْبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْعَيْبَ زَادَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ أَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غُرْمِ أَرْشِ الْعَيْبِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ فَقَالَ هَذَا كَلَامٌ مُتَهَافِتٌ وَمَا قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ فِيهِ شُذُوذٌ لِأَنَّا إذَا صَدَّقْنَا الْمُشْتَرِيَ فِي عَدَمِ الْحُدُوثِ أَثْبَتِنَا الرَّدَّ وَفِي ذَلِكَ فَسْخُ الْعَقْدِ فَلَا يَصْدُقُ وَيَصْدُقُ الْبَائِعُ لِدَعْوَاهُ مَضَاءَ الْعَقْدِ وَيُوَافِقُهُ الْأَصْلُ فَإِنَّ كُلَّ حَادِثٍ يُقَدِّرُ فِيهِ أَقْرَبَ زَمَانٍ وَيَغْرَمُ أَرْشَ مَا اعْتَرَفَ بِقِدَمِهِ لِلْمُشْتَرِي. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ حَسَنٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ الرَّدِّ فَسْخُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلرَّدِّ وَهُوَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ لِلرَّدِّ بَعْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِيهِ بِعْته وَمَا أَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ

[فَرْعٌ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الْعَيْبِ أَوْ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ أَوْ لَا]

(قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ) وَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الدِّيَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ الْحَمْلِ مِنْ قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَإِنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْمَرَضُ وَلَيْسَ بِمَالٍ اهـ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْعَيْبَ فِي النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ) أَيْ وَالْفُورَانِيُّ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>